إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
دعاء إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه .

روى إبراهيم بن بشار خادمه أنه كان يقول هذا الدعاء في كل يوم جمعة إذا أصبح وإذا أمسى مرحبا بيوم المزيد والصبح الجديد ، والكاتب والشهيد ، يومنا هذا يوم عيد اكتب لنا فيه ما نقول بسم الله الحميد المجيد الرفيع الودود الفعال في خلقه ما يريد ، أصبحت بالله مؤمنا ، وبلقائه مصدقا ، وبحجته معترفا ، ومن ذنبي مستغفرا ، ولربوبية الله خاضعا ولسوى الله في الآلهة جاحدا وإلى الله فقيرا وعلى الله متكلا وإلى الله منيبا أشهد الله وأشهد ملائكته وأنبياءه ورسله وحملة عرشه ومن خلقه ومن هو خالقه بأنه هو الله الذي لا إله إلا هو ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وأن الجنة حق وأن النار ، حق ، والحوض حق ، والشفاعة حق ، ومنكرا ونكيرا حق ، ووعدك حق ووعيدك حق ، ولقاءك حق ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور على ، ذلك أحيا ، وعليه أموت ، وعليه أبعث إن شاء الله .

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني ، وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك اللهم من شر ما صنعت ومن شر كل ذي شر .

اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي ؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله بيديك أنا لك وإليك أستغفرك وأتوب إليك ، آمنت اللهم بما أرسلته من رسول وآمنت اللهم بما أنزلت من كتاب وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما كثيرا خاتم كلامي ومفتاحه وعلى أنبيائه ورسله أجمعين آمين يا ، رب العالمين .

اللهم أوردنا حوض محمد واسقنا بكأسه مشربا رويا سائغا هنيا لا نظمأ بعده أبدا واحشرنا في زمرته غير خزايا ولا ناكثين للعهد ولا مرتابين ولا مفتونين ولا مغضوب علينا ولا ضالين .

اللهم اعصمني من فتن الدنيا ووفقني لما تحب وترضى وأصلح لي شأني كله وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولا تضلني وإن كنت ظالما سبحانك سبحانك يا علي يا عظيم يا بارئ يا رحيم يا عزيز يا جبار سبحان من سبحت له السماوات بأكنافها وسبحان من سبحت له البحار بأمواجها وسبحان من سبحت له الجبال بأصدائها وسبحان من سبحت له ، الحيتان بلغاتها ، وسبحان من سبحت له النجوم في السماء بأبراجها وسبحان من سبحت له الأشجار بأصولها وثمارها وسبحان من سبحت له السماوات السبع والأرضون السبع ومن فيهن ومن عليهن سبحان من سبح له كل شيء من مخلوقاته تباركت وتعاليت سبحانك سبحانك يا حي يا قيوم يا عليم يا حليم ، سبحانك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك تحيي وتميت وأنت حي لا تموت ، بيدك الخير ، وأنت على كل شيء قدير .


* ( دعاء إبراهيم بن أدهم) * رحمه الله تعالى

تقدمت ترجمته في كتاب العلم ( روى إبراهيم بن بشار) الرمادي ( خادمه) قال ابن عدي: هو من أهل الصدق، وقال ابن معين: ليس بشيء ( إنه كان يقول هذا الدعاء في يوم الجمعة إذا أصبح وإذا أمسى) وإنما كان يخص يوم الجمعة به لما له من الفضل والبركة على غيره من الأيام .

وقال أبو نعيم في الحلية: أخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه، وحدثني عنه محمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن بشار قال: "كان إبراهيم بن أدهم يقول هذا الكلام في كل جمعة، إذا أصبح عشر مرات وإذا أمسى يقول مثل ذلك" .

( مرحبا بيوم المزيد) وإنما سمى يوم الجمعة بيوم المزيد؛ لما تزاد فيه من البركات والفضائل، وقد تقدم في كتاب الصلاة ( والصبح الجديد، والكاتب والشهيد، يومنا هذا يوم عيد) أي: لأن الجمعة عيد المسلمين ( اكتب لنا ما نقول) فيه ( بسم الله الحميد) أي: المحمود ذاتا وصفات ( المجيد) أي: العظيم قدرا ( الرفيع) جلالا ( الودود) إلى أوليائه ( الفعال في خلقه ما يريد، أصبحت بالله مؤمنا، وبلقائه مصدقا، وبحجته معترفا، ومن ذنبي مستغفرا، ولربوبية الله -عز وجل- خاضعا) فإنه لا رب سواه، ومن أخلص له الربوبية خلصت له العبودية ( ولما سوى الله -عز وجل- من الآلهة جاحدا) ولفظ الحلية: ولما سوى الله -عز وجل- جاحدا ( وإلى الله سبحانه فقيرا) أي: محتاجا إليه في كل الشؤون ( وعلى الله متوكلا وإلى الله منيبا) أي: راجعا ( أشهد الله وأشهد ملائكته وأنبياءه ورسله وحملة عرشه) وذكرهم بعد ذكر الملائكة تخصيص ينبئ عن تشريف ( ومن خلق ومن هو خالق) وفي نسخة: ومن خلقه، وفي أخرى: وما هو خالقه، وفي أخرى: وجميع خلقه ( بأنه هو الله الذي لا إله إلا هو، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم) ومن قوله: أشهد الله إلى هنا أخرجه ابن عساكر عن أنس، وأن من قالها أربعا غدوة وأربعا عشية ثم مات دخل الجنة .

( وأن الجنة حق، والنار حق، والحوض حق، والشفاعة حق، ومنكرا ونكيرا حق، ووعدك حق، ولقاءك حق، والساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وعلى ذلك أحيا، وعليه أموت، وعليه أبعث إن شاء الله) عز وجل ( اللهم أنت ربي لا رب لي إلا أنت) ولفظ الصحيحين من حديث

شداد بن أوس: لا إله إلا أنت ( خلقتني، وأنا عبدك) أي: مقر لك بالعبودية المحضة على نفسي، كما أقررت لك بالربوبية المطلقة ( وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) أي: على قدر الجهد والطاقة ( أعوذ بك اللهم من شر كل ذي شر) ولفظ الصحيحين: أعوذ بك من شر ما صنعت ( اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) ولفظ الصحيحين: أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

وقد تقدم أنه من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة .

( واهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف سيئها إلا أنت) .

[ ص: 74 ] وهذه الجملة بتمامها سقطت من الحيلة، وقد رواها الطبراني في الكبير عن أبي أمامة في أثناء حديث ( لبيك وسعديك والخير كله بيديك إنا لك وإليك) وفي بعض النسخ: إنا بك وإليك ( أستغفرك وأتوب إليك، آمنت اللهم بما أرسلت من رسول) إلى خلقك ( وآمنت اللهم بما أنزلت من كتاب) على رسلك ( وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم كثيرا) ولفظ الحلية: وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم ( خاتم كلامه ومفتاحه) وفي الحلية زيادة هذا قبل "خاتم" ( وعلى أنبيائه ورسله أجمعين، والحمد لله رب العالمين) وفي الحلية زيادة "آمين" قبل رب العالمين، وهكذا في بعض نسخ الكتاب أيضا ( اللهم أوردنا حوضه) أي: اجعلنا من الواردين عليه ( وأسقنا بكأسه) الذي يسقيه وارديه ( مشربا) يطلق على الماء المشروب، وهو المراد هنا ( رويا) فعيل بمعنى مفعل مفعل، كأليم بمعنى مؤلم ( سائغا) أي: سهل المساغ في الحلق ( هنيئا) لشاربه ( لا نظمأ بعده أبدا) وفي الحلية: "بعدها" بتأنيث الضمير، كأنه عائد إلى الشربة المفهومة من المشرب ( واحشرنا في زمرته) أي: جماعته ( غير خزايا) جمع خزيان، وهو حال لازم؛ إذ لا يحشر في زمرته ويسقى من كأسه إلا من كان على تلك الحال ( ولا ناكبين) أي: معرضين، وفي بعض: بالثاء المثلثة بدل الموحدة، أي: ولا ناكثين عهده، والنكث النقض ( ولا مرتابين) أي: شاكين ( ولا مفتونين ولا مغضوب علينا ولا ضالين) عن الصراط المستقيم ( اللهم اعصمني) أي: احفظني ( من فتن الدنيا ووفقني) أي: استعملني ( لما تحب وترضى) من الأعمال الصالحة والأحوال الشريفة ( وأصلح لي شأني كله وثبتني بالقول الثابت) وهو قول: لا إله إلا الله ( في الحياة الدنيا وفي الآخرة) أي: عند الموت ( ولا تضلني) بعد إذ هديتني ( وإن كنت ظالما) لنفسي ( سبحانك سبحانك) مرتين هكذا في الحلية ( يا علي يا عظيم يا رب يا بر يا رحيم يا عزيز يا جبار) وفي بعض النسخ بعد قوله: "وفي الآخرة": ولا تفضحني يا علي يا عظيم يا بارئ يا رحيم يا عزيز يا جبار، ولفظ الحلية بعد "يا عظيم" يا بار يا حكيم يا عزيز يا جبار .

( سبحان من سبحت له السموات بأكنافها) أي: أطرافها ( وسبحان من سبحت له الجبال بأصدائها) وفي بعض النسخ: بأعرافها ( وسبحان من سبحت له البحار بأمواجها، وسبحان من سبحت له الحيتان بلغاتها، وسبحان من سبحت له النجوم في السماء بأبراقها) وفي بعض النسخ: بإشراقها، وفي بعض: بأبراجها ( وسبحان من سبحت له الشجر بأصولها) هكذا في الحلية، وفي بعض نسخ الكتاب زيادة: ( ونضارتها) وفي بعضها: بأصولها وثمارها ( وسبحان من سبحت له السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهن ومن عليهن) وفي بعض النسخ هنا زيادة: وسبحان من سبح له كل شيء من مخلوقاته، تباركت وتعاليت .

وفي الحلية بعد قوله: "ومن عليهن": ( سبحانك سبحانك يا حي يا حليم، سبحانك لا إله إلا أنت وحدك) إلى هنا انتهى الدعاء في الحلية، وزاد المصنف بعده: ( لا شريك لك تحيي وتميت وأنت حي لا تموت، بيدك الخير، وأنت على كل شيء قدير) ووجد في بعض النسخ زيادة: وصل اللهم على محمد وآله وسلم كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية