إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ويقرأ في الظهر بطوال المفصل إلى ثلاثين آية وفي ، العصر بنصف ذلك وفي المغرب بأواخر المفصل .

وآخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب قرأ فيها سورة المرسلات ما صلى بعدها حتى قبض .


(ويقرأ في) صلاة (الظهر بطوال المفصل إلى الثلاثين آية ، و) يقرأ (في العصر) من أوساط المفصل (بنصف ذلك)

[ ص: 200 ] كذلك كان قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهما (وفي المغرب بأواخر المفصل) ، وهي قصارها ، وقد تقدم تحديد الطوال ، والأوساط ، والقصار ، وما فيها من الأقوال .

قال صاحب القوت : وروينا عن ابن مسعود أنه أم الناس ، فقرأ في الركعة الثانية من صلاة العشاء بالعشر الأواخر من سورة آل عمران ، وقرأ في الركعة الأولى العشر الأواخر من سورة الفرقان ، وروينا عن الصنابحي ، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قرأ في الركعة الثانية من صلاة المغرب بعد الحمد ربنا لا تزغ قلوبنا الآية ، فلذلك يستحب أن يقرأ هذه الآية خاصة في الثانية من صلاة المغرب ، ووهم بعض الناس ، فخشي أن يكون هذا تنكيس القرآن ، وليس كذلك ؛ لأنه لو كان كما ذكر لما جاز أن يقرأ القارئ إذا زلزلت ، ثم يقرأ بعدها إنا أنزلناه . أهـ .

ولم يذكر المصنف القراءة في صلاة العشاء .

وأخرج أحمد ، والترمذي ، والنسائي من حديث بريدة الأسلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة العشاء بالشمس وضحاها وأشباهها من السور ، وقد علم من ذلك استحباب القراءة في العشاء بالأوساط ، وقد جاء التصريح به في حديث أبي هريرة عند النسائي من رواية سليمان بن يسار عنه ، وفيه : يقرأ في العشاء بوسط المفصل ، وللبخاري في قصة تطويل معاذ العشاء وأمره بسورتين من أوسط المفصل ، وعند الترمذي من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ في العشاء بسورتين من المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها (وآخر صلاة صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب قرأ فيها بسورة والمرسلات) عرفا (ما صلى بعدها حتى قبض) ، ولفظ القوت : قرأ فيها والمرسلات ما صلى بعدها حتى قبضه الله - عز وجل . قال العراقي : متفق عليه من حديث أم الفضل . أهـ .

ولفظ البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس قال : إن أم الفضل سمعته وهو يقرأ والمرسلات عرفا ، فقالت يا بني ، والله لقد ذكرتني بقراءتك لهذه السورة إنها لآخر ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب . أخرجه في كتاب الصلاة ، والمغازي ، وأخرجه مسلم في الصلاة ، وكذا أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأما ما أخرجه البخاري ، والنسائي من حديث زيد بن ثابت أنه قال منكرا على مروان بن الحكم ما لك تقرأ في المغرب بقصار - يعني المفصل - وقد سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بطولى الطوليين ، أي : بمقدارهما اللذين هما البقرة ، والنساء ، والأعراف ، ووقع عند النسائي تفسيرهما بالمص ، وهو من قول عروة ، وعند أبي داود من طريق ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة هما المائدة ، والأعراف ، وعند الجوزقي الأنعام ، والأعراف ، وعند الطبراني يونس ، والأعراف ، فهو مشكل ، فإنه إذا قرأ هذا القدر دخل وقت العشاء قبل الفراغ ، وقد أجيب بأنه لا يمتنع إذا أوقع ركعة في الوقت ، وإليه مال الإسنوي ، والأذرعي ، وابن المقري ، ويحتمل أنه أراد بالسورة بعضها ، أي : قرأ شيئا منها ، وإنما قلنا ذلك ؛ لأن المستحب القراءة فيها بقصار المفصل ، واختاره صاحباه ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وعند ابن ماجه بسند صحيح ، عن ابن عمر رفعه : كان يقرأ في المغرب بـ قل يا أيها الكافرون ، و قل هو الله أحد ، وكان الحسن يقرأ فيها إذا زلزلت ، والعاديات لا يدعهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية