إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والاعتكاف في المسجد لا سيما في العشر الأخير فهو عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا دخل العشر الأواخر طوى الفراش وشد المئزر ودأب وأدأب أهله أي أداموا : النصب في العبادة
(و) السادسة (الاعتكاف) وهو في اللغة الإقامة على الشيء ولزومه وحبس النفس عليه ومنه قوله تعالى : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون وأما في الشريعة فقد فسره المصنف في الوجيز باللبث (في المسجد) ساعة مع الكف عن الجماع وهو سنة مؤكدة (لا سيما في العشر الأخير) من رمضان وقال القدوري من أصحابنا هو مستحب وقال صاحب الهداية الصحيح أنه سنة مؤكدة لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- واظب عليه في العشر الأخير من رمضان والمواظبة دليل السنة والحق أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام : واجب وهو المنذور ، وسنة وهو في العشر الأخير من رمضان ، ومستحب في غيره من الأزمنة (فهي عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا دخل العشر الأواخر طوى الفراش وشد المئزر ودأب وأدأب معه أهله ) .

قال العراقي : متفق عليه من حديث بلفظ : "أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر " . أهـ .

ثم فسر المصنف دأب فقال : (أي : أدام) وفي نسخة أداموا (النصب) أي : التعب (في العبادة) ثم إن استحباب الاعتكاف مجمع عليه كما حكاه غير واحد وتقدم التصريح بأنها سنة مؤكدة وحكى ابن العربي عن أصحابهم أنهم يقولون في كتبهم : الاعتكاف جائز قال وهو جهل . أهـ . وقال في المدونة عن مالك : لم يبلغني أن أحدا من السلف ولا ممن أدركته اعتكف إلا أبو بكر بن عبد الرحمن وليس بحرام ولكن لشدته وإن ليله ونهاره سواء فلا ينبغي لمن لا يقدر أن يفي بشروطه أن يعتكف . أهـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية