إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الجملة الخامسة في السعي .

فإذا فرغ من الطواف فليخرج من باب الصفا وهو في محاذاة الضلع الذي بين الركن اليماني والحجر فإذا خرج من ذلك الباب وانتهى إلى الصفا وهو جبل فيرقى فيه درجات في حضيض الجبل بقدر قامة الرجل رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت له الكعبة .


(الجملة الخامسة في السعي)

بين الصفا والمروة وله وظائف : منها ما هي واجبة ، ومنها ما هي سنة وقد ذكر المصنف هنا واجباته مخلوطة بسننه فقال : (فإذا خرج من الطواف) أي : بعد صلاته ركعتين واستلامه الحجر والركن وشربه ماء زمزم (فليخرج من باب الصفا) أحد أبواب الحرم من جهة الصفا وهو باب بني مخزوم ، والصفا مقصورا الحجارة ويقال : الحجارة الملس الواحدة صفاة كحصاة وحصى وهو اسم موضع بمكة سمي الباب به ويجوز في الصفا التذكير والتأنيث باعتبار المكان والبقعة (وهذا) أي : باب الصفا (في محاذاة) أي : مقابلة (الضلع بين الركن اليماني والحجر الأسود فإذا خرج من ذلك الباب وانتهى إلى الصفا وهو جبل فيرقى فيه درجا في حضيض الجبل) أي أسفله (بقدر قامة الرجل رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حتى بدت له الكعبة) .

قال العراقي : رواه مسلم في حديث جابر فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت ، وله من حديث أبي هريرة : أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت . . أهـ . قلت : وأخرج سعيد بن منصور عن نافع قال : كان عبد الله بن عمر يخرج إلى الصفا فيبدأ به فيرقى حتى يبدو له البيت فيستقبله ولا ينتهي في كل ما حج واعتمر حتى يرى البيت من الصفا والمروة ثم يستقبله منهما ، وقال أصحابنا : ويخرج إلى الصفا من أي باب شاء وإنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من باب بني مخزوم لأنه كان أقرب الأبواب إلى الصفا لا أنه سنة هذه عبارة الهداية .

وأخرج الطبراني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد إلى الصفا من باب بني مخزوم وإسناده ضعيف ولكن له شاهد عن عطاء مرسل عند أبي شيبة وهو صحيح وأخرج أحمد والنسائي وابن حبان بلفظ : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة طاف بالبيت سبعا ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يخرج إليه منه ، قال ابن عمر : هو سنة فقول صاحب الهداية : "لا أنه سنة " مخالف لما روى ابن عمر لكنه موافق لكلام أهل المذهب ففي البدائع وغيره : أن الخروج من باب الصفا ليس بسنة بل هو مستحب فيجوز الخروج من غيره بدون الإساءة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية