إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقيل له صلى الله عليه وسلم : إن فلانا يصلي فلا ينام ، ويصوم فلا يفطر فقال : لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، هذه سنتي ، فمن رغب عنها فليس مني وقال صلى الله عليه وسلم: لا تشادوا هذا الدين؛ فإنه متين، فمن يشاده يغلبه فلا تبغض إلى نفسك عبادة الله " السابع : أن ينام مستقبل القبلة والاستقبال على ضربين : أحدهما استقبال المحتضر وهو المستلقي على قفاه فاستقباله ، أن يكون وجهه وأخمصاه إلى القبلة ، والثاني : استقبال اللحد وهو أن ينام على جنب بأن يكون ، وجهه إليها مع قبالة بدنه إذا نام على شقه الأيمن
( وقيل: إن فلانا يصلي فلا ينام، ويصوم فلا يفطر، فقال -صلى الله عليه وسلم-: لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، هذه سنتي، فمن رغب عنها فليس مني" كذا في القوت بلفظ: "فلان يصلي الليل لا ينام، ويصوم النهار ولا يفطر" والباقي سواء .

وقال العراقي: رواه النسائي من حديث عبد الله بن عمرو دون قوله: "هذه سنتي" إلخ، وهذه الزيادة لابن خزيمة: "من رغب عن سنتي فليس مني" وهي متفق عليها من حديث أنس. اهـ .

( وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تشادوا هذا الدين؛ فإنه متين، من يشاده يغلبه، ولا تبغض إليك عبادة الله عز وجل" هكذا هو في القوت، إلا أنه قال: "ولا تبغض إلى نفسك" والباقي سواء .

وهما [ ص: 161 ] حديثان، فروى البخاري من حديث أبي هريرة: "لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا" وروى البيهقي من حديث جابر: "إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله" قال العراقي: لا يصح إسناده .

قلت: رواه البيهقي من طرق، وفيه اضطراب، روي موصولا ومرسلا ومرفوعا وموقوفا، واضطرب في الصحابي، أهو جابر أو عائشة أو عمر، ورجح البخاري في التاريخ إرساله .

وروى البزار في مسنده من حديث جابر بلفظ: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق؛ فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" وفي سنده متروك .

وروى أحمد من حديث أنس: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق" والإيغال الدخول في الشيء، والمعنى: لا تحملوا أنفسكم ما لا تطيقون فتعجزوا وتتركوا العمل.

( السابع: أن ينام مستقبل القبلة) فإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة كما ورد ( والاستقبال على ضربين: أحدهما استقبال المحتضر) وهو الذي قد حضره الموت، فيستقبلونه إلى القبلة ( وهو المستلقي على قفاه، واستقباله أن يكون وجهه وأخمصاه إلى القبلة، والثاني: استقبال اللحد) وهو الشق المائل في القبر ( وذلك بأن ينام على جنب، ويكون وجهه إليها مع قبالة بدنه إذا نام على الشق الأيمن) .

فالحاصل أنه إما على جنبه الأيمن كالملحود، وإما على ظهره كالميت المسجى، وفي كل منهما يعد مستقبلا، وأما من جعل رجليه إلى القبلة فلا يعد مستقبلا، بل هو مستدبر، إلا إن استلقى وكان وجهه وما أقبل من جسده إليها، فليذكر بنومه على هذين الحالين ذلك الحالين عند موته وعند اضطجاعه في قبره؛ فسيصير إليه عن قريب .

التالي السابق


الخدمات العلمية