إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثالثة راتبة العصر وهي أربع ركعات قبل العصر .

روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " رحم الله عبدا صلى قبل العصر أربعا ففعل " ذلك على رجاء الدخول في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحب استحبابا مؤكدا ؛ فإن دعوته تستجاب لا محالة له ولم تكن مواظبته على السنة قبل العصر كمواظبته على ركعتين قبل الظهر .


( الثالثة راتبة العصر وهي أربع ركعات قبل العصر روى أبو هريرة) رضي الله عنه ( عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رحم الله عبدا صلى أربعا قبل العصر") .

قال العراقي: أخرجه أبو دواد والترمذي وابن حبان من حديث ابن عمر ، وأعله ابن القطان ولم أره من حديث أبي هريرة اهـ .

قلت: حسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، ولفظهم جميعا "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا".

وقال ابن القيم: اختلف فيه؛ فصححه ابن حبان، وضعفه غيره. وقال ابن القطان: سكت عنه عبد الحق متسامحا فيه لكونه من رغائب الأعمال. وفيه محمد بن مهران وهاه أبو زرعة. وقال الفلاس: له مناكير منها هذا الخبر .

قال ابن قدامة: هذا الحديث فيه ترغيب فيها، ولكنها لم تعد من السنن الرواتب بدليل أن ابن عمر راويه لم يحافظ عليها .

( و) قال المصنف: ( فعل ذلك على رجاء الدخول في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحب استحبابا مؤكدا؛ فإن دعوته)صلى الله عليه وسلم ( تستجاب لا محالة) .

ثم أشار إلى أنها لماذا لم تعد من الرواتب، بقوله: ( ولم يكن مواظبته) صلى الله عليه وسلم ( على السنة قبل العصر كمواظبته على ركعتين قبل الظهر) ، وقد جاءت أخبار في سنة العصر منها ما فيه [ ص: 349 ] تعيين أربع ركعات، ومنها ما فيه تعيين ركعتين .

قال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة ، قال: قال ناس من أصحاب علي لعلي: ألا تحدثنا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار التطوع؟ قال: فقال علي: إنكم لن تطيقوها. قال: فقالوا: أخبرنا بها نأخذ منها. قال: فذكر الحديث، وفيه: وصلى قبل العصر أربع ركعات، يسلم في كل ركعتين على الملائكة المقربين والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين.

قلت: وروى الترمذي وحسنه من حديث علي قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة : "من صلى قبل العصر أربعا غفر الله له مغفرة عزما". ولعل هذا الحديث الذي عناه المصنف من حديث أبي هريرة في فضل هذه الركعات .

وأخرج الطبراني عن ابن عمرو بلفظ: حرمه الله على النار. وأيضا عن أم سلمة بلفظ: حرم الله بدنه على النار. وابن النجار عن علي بلفظ: حرم الله لحمه على النار.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمرو بلفظ: لم تمسه النار. وفيه حجاج بن نضير ضعفه الأكثرون .

وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة والنسائي من حديث أبي هريرة : "من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة". فذكر الحديث، وفيه ركعتين، أظنه قال: قبل العصر، وقد تقدم أن هذا الحديث فيه محمد بن سليمان الأصبهاني، وهو ضعيف .

وأخرج ابن أبي شيبة، عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يستحبون قبل العصر ركعتين إلا أنهم لم يكونوا يعدونهما من السنة .

وأخرج عن الشعبي أنه سأل عن الركعتين قبل العصر، فقال: إن كنت تعلم أنك تصليهما قبل أن يقيم فصل. ومما يدل على عدم تأكد سنة العصر ما أخرجه ابن أبي شيبة عن جماعة من التابعين أنهم ما كانوا يصلونها منهم أبو الأحوص، والحسن البصري، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن جبير، وعد صاحب الهداية من أصحابنا السنن فذكر فيها: وأربع قبل العصر وإن شاء ركعتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية