إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الباب الثاني: في آداب الدعاء وفضله وفضل بعض الأدعية المأثورة وفضيلة الاستغفار والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فضيلة الدعاء .


( الباب الثاني: في آداب الدعاء وفضل بعض الأدعية المأثورة)

وفضيلة الاستغفار، وفضيلة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

( فضيلة الدعاء)

ولنذكر قبل الشروع في هذا الفصل بيان حقيقة الدعاء لغة وشرعا، وقد تقدم لنا في الباب الذي قبله أن الدعاء من الألفاظ المشتركة، فذكرت هناك إجمالا من غير ذكر الشواهد، والآن أذكره مع الشواهد:

أما لغة: فأصل هذه الكلمة: مصدر، من دعوت الشيء أدعوه دعاء، أقاموا المصدر مقام الاسم، تقول: سمعت دعاء، كما تقول: سمعت صوتا، ويطلق ويراد به التوحيد، كما في قول الله تعالى: وأنه لما قام عبد الله يدعوه وقوله: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ويطلق ويراد به الاستغاثة، ومنه: وادعوا شهداءكم من دون الله أي: استغيثوا، ويطلق ويراد به النداء، ومنه قوله: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وقوله: قالت إن أبي يدعوك ليجزيك ومنع القرافي كونه هنا بمعنى الطلب؛ لاستحالته. قال الزركشي: وليس كما قال؛ لصحة: يطلبك ليجزيك .

ويطلق ويراد به السؤال والطلب، وهو المراد هنا، ومنه قوله: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم وهو الأصل مصدر .

وأما حقيقته اصطلاحا: فمعنى قائم بالنفس، وهو نوع من أنواع الكلام النفسي، وله صيغ تخصه، في الإيجاب: افعل، وفي النفي: لا تفعل، وقد اجتمعا في قوله: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا الآية .

وقال الخطابي: حقيقة الدعاء استدعاء العبد ربه العناية، واستمداده إياه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إليه، والبراءة من الحول والقوة التي له، وهو بسمة العبودية، وإظهار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله تعالى، وإضافة الوجود [ ص: 28 ] والكرم إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية