إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثانية راتبة الظهر وهي ست ركعات ؛ ركعتان بعدها ، وهي أيضا سنة مؤكدة وأربع قبلها وهي أيضا سنة ، وإن كانت دون الركعتين الأخيرتين روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من صلى أربع ركعات بعد زوال الشمس يحسن قراءتهن وركوعهن وسجودهن صلى معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى الليل " وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا بعد الزوال يطيلهن ويقول : إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة ، فأحب أن يرفع لي فيها عمل رواه أبو أيوب الأنصاري وتفرد به .


( الثانية) من الرواتب ( راتبة الظهر وهي ست ركعات؛ ركعتان بعدها، وهي أيضا سنة مؤكدة) كتأكيد ركعتي الفجر ( وأربع قبلها وهي أيضا سنة، وإن كانت دون الركعتين الأخيرتين) في التأكيد، والسبب في تأكيد الأخيرتين؛ لأنها سنة متفق عليها بخلاف التي قبلها؛ فإنه اختلف فيها، فقيل: هما ركعتان، وقيل: هي للفصل بين الأذان والإقامة؛ ( روى أبو هريرة رضي الله عنه) ولفظ القوت: روينا عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة ، ( عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صلى أربع ركعات بعد زوال الشمس يحسن قراءتهن وركوعهن وسجودهن صلى معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى الليل") . قال العراقي: ذكره عبد الملك بن حبيب بلاغا من حديث ابن مسعود، ولم أره من حديث أبي هريرة ا هـ .

قلت: وفي المصنف لأبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن بديل، قال: حدثني أبطن الناس بعبد الله بن مسعود أنه كان يصلي في بيته إذا زالت الشمس أربع ركعات يطيل فيهن، فإذا تجاوب المؤذنون خرج فجلس في المسجد حتى تقام الصلاة.

( وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا بعد الزوال يطيلهن) هكذا في القوت، وهو الصواب، وفي غالب نسخ الكتاب: يصليهن ( ويقول: إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة، فأحب أن يرفع لي فيها عمل) قيل: يا رسول الله، فيهن سلام فاصل؟ قال: لا. هكذا هذا الحديث بالزيادة المذكورة في القوت. ( رواه أبو أيوب) خالد بن زيد ( الأنصاري) رضي الله عنه بدري توفي شهيدا بحصار قسطنطينية وبها دفن سنة 51، يقال: إنه وفد على ابن عباس بالبصرة، فقال: إني أخرج عن مسكني كما خرجت لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسكنك، فأعطاه ما أغلق عليه الدار، ولما قفل أعطاه عشرين ألفا وأربعين عبدا، وترجمته واسعة .

( وتفرد به) أي بالحديث المذكور. قال العراقي: أخرجه أحمد بسند ضعيف نحوه، وهو عند أبي داود، وابن ماجه مختصرا، وللترمذي نحوه من حديث عبد الله بن السائب، وقال: حسن. ا هـ .

قلت: قال أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع ، قال أبو أيوب الأنصاري : يا رسول الله، ما أربع ركعات تواظب عليهن قبل الظهر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبواب الجنة تفتح عند زوال الشمس فلا ترتج حتى تقام الصلاة، فأحب أن أقوم". حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا شريك، عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع ، عن علي بن الصلت، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. ا هـ .

وقال الطحاوي: حدثنا علي بن شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبيدة الضبي، ح وحدثنا ربيع الجيزي، حدثنا علي بن معبد، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبيدة، ح وحدثنا ابن مرزوق، حدثنا أبو عامر، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عبيدة، [ ص: 337 ] عن إبراهيم النخعي، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن القرثع، عن أبي أيوب الأنصاري قال: أدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات بعد زوال الشمس، فقلت: يا رسول الله، إنك تدمن هؤلاء الأربع ركعات. فقال: "يا أبا أيوب، إذا زالت الشمس، فتحت أبواب السماء فلم ترتج حتى تصلى الظهر، فأحب أن يصعد لي فيهن عمل صالح قبل أن ترتج". فقلت: يا رسول الله، أفي كلهن قراءة؟ قال: نعم، قلت: بينهن تسليم فاصل؟ قال: لا، إلا التشهد، وحدثنا عبد العزيز بن معاوية القرشي، حدثنا فهد بن حيان، حدثنا شعبة، عن عبيدة، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن القرثع، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع ركعات قبل الظهر لا تسليم بينهن تفتح لهن أبواب السماء. ا هـ .

قلت: وهذا السياق الأخير هو الذي أخرجه أبو داود، والترمذي في الشمائل، وابن خزيمة في الصلاة من حديث أبي أيوب كلهم من طريق عبيدة -وهو ابن متعب الكوفي- ضعفه أبو داود، وقال المنذري: لا يحتج بحديثه، وقرثع. قال الذهبي: ذكره ابن حبان في الضعفاء، ولذا قال يحيى القطان وغيره: إن الحديث ضعيف .

( فصل) في الأربع قبل الظهر من كان يستحبها

قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا جرير، عن أبي سنان، عن أبي صالح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع ركعات قبل الظهر يعدلن بصلاة السحر".

وحدثنا وكيع، عن محمد بن قيس، عن عوف بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال: صليت مع عمر أربع ركعات قبل الظهر في بيته، وحدثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن عمرو بن ميمون، قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتركون أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين قبل الفجر على حال.

وحدثنا عباد بن عوام، عن حصين، عن إبراهيم قال: قال عبد الله: أربع قبل الظهر لا يسلم بينهن إلا أن يتشهد .

وحدثنا وكيع، عن مسعر، عن أبي صخرة، عن عبد الله بن عتبة، قال: رأيت عمر يصلي أربعا قبل الظهر، وحدثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة، عن ابن أبي نمر، عن سعيد بن المسيب : أنه كان يصلي أربعا قبلها، وحدثنا وكيع، عن بشر، عن شيخ من الأنصار، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى أربعا قبل الظهر كن له كعتق رقبة من ولد إسماعيل.

وحدثنا وكيع، عن عكرمة بن عمار، عن سالم، عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الظهر أربعا، وحدثنا يزيد، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير : أنه كان يصلي قبلها أربعا .

وحدثنا يزيد بن هارون، عن الجريري، عن عبد الله بن شفيق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا قبل الظهر.

( فصل) فيما ورد في طولهن

قال أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن قابوس، عن أبيه، قال: أرسل أبي إلى عائشة: أي صلاة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يواظب عليها؟ قالت: كان يصلي أربعا قبل الظهر يطيل فيهن القيام، ويحسن فيهن الركوع والسجود.

وحدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، قال: رأيت ابن عمر يصلي أربعا قبل الظهر يطيلهن .

وحدثنا أبو الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن عمر مثله .

وحدثنا وكيع، عن محمد بن قيس، عن ابن عوف الثقفي: أن الحسن بن علي كان يصلي أربعا قبل الظهر يطيل فيهن. وحدثنا ابن أبي غنية، عن الصلت بن بهرام، عمن حدثه عن حذيفة بن أسيد، قال: رأيت عليا إذا زالت الشمس صلى أربعا طوالا.

وحدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع عن رجل أن عمر قرأ في الأربع قبل الظهر بـ ( ق) .

( فصل) من كان يصلي قبل الظهر ثمان ركعات.

قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع : أن أبا أيوب كان يصلي ثمان ركعات قبل الظهر.

وحدثنا عبدة، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يصلي ثمان ركعات قبل الظهر.

( فصل) من كان يصلي بعد الظهر أربعا.

قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا ابن علية ، عن يونس، عن الحسن: أنه كان يصلي بعد الظهر أربعا .

وحدثنا عبدة، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يصلي بعدها أربعا، وحدثنا أبو أسامة عن عمرو بن حمزة عن شريك بن أبي نمر، عن سعيد بن المسيب ، أنه كان [ ص: 338 ] يصلي بعدها أربعا لا يطيل فيهن.

وحدثنا يزيد بن هارون، عن الأصبغ، عن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير أنه كان يصلي بعدها أربعا .

وحدثنا وكيع، عن عكرمة بن عمار، عن سالم، عن ابن عمر أنه كان يصلي بعدها أربعا .

( فصل)

ومما يدل على تأكد الأربع قبل الظهر قول من قال: إذا فاتتك فصل بعدها أربعا .

قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا شريك، عن هلال الوزان، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته أربع قبل الظهر صلاها بعدها.

وحدثنا وكيع، عن مسعر، عن رجل من بني أود، عن عمرو بن ميمون، قال: من فاتته أربع قبل الظهر صلى بعدها .

( فصل)

أخرج ابن عدي من حديث جرير: من صلى أربع ركعات عند الزوال قبل الظهر يقرأ في كل ركعة: الحمد لله، وآية الكرسي، بنى الله له بيتا في الجنة. الحديث. وقال: إنه غير محفوظ .

وأخرج ابن عساكر من حديث أنس: من صلى قبل الظهر أربعا غفر له ذنوبه يومه.

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن زنجويه والترمذي وقال: حسن غريب. والنسائي وابن ماجه، وابن جرير، عن أم حبيبة: من صلى قبل الظهر أربعا، وبعدها أربعا حرمه الله على النار.

وأخرج الطبراني في الأوسط، عن البراء: من صلى قبل الظهر أربع ركعات، كأنما تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كن كمثلهن من ليلة القدر.

التالي السابق


الخدمات العلمية