إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
بعد المغرب ركعتين أولا يقرأ فيهما قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد ويصليهما عقيب المغرب من غير تخلل كلام ولا شغل ثم يصلي أربعا يطيلها ثم يصلي إلى غيبوبة الشفق ما تيسر له وإن كان المسجد قريبا من المنزل فلا بأس أن يصليها في بيته إن لم يكن عزمه العكوف في المسجد ، وإن عزم على العكوف في انتظار العتمة فهو الأفضل إذا كان آمنا من التصنع والرياء .


ثم تصلي [ ص: 152 ] ( بعد) الفراغ من صلاة ( المغرب ركعتين أولا) وهما ركعتا سنة المغرب ( تقرأ فيهما قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد وتصليهما عقيب) فرض ( المغرب) يعجل بهما ( من غير تخلل كلام وشغل) بشيء، يقال: إنهما ترفعان مع صلاة المغرب .

ثم تسلم على ملائكة الليل، والكرام الكاتبين، فتقول: "مرحبا بملائكة الليل! مرحبا بالملكين الكاتبين! اكتبا في صحيفتي أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأشهد أن الجنة حق، والنار حق، والحوض حق، والشفاعة حق، والصراط حق، والميزان حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، اللهم إني أودعك هذه الشهادة ليوم حاجتي، اللهم احطط بها وزري، واغفر بها ذنبي، وثقل بها ميزاني، وأوجب لي بها أماني، وتجاوز بها عني يا أرحم الراحمين" .

قال صاحب القوت: فإن كان منزله قريبا من مسجده فلا بأس أن يركعهما في بيته، وكان أحمد يصليهما في بيته، ويقول: هي سنته؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصليهما في بيته .

قلت: قد تقدم الكلام على ذلك في كتاب الصلاة .

( ثم تصلي أربعا تطيلهن) فالجميع ست ركعات، إلا أن الأوليين يستحب الإسراع والتخفيف، وفي الأربع الإطالة والتأني .

( ثم يصلي إلى غيبوبة الشفق الثاني) وهو البياض الذي يكون بعد ذهاب الحمرة، وبعد غسق الليل وظلمته؛ لأنه آخر ما يبقى من شعاع الشمس في القطر الغربي، إذا قطعت الأرض العليا، ودارت من وراء جبل قاف مصعدة تطلب المشرق .

( ما تيسر) له من الصلوات، ذكره صاحب العوارف، منها ركعتين بسورة البروج والطارق، ثم ركعتين يقرأ في الأولى عشر آيات من أول البقرة، والآيتين وإلهكم إله واحد وخمس عشرة مرة قل هو الله أحد ويقرأ في الأخرى سورة الزمر والواقعة، ويصلي بعد ذلك ما شاء .

وإن أراد أن يقرأ شيئا من حزبه في هذا الوقت في الصلاة أو غيرها فعل، وإن شاء صلى عشرين ركعة خفيفة بسورة الإخلاص والفاتحة، ولو واصل العشاءين بركعتين طويلتين يطيل فيهما القيام فحسن، وإن كرر فيهما قوله تعالى: ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير وآية أخرى في معناها كان جامعا بين التلاوة والصلاة والدعاء، ففي ذلك المهم، وظفر بالفضل .

( فإن كان المسجد قريبا من المنزل فلا بأس أن يصليهن في بيته إن لم يكن عزمه) أي: نيته ( العكوف في المسجد، وإن عزم على العكوف في انتظار العتمة فهو الأفضل) لما روي في فضل ذلك من الآثار ( إذا كان آمنا من) دخول آفة ( التصنع والرياء) وإلا فالبيت أسلم له، نقله صاحب القوت بنحوه .

وقال صاحب العوارف: فإن واصل بين العشاءين في مسجد جماعة يكون جامعا بين الاعتكاف ومواصلة العشاءين، وإن رأى انصرافه إلى منزله والمواصلة بين العشاءين في بيته أسلم لدينه وأقرب إلى الخلاص وأجمع للهم فليفعل. اهـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية