إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما وظائف القراءة فثلاثة .

: أولها أن يسر بدعاء الاستفتاح والتعوذ كالمنفرد ويجهر بالفاتحة ، والسورة بعدها في جميع الصبح وأوليي العشاء ، والمغرب وكذلك ، المنفرد .

ويجهر بقوله : آمين في الصلاة الجهرية وكذا المأموم .


(ووظائف القراءة ثلاث : أولها أن يسر بدعاء الاستفتاح ) ، وهو قوله : وجهت وجهي . . . إلخ (و) كذا (التعوذ) ، وهو قوله : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (كالمنفرد) ، أي : هو سواء (ويجهر) الإمام (بالفاتحة ، والسورة بعدها في جميع) ركعتي الصبح (وأولى العشاء ، والمغرب ، وكذا المنفرد) ، فإنه يجهر كذلك (ويجهر بقوله : آمين في صلاة الجهر) خاصة اتباعا للسنة . أخرج أبو داود ، والترمذي ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، واللفظ لأبي داود قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ ولا الضالين قال : آمين ، ورفع بها صوته ، ولفظ الترمذي : ومد بها صوته ، وقال : حديث حسن ، ورواه شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي العنبس ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه ، وقال فيه : وخفض بها صوته قال : وسمعت محمدا يقول : حديث سفيان أصح من حديث شعبة ، وأخطأ فيه شعبة في مواضع ، فقال : عن حجر أبي العنبس ، وإنما هو حجر بن العنبس ، ويكنى أبا السكن ، وزاد فيه : عن علقمة ، وليس فيه علقمة ، وإنما هو حجر ، عن وائل ، وقال : وخفض بها صوته ، وإنما هو ومد بها صوته ، وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ، فقال : حديث سفيان أصح من حديث شعبة . أهـ كلام الترمذي .

وأخرج أبو داود ، والترمذي أيضا عن علي بن صالح الأسدي ، عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ، فجهر بآمين ، وسلم عن يمينه ، وشماله ، وسكتا عنه .

وأخرج النسائي ، عن قتيبة ، عن أبي الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه قال : صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما افتتح الصلاة كبر ، ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه ، ثم قرأ فاتحة الكتاب ، فلما فرغ منها قال : آمين يرفع بها صوته .

وأخرج أبو داود ، وابن ماجه ، عن بشر بن رافع ، عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تلا غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول . زاد ابن ماجه ، فيرتج بها المسجد ، ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع الرابع من الخمس الخامس ، ولفظه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع بها صوته ، وقال : آمين .

(فصل)

وقال أصحابنا : يسر بآمين ، كما يسر بالاستفتاح ، والتعوذ ، كما روى محمد بن الحسن في الآثار ، حدثنا أبو حنيفة ، حدثنا حماد ، عن إبراهيم قال : أربع يخفيهن الإمام التعوذ ، والبسملة ، وسبحانك اللهم ، وآمين . أهـ .

وروي ذلك عن ابن مسعود ، ذكره ابن حزم بسند معلق ، وفي مصنف عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن حماد به ، ثم قال : وأخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : خمس يخفيهن الإمام ، فذكرها .

وأخرج أحمد ، والطيالسي ، وأبو يعلى في مسانيدهم ، والطبراني في معجمه ، والدارقطني في سننه ، والحاكم في المستدرك من حديث شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن العنبس ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : آمين ، وأخفى بها صوته ، ولفظ الحاكم : وخفض بها صوته ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وقال الدارقطني : هكذا قال شعبة : وأخفى بها صوته ، ويقال : إنه وهم فيه ؛ لأن سفيان الثوري ، ومحمد بن سلمة بن كهيل ، وغيرهما رووه عن سلمة ، فقالوا : أو رفع بها صوته ، وهو الصواب ، وقال الطبري في تهذيب الآثار : روي الجهر بها عن جماعة من الصحابة : عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وروى النخعي ، والشعبي ، وإبراهيم التميمي أنهم كانوا يخفون بها ، والصواب أن الخبرين بالجهر بها ، والمخافتة صحيحان ، وعمل بكل من فعليه جماعة من العلماء ، وإن كنت أختار خفض الصوت بها ؛ إذ كان أكثر الصحابة والتابعين على ذلك . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية