إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
السابعة في الحراسة ينبغي أن يحتاط بالنهار فلا ، يمشي منفردا خارج القافلة ؛ لأنه ربما يغتال أو ينقطع ويكون بالليل متحفظا عند النوم فإن نام في ابتداء الليل افترش ذراعه ، وإن نام في آخر الليل نصب ذراعه نصبا ، وجعل رأسه في كفه ، هكذا كان ينام رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره لأنه ربما استثقل النوم فتطلع الشمس وهو لا يدري فيكون ما يفوته من الصلاة أفضل مما يناله من الحج ، والأحب في الليل أن يتناوب الرفيقان في الحراسة . فإن ، نام أحدهما حرس الآخر فهو ، السنة فإن قصده عدو ، أو سبع في ليل ، أو نهار ، فليقرأ آية الكرسي وشهد الله والإخلاص ، والمعوذتين ، وليقل : بسم الله ، ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله ، حسبي الله ، توكلت على الله ، ما شاء الله ، لا يأتي بالخير إلا الله ، ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلا الله ، حسبي الله ، وكفى ، سمع الله لمن دعا ، ليس وراء الله منتهى ، ولا دون الله ملجأ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ، تحصنت بالله العظيم واستغثت ، بالحي الذي لا يموت ، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واكنفنا ، بركنك الذي لا يرام ، اللهم ارحمنا بقدرتك علينا فلا ، نهلك ، وأنت ثقتنا ، ورجاؤنا ، اللهم أعطف علينا قلوب عبادك وإمائك برأفة ورحمة إنك أنت أرحم الراحمين .


(السابعة في الحراسة) ، أي : الحفظ ، والحماية (فينبغي أن يحتاط بالنهار ، ولا يمشي منفردا ) عن أصحابه (خارجا عن القافلة ؛ لأنه ربما يغتال) من عدو ، أو سبع (أو ينقطع) فلا يهتدي للطريق ، أو لا يمكنه الوصول إليهم ، ولكن إذا فارقهم ، وبعد عنهم قليلا بحيث يتراءون لقضاء الحاجة ، فلا بأس (ويكون بالليل متحفظا عند النوم) متيقظا في أحواله (فإن نام في أول الليل افترش ذراعه ، وإن نام في آخر الليل نصب ذراعه ، وجعل رأسه في كفه ، هكذا كان ينام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أسفاره ) قال العراقي : رواه أحمد ، والتي في الشمائل من حديث أبي قتادة بسند صحيح ، وعزاه أبو مسعود ، والدمشقي ، والحميدي إلى مسلم ، ولم أره فيه . أهـ .

قلت : وجدت بخط الشيخ زين الدين القرشي الدمشقي المحدث في هامش نسخة العراقي ما نصه : ليس هو بصحيح في مسلم ، وإنما هو زيادة وقعت في حديث أبي قتادة الطويل في نوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في الوادي ، فأصل الحديث في مسلم دون هذه الزيادة التي وقعت في بعض رواياته في السند ، وعزاه ابن الجوزي في جامع المسانيد بجميع رواياته إلى مسلم ، وليس كذلك ، ولفظ هذه الزيادة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عرس وعليه ليل توسد يمينه ، وإذا عرس الصبح وضع رأسه على كفه اليمنى ، وأقام ساعده .

(فإنه ربما يستثقل في النوم فتطلع الشمس وهو لا يدري فيكون ما يفوته من الصلاة أفضل مما يناله من الحج ، والأحب بالليل أن يتناوب الرفيقان في الحراسة ، فإذا نام أحدهما حرس الآخر ، وذلك هو السنة ) قال العراقي : رواه البيهقي من طريق ابن إسحق من حديث جابر في حديث فيه : فقال الأنصاري للمهاجري : أي الليل أحب إليك أن أكفيك أوله ، أو آخره ؟ فقال : لا ، بل اكفني أوله فاضطجع المهاجري . . . الحديث ، والحديث عند أبي داود ، لكن ليس فيه قول الأنصاري للمهاجري (فإن قصده عدو ، أو سبع في ليل ، أو نهار ، فليقرأ آية الكرسي) إلى خالدون (وشهد الله أنه لا إله إلا هو) إلى قوله : الإسلام ، والآية التي بعدها إلى قوله : بغير حساب (وسورة الإخلاص ، والمعوذتين ، وليقل : بسم الله ، ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله ، حسبي الله ، توكلت على الله ، ما شاء الله ، لا يأتي بالخيرات إلا الله ، ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلا الله ، حسبي الله ، وكفى ، سمع الله لمن دعا ، ليس وراء الله منتهى ، ولا دون الله ما كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ، تحصنت بالله العظيم ، واستعنت بالحي الذي لا يموت ، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واكفنا بركنك الذي لا يرام ، اللهم ارحمنا بقدرتك علينا ، ولا نهلك ، وأنت ثقتنا ، ورجاؤنا ، اللهم أعطف علينا قلوب عبادك وإمائك برأفة ورحمة إنك أنت أرحم الراحمين) .

أما قراءة آية الكرسي ، فأخرج الديلمي في مسنده من حديث أبي قتادة مرفوعا : من قرأ آية الكرسي عند الكرب أغاثه الله تعالى ، وسنده ضعيف . وأخرج الطبراني ، وابن السني من طريق عمرو بن سمرة ، عن أبيه ، عن يزيد بن مرة ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة قلتها ، فقلت : بلى جعلني الله فداءك ، فرب خير قد علمتنيه ، قال : إذا وقعت في ورطة فقل : بسم الله الرحمن الرحيم ، لا حول ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية