إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما السنن فست تأخير السحور
(وأما السنن فست) وعبارته في الوجيز القول في السنن وهي ثمان فزاد اثنين وهما كف اللسان والنفس عن الهذيان والشهوات وتعجيل غسل الجنابة على الصبح أما الأولى : فسيأتي ذكرها للمصنف في صوم الخصوص قريبا ونتكلم عليها هناك وأما تقديم غسل الجنابة أي : عن الجماع والاحتلام على الصبح ولو أخره عن الطلوع لم يفسد صومه وهذه قد تقدم ذكرها فلم يحتج إلى ذكرها ثانيا : ودليله ما في الخبر : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبا من جماع أهله ثم يصوم " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة وأم سلمة زاد مسلم : "ولا يقضي " في حديث أم سلمة وزادها ابن حبان في حديث عائشة وما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال : "من أصبح جنبا فلا صوم له " أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة محمول عند الأئمة على ما إذا أصبح مجامعا واستدامه مع علمه بالفجر هكذا قاله الرافعي وأولى منه ما قاله ابن المنذر : أحسن ما سمعت في هذا الحديث أنه منسوخ لأن الجماع في أول الإسلام كان محرما على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر كان للجنب إذا أصبح قبل الاغتسال وكان أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل على الأمر الأول ولم يعلم النسخ فلما علمه من حديث عائشة وأم سلمة رجع إليه. أهـ .

ولو طهرت الحائض ليلا ونوت الصيام ثم اغتسلت بعد طلوع الفجر صح صومها أيضا وهذا أيضا قد تقدم ذكره ولنعد إلى شرح السنن الست التي ذكرها المصنف هنا :

الأولى : (تأخير السحور ) اعلم أن التسحر مندوب إليه قال -صلى الله عليه وسلم- : "تسحروا فإن في السحور بركة " متفق عليه من حديث أنس ورواه النسائي وأبو عوانة في صحيحه من حديث أبي ليلى الأنصاري ورواه النسائي والبزار من حديث ابن مسعود والنسائي من وجهين عن أبي هريرة وأخرجه البزار من حديث قرة بن إياس المزني .

وروى ابن ماجه والحاكم من حديث ابن عباس بلفظ : "استعينوا بطعام السحر على صيام النهار وبقيلولة النهار على قيام الليل " .

وشاهده عند ابن حبان من حديث ابن عمر : "إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين " .

وفيه عنه : "تسحروا ولو بجرعة من ماء " .

ويستحب تأخيره ما لم يقع في مظنة الشك روي : "أنه -صلى الله عليه وسلم- وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله -صلى الله عليه وسلم- : إلى الصلاة فصلى ، قال : قلنا لأنس : كم كان بين فراغهما وسحورهما ودخولهما في الصلاة ؟ قال : قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية " رواه البخاري عن أنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية