إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فمن خلع فلا ينبغي أن يضعهما عن يمينه ويساره ، فيضيق الموضع ويقطع الصف ؛ بل يضعهما بين يديه ولا يتركهما وراءه ، فيكون قلبه ملتفتا إليهما .

ولعل من رأى الصلاة فيهما أفضل راعى هذا المعنى ، وهو التفات القلب إليهما .

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا صلى أحدكم فليجعل نعليه بين رجليه وقال أبو هريرة : لغيره اجعلهما بين رجليك ولا تؤذ بهما مسلما .

ووضعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على يساره .


(فمن خلع) نعليه للاتباع (فينبغي أن لا يضعهما عن يمينه، و) عن (يساره فيضيق الموضع) على المصلين (ويقطع الصف؛ بل يضعهما بين يديه) بحيث إذا سجد يكونان تحت حجره، هذا إذا كان في الصف الثاني، والثالث، فإن كان في الصف الأول، وكان في المسجد طاق، أو دكة، أو شبه ذلك، فلا بأس أن يضعهما هناك (ولا يتركهما وراءه، فيكون قلبه ملتفتا إليهما) ، فيكون سببا لذهاب الخشوع في الصلاة (ولعل من رأى الصلاة فيهما أفضل راعى هذا المعنى، وهو التفات القلب إليهما) ، ولكن روى ابن أبي شيبة، عن ابن عمر أنه كان يضعهما خلفه، فعلم من ذلك أنه جائز؛ أي: إذا أمن من اشتغال القلب بهما (روى أبو هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا

[ ص: 309 ] صلى أحدكم) ، أي: إذا أراد أن يصلي (فليجعل نعليه بين رجليه) .

قال العراقي: أخرجه أبو داود بسند صحيح، وضعفه المنذري، وليس بجيد. اهـ .

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة، عن المقبري، عن أبي هريرة، وأخرجه الحاكم، وصححه، وقال: على شرط مسلم، وأقره الذهبي، ولفظه: إذا صلى أحدكم، فليلبس نعليه، أو ليخلعهما بين رجليه، ولا يؤذي غيره.

(وقال أبو هريرة:) -رضي الله عنه- (لغيره) لما سأله عن النعلين أين يضعهما: (اجعلهما) ، أي: ندبا (بين رجليك) إذا كانتا طاهرتين، أو بعد دلكهما بالأرض (ولا تؤذ بهما مسلما) بأن تضعهما أمامه، أو عن يمينه، أو عن يساره، فإنه يتأذى بهما، وهذا القول أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه. قال: قلت لأبي هريرة: كيف أصنع بنعلي إذا صليت؟ قال: اجعلهما... فساقه (ووضعهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على يساره) . أخرجه أحمد، وابن أبي شيبة، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه من حديث عبد الله بن السائب: حضرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح، وصلى في قبل الكعبة، فخلع نعليه، فوضعهما عن يساره. الحديث، وقد تقدمت الإشارة إليه آنفا، وكان الحافظ العراقي - رحمه الله تعالى - كان قال أولا في المغني أنه أخرجه مسلم، ثم لما قرئ عليه الكتاب ثانيا بحضور جماعة من الفضلاء ضرب على قوله: "مسلم"، وأصلحه، فقال: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، كما رأيته بخطه. والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية