إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثالث في وجه القسمة أما من ختم في الأسبوع مرة فيقسم القرآن سبعة أحزاب فقد حزب الصحابة رضي الله عنهم أحزابا فروي أن عثمان رضي الله عنه كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة ، وليلة السبت بالأنعام إلى هود ، وليلة الأحد بيوسف إلى مريم ، وليلة الاثنين بطه إلى طسم موسى ، وفرعون ، وليلة الثلاثاء بالعنكبوت إلى ص ، وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمن ، ويختم ليلة الخميس .

وابن مسعود كان يقسمه أقساما لا على هذا الترتيب وقيل : أحزاب القرآن سبعة فالحزب الأول ثلاث سور ، والحزب الثاني خمس سور ، والحزب الثالث سبع سور ، والرابع تسع سور ، والخامس إحدى عشرة سورة ، والسادس ثلاث عشرة سورة ، والسابع المفصل من ق إلى آخره .

فهكذا حزبه الصحابة رضي الله عنهم ، وكانوا يقرؤونه كذلك ، وفيه خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا قبل أن تعمل الأخماس والأعشار والأجزاء فما سوى هذا محدث .


(الثالث في وجه القسمة أما من ختم في الأسبوع مرة) كما عليه أكثر السلف، (فيقسم القرآن سبعة أحزاب فقد حزب الصحابة رضوان الله عليهم القرآن أحزابا) ، وأصل الحزب الورد يعتاده الإنسان من صلاة، وقراءة ونحو ذلك .

قال صاحب القوت: وليقرأ القرآن أحزابا في كل يوم وليلة حزب فذلك أشد لمواطأة القلب، وأقوم للترتيب وأدنى إلى الفهم، وإن أحب قرأ في كل ركعة ثلث عشر القرآن، أو نصف ذلك يكون من أجزاء الثلاثين في كل ركعة، أو ركعتين، وإن قرأ في كل ورد حزبا، أو حزبين، أو دون ذلك فحسن، (فروي أن عثمان - رضي الله عنه - كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة، وليلة السبت بالأنعام إلى هود، وليلة الأحد بيوسف إلى مريم، وليلة الاثنين بطه إلى طسم موسى، وفرعون، وليلة الثلاثاء بالعنكبوت إلى ص، وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمن، ويختم ليلة الخميس ) .

قال صاحب القوت: روينا عن يحيى بن الحارث الزماري، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يفتتح فساقه .

قلت: وأخرجه أيضا ابن أبي داود في كتاب الشريعة من طريق القاسم هذا بسند لين، وثبت أن عثمان - رضي الله عنه - كان يختم القرآن في ركعة ، كما تقدمت إليه الإشارة، قال أبو عبيد: حدثنا هاشم، حدثنا منصور، عن ابن سيرين، قال: قالت امرأة عثمان حين دخلوا عليه ليقتلوه إن تقتلوه، أو تدعوه فقد كان يحيي الليل في ركعة يجمع فيها القرآن، وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن ابن سيرين بنحوه، وهذا يدل على أنه كانت له أحوال مختلفة في ختم القرآن .

ثم قال صاحب القوت: (و) روينا عن (ابن مسعود) أنه (كان يقسمه سبعة أقسام) في سبع ليال، ولكنه (لا على هذا الترتيب) ; لأن تأليفه على غير ترتيب مصحفنا هذا فلم يذكر هنا; لأن الاعتبار لا يستبين به، وقد ذكر ترتيب مصحفه القسطلاني في شرح البخاري، ثم قال صاحب القوت (وقيل: أحزاب القرآن سبعة فالحزب الأول ثلاث سور، والحزب الثاني خمس سور، والحزب الثالث سبع سور، والرابع تسع سور، والخامس إحدى عشرة، والسادس ثلاث عشرة سورة، والسابع المفصل من ق إلى آخره) ، وهو الذي يعبر عنه بعض القراء، 7 يسوق من الفاتحة إلى المائدة، ومنها إلى يونس، ثم منها إلى بني إسرائيل، ثم منها إلى الشعراء، ثم منها إلى والصافات، ثم منها إلى ق إلى آخر القرآن، (فهكذا) كانت أحزاب القرآن، وكذلك (حزبه الصحابة رضي الله عنهم، وكانوا يقرؤنه كذلك، وفيه خبر) وارد (عن النبي صلى الله عليه وسلم) ، وكأنه حزب على عدد الآي إذ عددها ستة آلاف ومائتا آية وست وثلاثون آية .

قال صاحب القوت: وقد اعتبرت ذلك في كل حزب فرأيته يتقارب، (وهذا قبل أن تعمل الأخماس والعواشر والأجزاء فما سوى هذا محدث) ، وأما الخبر المذكور في التخريب، فقال العراقي رواه أبو داود وابن ماجه من حديث أوس بن حذيفة في حديث فيه: أنه طرأ علي حزبي من القرآن ، قال أوس: فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل، وفي رواية للطبراني فسألنا أصحاب [ ص: 476 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئ القرآن؟ فقالوا: كان يجزئه ثلاثا فذكره مرفوعا، وإسناده حسن اهـ .

قلت: رواه أبو داود عن مسدد، عن قران، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن جده أوس بن حذيفة ورواه الطبراني من وجهين الأول عن معاذ بن المثنى، عن مسدد والثاني عن فضيل بن محمد المطلي، عن أبي نعيم، عن الطائفي ولفظ الطبراني: قال أوس: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فأبطأ علينا ذات ليلة فقال: إنه طرأ علي حزبي من القرآن فكرهت أن أخرج حتى أقضيه الحديث .

(تنبيه) .

قال الحافظ في تخريج الأذكار لم يقع في أكثر الروايات في حديث

أوس نسبة تحزيب القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم صريحا، والذي وقع فيها بلفظ كيف يحزبون القرآن، ولم يقع أيضا في أكثرها تعيين أول المفصل، وقد ذكره عبد الرحمن بن مهدي في روايته، فقال: من ق إلى أن يختم، ومقتضاه أنه ابتدأ في الغد بالبقرة، وكأنه لم يذكر الفاتحة; لأنه يبتدأ بها في أول ركعة، وغالب تلاوتهم كانت في الصلاة اهـ .

فقول المصنف تبعا لصاحب القوت، وفيه خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم محل تأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية