إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ويتمم غسله بالتنظيف ويسرح لحيته ورأسه ويقلم أظفاره ويقص شاربه ويستكمل النظافة التي ذكرناها في الطهارة .

الثاني : أن يفارق الثياب المخيطة ويلبس ثوبي ، فيرتدي ويتزر بثوبين أبيضين فالأبيض هو أحب الثياب إلى الله عز وجل ، ويتطيب في ثيابه وبدنه
(وتم غسله بالتنظيف) ، والإزالة (فيسرح رأسه) إن كان ذا شعر بالمشط ، وكذا لحيته (ويقلم أظفاره) بالوجه المذكور سابقا (ويقص شاربه) حتى يبدو الإطار ، ويحلق عانته (ويستكمل النظافة التي ذكرناها في) كتاب أسرار (الطهارة) من غسل البراجم ، والرواجب ، وغيرها ، وكل ذلك من الفطرة الإسلامية .

(الثاني : أن يفارق الثياب المخيطة ) ، أي : يتجرد عنها ، إذ ليس للمحرم لبس المخيط (فيلبس ثوب الإحرام ، فيرتدي) برداء يكون على الظهر ، والأكتاف (ويتزر) بإزار يكون من السرة إلى الركبة ، ويلبس النعلين لما روى أبو عوانة في صحيحه من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال . . . فذكر الحديث ، وفيه : وليحرم أحدكم في إزار ورداء ، ونعلين (بثوبين أبيضين) هما الإزار ، والرداء (فالأفضل من الثياب البياض ، وهي أحب الثياب إلى الله تعالى) كما ورد في الخبر ، وسبق ذكره في كتاب الجمعة .

وروى الخمسة غير النسائي من حديث ابن عباس : خير ثيابكم البيض ، فكفنوا فيها موتاكم ، والبسوها . قال الترمذي : صحيح . قال الرافعي : وليكونا جديدين ، فإن لم يجد ، فليكونا غسيلين ، ويكره له لبس المصبوغ ؛ لما روي عن عمر أنه رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبين مصبوغين وهو حرام ، فقال : أيها الرهط ، إنكم أئمة يهتدى بكم ، فلا يلبس أحدكم من هذه الثياب المصبغة .

قال الحافظ في تخريجه : رواه مالك في الموطأ عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر يحدث عبد الله بن عمر رأى على طلحة ثوبا مصبوغا فذكر نحوه ، وأتم منه ، وقال أصحابنا : يلبس ثوبين جديدين ، أو غسيلين . قالوا : وفي ذكر الجديد نفي لقول من يقول بكراهة الجديد عند الإمام ، وإنما استحبوا الجديد ؛ لأنه أنظف ؛ لأنه لم تركبه النجاسة ، والأولى أن يكونا أبيضين ؛ لأنه خير الثياب [ ص: 334 ] وقد علم من كلام المصنف أن المعدود من السنن إنما هو التجرد بالصفة المذكورة ، فأما مجرد مفارقة الثياب ، فلا يعد من السنن ؛ لأن ترك لبس المخيط في الإحرام لازم ، ومن ضرورة لزومه التجرد قبل الإحرام (ويتطيب في بدنه وثيابه) لما في الصحيحين من حديث عائشة : كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت.

التالي السابق


الخدمات العلمية