إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم : من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر طبع الله على قلبه وفي لفظ آخر : فقد نبذ الإسلام وراء ظهره واختلف رجل إلى ابن عباس يسأله عن رجل مات لم ، يكن يشهد جمعة ، ولا جماعة فقال في النار فلم يزل يتردد إليه شهرا يسأله عن ذلك ، وهو يقول في النار .


(وقال - صلى الله عليه وسلم - : من ترك الجمعة) ، أي : صلاتها (ثلاثا) ، أي : ثلاث جمع متوالية (من غير عذر) من الأعذار المذكورة فيما بعد (طبع على قلبه) ، وفي رواية : طبع الله على قلبه ؛ أي : ختم عليه ، وغشاه ، ومنعه الطاعة ، أو جعل فيه الجهل ، والجفاء ، والقسوة ، أو صير قلبه منافقا . قال العراقي : رواه أحمد واللفظ له ، وأصحاب السنن ، والحاكم ، وصححه من حديث أبي الجعد الضمري . أهـ .

قلت : وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة ، وأبو يعلى ، والطبراني ، والبغوي ، والباوري ، وأبو نعيم في المعرفة ، والبيهقي ، وابن حبان ، وحسنه الترمذي ، وأما الحاكم ، فأخرجه في كتاب الكنى ، وفي المناقب من المستدرك ، وليس لأبي الجعد حديث غيره ، كما نقل عن البخاري قال : ولا أعرف له اسما ، لكن ذكر العسكري أن اسمه الأدرع ، وقيل : عمر ، وقيل : جنادة ، صحابي له حديث ، قتل يوم الجمل . أهـ .

وقال الحاكم مرة : هو على شرط مسلم ، عده الحافظ السيوطي من الأحاديث المتواترة ، وقال الذهبي في التلخيص : سنده قوي ، وفي بعض رواياتهم : من ترك ثلاث جمع تهاونا ، والباقي سواء ، ولفظ أبي يعلى وابن حبان : فهو منافق ، بدل قوله : طبع الله على قلبه ، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا عن سمرة بن جندب مرفوعا بلفظ : طمس على قلبه .

وأخرج أحمد ، والحاكم ، والسراج ، وابن الضريس من حديث أبي قتادة مرفوعا بلفظ : من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه .

وأخرج النسائي ، وابن خزيمة ، والحاكم من حديث جابر مثله .

وأخرج أبو يعلى ، وابن خزيمة ، والبيهقي مثله .

وأخرج أبو يعلى ، ومحمد بن نصر من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ، عن عمه مرفوعا : من ترك الجمعة ثلاثا طبع الله قلبه ، وجعل قلبه قلب منافق .

وأخرج المحاملي في أماليه ، والخطيب ، وابن عساكر من حديث عائشة بلفظ : من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير علة ، ولا مرض ، ولا عذر طبع الله على قلبه .

وأخرج الطبراني في الكبير ، والدارقطني في الأفراد من حديث أسامة بن زيد بلفظ : كتب من المنافقين ، وعند الديلمي من حديث أبي هريرة : من ترك الجمعة لم يكن له في تركها عذر كتبه الله في كتابه الذي لا يمحى ، ولا يبدل منافقا إلى يوم القيامة (وفي لفظ آخر : فقد نبذ الإسلام وراء ظهره) قال العراقي : رواه البيهقي في البعث من حديث ابن عباس . أهـ .

قلت : وكذا رواه أبو يعلى ، ولفظه : من ترك ثلاث جمع متواليات ، والباقي سواء . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ، ورواه الشيرازي في الألقاب بلفظ : من ترك أربع جمع متواليات من غير عذر ، والباقي سواء . (واختلف رجل إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - يسأله عن رجل مات ، ولم يكن يشهد جمعة ، ولا جماعة) ، أي : الصلاة معهم (فقال) هو (في النار) ، أي : يستحق دخولها لتركه إياها تهاونا ، واستخفافا (فلم يزل يتردد إليه شهرا يسأله عن ذلك ، وهو) يجيبه (يقول في النار) . هكذا أورده صاحب القوت .

وإنما أجابه ابن عباس بما أجاب تغليظا عليه في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية