إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأن يكون في سجوده مخويا على الأرض ولا تكون المرأة مخوية والتخوية رفع البطن عن الفخذين والتفريج بين الركبتين .


(و) ينبغي (أن يكون في سجوده مخويا على الأرض) ، هذا في حق الرجل، (ولا تكون المرأة مخوية) ، ولا يخفى أن هذا قد سبق، (و) ذلك لأن (التخوية) في اللغة هو (رفع البطن عن الفخذين والتفريج بين الفخذين) ، ولذا قال الرافعي بعد أن نقل ما قدمنا ذكره من التفريق بين الركبتين والمرفقين والجنبين، وبين البطن والفخذين: وهذه الجملة يعبر عنها بالتخوية، وهو ترك الخواء بين الأعضاء، روي: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد خوى في سجوده".

قلت: رواه أحمد من حديث البراء بلفظ: "كان إذا سجد بسط كفيه ورفع عجيزته وخوى". ورواه ابن خزيمة والنسائي بلفظ: "كان إذا صلى جخي"، ورواه ابن خزيمة والحاكم من حديثه بلفظ: "كان إذا سجد جخ". يقال: جخ الرجل إذا مد ضبعيه، وقال الهروي : أي فتح عضديه، والتجخية مثله .

(تنبيه) :

قال أصحابنا: ويجافي الرجل بطنه عن فخذيه، وعضديه عن إبطيه؛ لأنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض، ولكن في غير زحمة، وينضم فيها حذرا من الإضرار للجار، والحكمة في المجافاة أن يظهر كل عضو بنفسه، ولا تعتمد الأعضاء بعضها على البعض، وهذا حد القيام في الصفوف؛ لأن المقصود فيه المساواة بين المصلين ليصيروا كالجسد الواحد، فلا يبقى فيما بينهم فرجة يتخللها الشيطان، وفي المجافاة بعد عن صفة الكسالى، فإن المنبسط يشبه الكلب، وتشعر حالته بالتهاون وقلة الاعتناء [ ص: 69 ] بشأن الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية