إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والنظر في كيفيتها ووقتها ؛ أما الكيفية فإذا كسفت الشمس في وقت الصلاة فيه مكروهة أو غير مكروهة نودي الصلاة جامعة .


( والنظر في كيفيتها ووقتها؛ أما الكيفية فإذا انكسفت الشمس) بفتح الكاف والسين والفاء ( في وقت مكروه أو غير مكروه) في أي وقت كان على العموم، ولا يخص بها وقت دون وقت، فهي مسنونة على التأكيد، في كل حال، فهم ذلك من مبادرته صلى الله عليه وسلم لها باتفاق الروايات، فلا وقت لها معين إلا رؤية الكسوف في كل وقت من النهار، وبه قال الشافعي وغيره؛ لأن المقصود إيقاعها قبل الانجلاء. وقد اتفقوا على أنها لا تقضى بعد الانجلاء، فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله [ ص: 430 ] فيفوت المقصود خلافا لأبي حنيفة؛ فإنه استثنى أوقات الكراهة، وهو مشهور مذهب أحمد، وعن المالكية: وقتها من وقت حل النافلة إلى الزوال؛ كالعيدين فلا يصلي قبل ذلك لكراهية النافلة حينئذ. نص عليه الباجي ونحوه في المدونة .

( ونودي الصلاة جامعة) أي: ذات جماعة حاضرة، وأخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس بعث مناديا ينادي أن الصلاة جامعة. وأخرجا والنسائي أيضا من حديث عبد الله بن عمر: ولما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي: إن الصلاة جامعة. وظاهر ذلك أنه كان قبل اجتماع الناس، وليس فيه أنه بعد اجتماعهم نودي: الصلاة جامعة، حتى يكون ذلك بمنزلة الإقامة التي يعقبها الفرض، ومن ثم لم يعول في الاستدلال على أنه لا يؤذن لها، ولأنه يقال فيها: الصلاة جامعة. إلا ما أرسله الزهري، قال في الأم: ولا أذان للكسوف، ولا لعيد، ولا لصلاة غير مكتوبة، وإن أمر الإمام من يفتح الصلاة جامعة أحببت ذلك له؛ فإن الزهري يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن في صلاة العيدين أن يقول: الصلاة جامعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية