إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإن رأيت الصواعق فقل : اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك قاله كعب .


( فإذا رأيت الصواعق) جمع صاعقة، وهي قصفة رعد تنقض معها قطعة من النار ( فقل: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك) خص القتل بالغضب والإهلاك بالعذاب؛ لأن نسبة الغضب إلى الله تعالى استعارة، والمشبه به الحالة التي تعرض للملك عند انفعاله، وغليان دم القلب، ثم الانتقام من المغضوب عليه، وأكثر ما ينتقم به القتل، فرشح الاستعارة به عرفا، والإهلاك والعذاب جاريان على الحقيقة في حق الحق، ولما لم يكن تحصيل المطلوب إلا معافاة الله قال: "وعافنا قبل ذلك" .

قال العراقي: رواه الترمذي، وقال: غريب، والنسائي في اليوم والليلة من حديث ابن عمر، وابن السني بإسناد حسن. اهـ .

قلت: وكذلك رواه أحمد، وسنده جيد، والحاكم في المستدرك وقال: صحيح، وأقره الذهبي، ولفظهم واحد: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع الرعد والصواعق قال" فذكروه .

قال الصدر المناوي: وقد عزاه النووي في خلاصته لرواية البيهقي، وقال: فيه الحجاج بن أرطأة، وهو قصور؛ فإن الحديث في الترمذي من غير طريق الحجاج. اهـ .

وذكر في الأذكار بعد عزوه للترمذي: إسناده ضعيف، وكأنه نظر إلى ما ذكرناه، قال الحافظ: هو حديث غريب، أخرجه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، والحجاج صدوق، لكنه مدلس، وقد صرح بالتحديث، فكيف يطلق الضعف على هذا وهو متماسك؟! والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية