إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ورأى بعض العلماء بعض أصحاب الرأي من أهل الكوفة في المنام ، فقال : ما رأيت فيما كنت عليه من الفتيا والرأي فكره وجهه وأعرض عنه وقال : ما وجدناه شيئا وما حمدنا عافيته .

وقال ابن حصين إن أحدهم ليفتي في مسألة لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر فلم يزل السكوت دأب أهل العلم إلا عند الضرورة .

وفي الحديث إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتا وزهدا فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة وقيل : العالم إما عالم عامة وهو المفتي وهم أصحاب السلاطين أو عالم خاصة وهو العالم ، بالتوحيد ، وأعمال القلوب وهم أصحاب الزوايا المتفرقون المنفردون .

وكان يقال مثل أحمد بن حنبل مثل دجلة كل أحد يغترف منها ومثل بشر بن الحارث مثل بئر عذبة مغطاة لا يقصدها إلا واحد بعد واحد .

وكانوا يقولون : فلان عالم ، وفلان متكلم ، وفلان أكثر كلاما وفلان أكثر عملا وقال أبو سليمان المعرفة إلى السكوت أقرب منها إلى الكلام وقيل إذا كثر العلم قل الكلام وإذا كثر الكلام قل العلم وكتب سلمان إلى أبي الدرداء رضي الله عنهما وكان قد آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أخي ، بلغني أنك قعدت طبيبا تداوي المرضى فانظر فإن كنت طبيبا فتكلم ، فإن كلامك شفاء ، وإن كنت متطببا فالله الله لا تقتل مسلما ، فكان أبو الدرداء يتوقف بعد ذلك إذا سئل وكان أنس رضي الله عنه إذا سئل يقول سلوا مولانا الحسن .

وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا سئل يقول : سلوا حارثة بن زيد وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : سلوا سعيد بن المسيب .

وحكي أنه روى صحابي في حضرة الحسن عشرين حديثا فسئل عن تفسيرها فقال : ما عندي إلا ما رويت فأخذ الحسن في تفسيرها حديثا حديثا فتعجبوا من حسن تفسيره وحفظه فأخذ الصحابي كفا من حصى ورماهم به وقال تسألوني عن العلم وهذا الحبر بين أظهركم .


( ورأى بعض العلماء بعض أصحاب الرأي من الكوفة) ، ونص القوت: ورأى بعض أهل الحديث بعض فقهاء أهل الكوفة، من أهل الرأي بعد موته ( في المنام، فقال: ما رأيت فيما كنت عليه) ، ونص القوت: قال: فقلت له: ما فعلت فيما كنت عليه؟ ( من الفتيا والرأي) قال: ( فكره وجهه وأعرض عنه) ونص القوت: عني، ( وقال: ما وجدنا شيئا) ونص القوت: ما وجدناه شيئا، ( وما حمدنا عاقبته) ، ثم ذكر صاحب القوت: هنا منام نصر بن علي الجهضمي في حق الخليل بن أحمد، وقد تقدم ذكره للمصنف، وشرحناه هناك، ثم قال: وحدثونا عن بعض الأشياخ، قال: رأيت بعض العلماء في المنام فقلت: ما فعلت تلك العلوم التي كنا نجادل فيها ونناظر عليها؟ قال: فبسط يده ونفخ فيها، وقال: طاحت كلها هباء منثورا، ما انتفعت إلا بركعتين في جوف الليل، ثم قال: وحدثونا عن أبي داود السجستاني، قال كان بعض أصحابنا كثير الطلب للحديث، حسن المعرفة به، فمات فرأيته في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ فسكت فأعدت عليه فسكت، فقلت: غفر الله لك؟ قال: لا، قلت: لم قال الذنوب كثيرة والمناقشة دقيقة، ولكن قد وعدت بخير، وأنا أرجو خيرا قلت: أي الأعمال وجدتها فيما هنالك أفضل؟ قلت: قراءة القرآن، والصلاة في جوف الليل، قلت: فأيما أفضل ما كنت تقرأ أو تقرئ؟ فقال: ما كنت أقرأ، قلت: وكيف وجدت قولنا فلان ثقة، وفلان ضعيف؟ فقال: إن خلصت فيه النية لم يكن لك ولا عليك، ثم ذكر بعد ذلك مناما آخر عن أحمد بن عمر الخلقاني أعرضت عن ذكره هنا لطوله .

( وقال أبو حصين) كأمير، هكذا هو في القوت، وهكذا ضبطه ابن حبيب عن الكلبي وهو عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الذي روى عنه سفيان الثوري، وأخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة الشعبي، من رواية مالك بن مغول، قيل للشعبي: أيها العالم، فقال: ما أنا بعالم، وما أرى عالما، وإن أبا حصين رجل صالح، وفي بعض نسخ الكتاب: وقال ابن حصين، وفي بعضها، وقال: أبو حفص، وكل ذلك خطأ، والصواب الأول، قال الواقدي: عداده في مرة بن الحارث، وهو من بني جشيم بن الحارث، توفي سنة ثمان وعشرين، ومائة، قال البخاري: سمع سعيد بن جبير، والشعبي، وشريحا وسمع منه الثوري، وشعبة وابن عيينة، أثنى عليه أحمد وابن معين ( أن أحدهم ليفتي في المسألة) ونص القوت: في مسألة ( لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر) ، هكذا أورده صاحب القوت، أي: يتسارعون في الفتيا، من غير مشورة، ومن غير إتقان، من غير إيقان .

قلت: وهذا القول أورده الإمام أبو بكر البيهقي، عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا عباس بن محمد، حدثنا منصور بن سلمة، أخبرنا أبو شهاب قال: سمعت أبا حصين، يقول: إن أحدهم ليفتي في المسألة، ولو وردت، ثم ساقه كسياق المصنف، هكذا أخرجه ابن عساكر في التاريخ، عن أبي المعالي محمد بن إسماعيل عن البيهقي بالإسناد السابق، وأخرج أيضا من طريق الحميدي، عن سفيان قال: كان أبو حصين إذا سئل عن مسألة، قال ليس لي بها علم، والله أعلم، وفي رواية: ليس لي علم والله بها أعلم اهـ .

زاد صاحب القوت، وقال غيره: يسأل أحدهم عن الشيء فيسرع الفتيا، ولو سئل عنها أهل بدر لأعضلتهم اهـ .

وأخرج أبو نعيم في الحلية، من رواية أحمد بن حنبل عن سفيان، عن الشعبي، أنه إذا سألوا عن الملتبس قال: زباء ذات وبر لا تنقاد ولا تنساق، ولو سئل عنها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لعضلت بهم ( فلم يزل السكوت دأب أهل العلم) والمعرفة ( إلا عند الضرورة) الداعية فيحل لهم الكلام، بل يجب في بعضها المقام كما تقدم ( وفي الخبر إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتا وزهدا فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة) ، كذا في نسخ الكتاب، والرواية، يلقى الحكمة، هكذا أورده صاحب القوت، بلا إسناد وقال العراقي: رواه ابن ماجه، من رواية أبي فروة، عن أبي خلاد وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره بلفظ: قد أعطي زهدا في الدنيا، وقلة منطق، وأبو فروة تلكم في سماعه عن أبي خلاد، وأشار [ ص: 400 ] البخاري في التاريخ الكبير، فقال أبو فروة: عن ابن مريم، عن أبي خلاد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وهذا أصح، قلت: وأخرجه كذلك أبو نعيم في الحلية، والبيهقي إلا أن في رواية أبي نعيم: إذا رأيتم العبد يعطي، والباقي مثل سياق ابن ماجه، والمعنى من اتصف بذلك فأعماله منتجة، وأفعاله محكمة، وينظر بنور الله، ومن كان هذا وصفه أصاب في منطقه، (وقيل: العالم إما عالم عامة) ونص القوت: وقال بعض العلماء: كان أهل العلم على ضربين عالم عامة، وعالم خاصة، فأما عالم العامة، (وهو) ونص القوت: فهو (المفتي) في الحلال والحرام، (وهم) ونص القوت: فهؤلاء (أصحاب الأساطين) جمع أسطوانة، وهي سواري المسجد، (أو عالم خاصة، وهم العلماء) ونص القوت: وأما عالم الخاصة فهو العالم (بالتوحيد، وأعمال القلوب) ونص القوت: بعلم المعرفة والتوحيد، (وهم أرباب) ونص القوت: وهؤلاء أهل (الزوايا) جمع زاوية، وهم (المنفردون) أي عن الناس (وكان يقال) ونص القوت: وقد كانوا يقولون: (مثل) الإمام (أحمد بن حنبل) رحمه الله (مثل دجلة) بفتح الدال النهر المعروف، (كل واحد منها يغرف) ونص القوت: كل أحد يغرفها، (ومثل بشر) بن الحارث الحافي، (مثل بئر عذبة) الماء في فلاة (مغطاة) بالحجارة ونحوها، (لا يقصدها إلا واحد بعد واحد) وهذا; لأن الإمام أحمد كان يفتي للعامة والخاصة، وأما بشر فإنه كان بعيد الغور لا يستفيد منه إلا كل عارف، (و) قد (كانوا يقولون: فلان عالم، وفلان متكلم، وفلان أكثر كلاما) إلى هنا نص القوت، زاد المصنف: (وفلان أكثر علما) زاد صاحب القوت: وقال حماد بن زيد: قيل لأيوب: العلم اليوم أكثر أو فيما مضى؟ فقال: العلم فيما مضى كان أكثر، والكلام اليوم أكثر ففرق بين العلم والكلام .

(وقال أبو سليمان) عبد الرحمن بن عطية الداراني، ونص القوت: وكان أبو سليمان يقول: (المعرفة إلى السكوت أقرب منها إلى الكلام) ، وقال بعض العارفين: هذا العلم على قسمين: نصفه صمت، ونصفه تدري أين تضعه، وزاد آخر: نصفه جد ونصفه نظر، يعني تفكر واعتبار، وسئل سفيان عن العالم من هو قال: من يضع العلم في مواضعه، ويوفي كل شيء حقه، (وقيل) : ونص القوت: وقال بعض الحكماء: (إذا كثر العلم قل الكلام) ومن ذلك قول بعض العارفين: من عرف الله قل كلامه، وكان إبراهيم الخواص يقول: الصوفي كلما زاد علمه نقصت طينته كذا، (وكتب) أبو عبد الله (سلمان) الفارسي الملقب بالخير أصله من أصبهان، له صحبة، وأول مشاهده الخندق، توفي سنة أربع وثلاثين، يقال: بلغ ثلاثمائة سنة، وفي الحديث: اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي والمقداد، وعمار وسلمان، وكان أميرا بالمدائن على زهاء ثلاثين ألفا من المسلمين، ولا يأكل إلا من كديده، وكان يخطب الناس في عباءة، يفترش بعضها، ويلبس بعضها (إلى أبي الدرداء) رضي الله عنهما (وكان قد آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيمن آخى، أخرجه البخاري من رواية عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، وفيه فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مبتذلة الحديث، ورواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، قاله العراقي.

قلت: وأخرجه أبو نعيم في الحلية من هذا الطريق، إلا أنه ليس فيها ذكر المؤاخاة، وقد أنكر المؤاخاة الحافظ ابن تيمية في كتابه الذي ألفه في الرد على المطهر الرافضي، ونسبه إلى وضع الروافض، وهذا رده عليه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وأوسع فيه الكلام فراجعه (يا أخي، بلغني أنك قعدت) كذا في النسخ، ونص القوت: أقعدت (طبيبا تداوي المرضى فانظر فإن كنت طبيبا فتكلم، فإن كلامك شفاء، وإن كنت متطيبا فالله الله لا تقتل مسلما، فكان أبو الدرداء يتوقف بعد ذلك إذا سئل) عن شيء، هكذا أورده صاحب القوت، وقال: كتب سلمان من المدائن إلى أبي الدرداء إلخ، زاد: وسأله إنسان فأجابه، ثم قال: ردوه، فقال: أعد علي فأعاد، فقال: متطبب والله، فرجع في جوابه، ثم قال صاحب القوت: ولعمري إنه قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطبب ولم يعلم منه طب فقتل فهو ضامن، قلت: وهذا الذي ذكره المصنف تبعا لصاحب القوت، فقد أخرجه أبو نعيم في الحلية، في ترجمة سلمان، فقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني مصعب بن عبد الله، حدثني مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان [ ص: 401 ] أن الأرض لا تقدس أحدا، وإنما يقدس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيبا، فإن كنت تبرئ فنعما لك، وإن كنت متطببا فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النار، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين فأدبرا عنه نظر إليها، وقال: متطبب والله، ارجعا إلي أعيدا قصتكما، رواه جرير عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن ميسرة، أن سلمان كتب إليه فذكره، ثم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد بن حسان، حدثنا السري بن يحيى عن مالك بن دينار، أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء أنه بلغني أنك أجلست طبيبا تداوي الناس فانظر أن تقتل مسلما فتجب لك النار، (وكان أنس) بن مالك (رضي الله عنه يقول إذا سئل) عن مسألة: (سلوا مولانا الحسن) يعني البصري، فإنه قد حفظ ونسينا، هكذا أورده صاحب القوت، زاد غيره: قالوا: يا أبا حمزة نسألك فتقول: سلوا الحسن مولانا قال: سلوا مولانا الحسن، فإنه سمع وسمعنا، وحفظ ونسينا، وإنما قال: مولانا لكون ولائه للأنصار، قيل لزيد بن ثابت، وقيل لجابر بن عبد الله، وقيل لجميل بن قطعة، وقيل لأبي اليسر، ويقال: من سبي ميسان فاشترته الربيع بنت النضر عمة أنس، فأعتقته فلذلك قال: مولانا، (وكان ابن عباس رضي الله عنهما) إذا سئل (يقول: سلوا جابر بن زيد) فلو نزل أهل البصرة على فتياه لوسعهم، وكان من صالحي التابعين، هكذا أورده صاحب القوت قلت: وجابر بن زيد هو الأزدي، ثم الجوفي البصري، أبو الشعثاء مشهور بكنيته ثقة فقيه، مات سنة ثلاث وتسعين، وهذا الذي أورده صاحب القوت، وتبعه المصنف، فقد أخرج أبو نعيم في الحلية من رواية سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، قال سمعت عطاء قال: قال ابن عباس: لو نزل أهل البصرة بجابر بن زيد لأوسعهم علما عن كتاب الله تعالى، وقال عمرو بن دينار: ما رأيت أحدا أعلم بفتيا من جابر بن زيد، وأخرج من رواية عرعرة بن البرند، حدثني تيم بن حدير السلمي عن الرباب قال: سألت ابن عباس عن شيء فقال: تسألوني وفيكم جابر بن زيد، وأخرج من طريق زياد بن جبير قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري، عن مسألة فقال فيها: ثم قال: تسألوني وفيكم أبو الشعثاء (و) كان (ابن عمر رضي الله عنهما يقول: سلوا سعيد بن المسيب) هكذا أورده صاحب القوت، وهو من فقهاء التابعين .

(ويحكى أنه روى صحابي في مجلس فيه الحسن عشرين حديثا فسئل عن تفسيرها) ونص القوت: وقال بعض البصريين: قدم علينا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا الحسن، فقلنا: ألا نذهب إلى هذا الصحابي فنسأله عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتجيء معنا؟ قال: نعم، فاذهبوا قال: فجلنا نسأله عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يحدثنا حتى حدثنا عشرين حديثا، قال: والحسن ينصت يستمع إليه، ثم جئنا الحسن على ركبتيه فقال: يا صاحب رسول الله، أخبرنا بتفسير ما رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نفقه فيه فسكت الصحابي، (فقال: ما عندي إلا ما رأيت) ونص القوت: وقال: ما سمعت بدل ما رأيت، (فأخذ الحسن في تفسيرها حديثا حديثا) وفي القوت: فابتدأ الحسن تفسير ما رواه، فقال: أما الحديث الذي حدثتنا به فإن تفسيره كيت وكيت، والحديث الثاني تفسيره كذا وكذا حتى سرد عليه الأحاديث كلها، كما حدثنا بها وأخبرنا بتفسيرها، (فتعجبوا من حسن تفسيره وحفظه) ونص القوت: قال: فلا ندري نعجب من حسن حفظه إياه، وأدائه للحديث أو من علمه وتفسيره، قال: (فأخذ الصحابي كفا من حصى ورماهم به) ونص القوت: وحصبنا به (وقال) ونص القوت: ثم قال: (تسألوني عن العلم وهذا الحبر بين أظهركم) زاد صاحب القوت: فهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يردون الأمور في الفتيا، وعلم اللسان إلى من هو دونهم في القدر، والمنزلة، وهم في علم التوحيد والمعرفة والإيمان فوقهم درجات، ولا يرجعون إليهم في الشبهات، ولا يردون إليهم في علم المعرفة واليقين، فهذا كما قيل: العلم نور، يقذفه الله تعالى في قلوب أوليائه، فقد يكون لك تفضيلا للنظراء بعضهم على بعض، وقد يكون تخصيصا للشباب على الشيوخ، ولمن جاء بعد السلف من السابقين، وربما كان تكرمة للخاملين المتواضعين لينبه عليهم ويعرفوا ليرفعوا كما قال الله تعالى: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة اهـ .

وأخرج أبو [ ص: 402 ] نعيم في الحلية، من رواية علي بن المديني، قال: كان سفيان بن عيينة، إذا سئل عن شيء يقول: لا أحسن، فيقول: من تسأل؟ فيقول: سل العلماء، وسل الله التوفيق.

التالي السابق


الخدمات العلمية