إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة قال ذلك لما مات ولده إبراهيم صلى الله عليه وسلم وكسفت الشمس فقال الناس : إنما كسفت لموته .


( فإذا رأيتم ذلك) أي: الكسوف في أحدهما ( فافزعوا) أي: فالجؤوا ( إلى ذكر الله) واستغفاره، ( وإلى الصلاة) أي: بادروا إليها .

( قال ذلك لما مات ولده إبراهيم) عليه السلام بالمدينة في السنة العاشرة من الهجرة، كما عليه جمهور السير في ربيع الأول أو في رمضان أو في ذي الحجة في عاشر الشهر وعليه الأكثر، أو في أربعة، أو في رابع عشرة، ولا يصح شيء منها مع قول ذي الحجة؛ لأنه قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم شهد وفاته من غير خلاف، لا ريب أنه صلى الله عليه وسلم كان آنذاك بمكة في حجة الوداع، لكن قيل: إنه كان في سنة تسع؛ فإن ثبت صح ذلك .

وجزم النووي بأنها كانت سنة الحديبية، ويجاب بأنه رجع منها في آخر القعدة، فلعلها كانت في أواخر الشهر، وسيأتي لذلك عود في آخر الباب .

( وكسفت الشمس) بفتح الكاف والسين والفاء، وفي أوائل الثقات لابن حبان أن الشمس كسفت في السنة السادسة، فصلى عليه الصلاة والسلام صلاة الكسوف، وقال: إن الشمس والقمر آيتان.. الحديث، ثم كسفت في السنة العاشرة يوم مات ابنه إبراهيم ( فقال الناس: إنما كسفت لموته) أخرجه البخاري [ ص: 429 ] في الصلاة، وفي الأدب، وأخرجه مسلم في الصلاة، كلاهما من حديث المغيرة بن شعبة، ولفظ البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا شيبان أبو معاوية، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، قال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم فصلوا، وادعوا الله".

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف عن مصعب بن المقدام : أخبرنا زائدة قال: قال زياد بن علاقة : سمعت المغيرة بن شعبة يقول: انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف".

وأخرجه البخاري في باب الدعاء في الخسوف، عن أبي الوليد، حدثنا زائدة، حدثنا زياد بن علاقة فساقه مثله سواء.. إلا أنه قال حتى ينجلي .

وهذه الصلاة رواها البخاري في صحيحه أيضا من حديث أبي بكرة، وابن مسعود، وابن عمر، وعائشة، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس ، وأسماء بنت أبي بكر، وأبي موسى الأشعري، فهؤلاء مع المغيرة بن شعبة تسعة، وفي المصنف لأبي بكر بن أبي شيبة من حديث ابن مسعود، والنعمان بن بشير، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس ، وعائشة، وجابر، والسائب بن مالك، وعلي بن أبي طالب، وأبي بكرة، وأسماء، وعبد الرحمن بن سمرة، وسمرة بن جندب، وابن عمر، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم، وفي سياق أحاديثهم طول كثير، ولكن نشير إلى بعض ذلك:

ففي حديث أبي بكرة عند البخاري : "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتموهما فصلوا، وادعوا حتى يكشف ما بكم". وفي رواية أخرى عنه: "لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده".

وفي حديث ابن مسعود عنده: "لموت أحد من الناس، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فقوموا فصلوا". وفي رواية أخرى عنه: فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة. وفي حديث ابن عمر عنده: لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله عز وجل، فإذا رأيتموهما فصلوا.

وفي حديث عائشة عنده: لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله فكبروا وصلوا وتصدقوا. وفي رواية أخرى لها عنده: لا ينخسفان لموت أحد، ولا لحياته؛ فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة.

وفي حديث ابن عباس عنده: فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله.

وفي حديث أبي موسى : هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره.

وحديث أبي بكرة أخرجه أيضا مسلم والنسائي وابن ماجه . وحديث ابن عمر أخرجه أيضا مسلم والنسائي . وحديث عبد الله بن عمرو عند مسلم والنسائي . وحديث عائشة عند مسلم وأبي داود وابن ماجه .

وفي حديث عبد الله بن عمر، وعند أبي بكر بن أبي شيبة : فإذا انكسفت إحداهما فافزعوا إلى المساجد.

وفي حديث عائشة عنده: فإذا رأيتموهما فصلوا وتصدقوا .

وفي حديث جابر عنده: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بطوله. وفيه: لا ينكسفان لموت نفس، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى ينجلي.

وفي حديث أبي بكرة عنده، فإذا كان كذلك فصلوا حتى ينجلي .

وحديث جابر عند مسلم، وحديث علي عند أحمد، وحديث ابن عمر عند البزار .

وأخرج النسائي عن أبي هريرة ، والطبراني عن أم سفيان.

التالي السابق


الخدمات العلمية