إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولكن إذا فهم فقه الأوراد وسرها فليتبع المعنى فإن سمع تسبيحة مثلا ، وأحس لها بوقع قلبه ، فليواظب على تكرارها ما دام يجد لها وقعا وقد روي عن إبراهيم بن أدهم عن بعض الأبدال أنه قام ذات ليلة يصلي على شاطئ البحر ، فسمع صوتا عاليا بالتسبيح ، ولم ير أحدا ، فقال : من أنت ؟ أسمع صوتك ولا أرى شخصك ، فقال : أنا ملك من الملائكة موكل بهذا البحر ، أسبح الله تعالى بهذا التسبيح منذ خلقت ، قلت فما : اسمك قال ؟ : مهلهيائيل قلت : فما ثواب من قاله قال من قاله ؟ : مائة مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة ، أو يرى له والتسبيح هو قوله ، سبحان الله العلي الديان سبحان الله الشديد الأركان سبحان من ، يذهب بالليل ويأتي بالنهار ، سبحان من لا يشغله شأن عن شأن سبحان الله الحنان المنان سبحان الله المسبح في كل مكان فهذا وأمثاله إذا سمعه المريد ووجد له في قلبه وقعا فليلازمه وأيا ما وجد القلب عنده وفتح له فيه خير فليواظب عليه
( ولكن إذا فهم فقه الأوراد وسرها فليتبع المعنى) المراد منها ( فإن سمع) وفي نسخة: فإن سبح ( تسبيحة مثلا، وأحس لها بوقع في قلبه، فليواظب على تكرارها ما دام يجد لها وقعا) في القلب وإقبالا عليها به .

( وقد روي عن إبراهيم بن أدهم) قدس سره، فيما حكاه ( عن بعض الأبدال أنه قام ذات ليلة يصلي على شاطئ البحر، فسمع صوتا عاليا بالتسبيح، ولم ير أحدا، فقال: من أنت؟ أسمع صوتك ولا أرى شخصك، فقال: أنا ملك من الملائكة موكل بهذا البحر، أسبح الله -عز وجل- بهذا التسبيح منذ خلقت، قلت: ما اسمك؟ فقال: مهلهيائيل) وفي نسخة: مهليهايل، وهو من الأسماء السريانية ( قلت: فما ثواب من قاله؟ قال: من قاله مائة مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة، أو يرى له، وهو هذا) التسبيح ( سبحان الله العلي الديان) أي: المجازي لعباده ( جان شديد الأركان) أي: أركان عزه وعظمته وعرشه ( سبحان الله الحنان المنان، سبحان الله المسبح في كل مكان، سبحان من يذهب بالليل ويأتي بالنهار، سبحان من لا يشغله شأن عن شأن) هكذا أورده صاحب القوت، وقال: وحدثونا عن إبراهيم بن أدهم، عن بعض الأبدال، فساقه، ولكن بتقديم وتأخير فيه، فأورد بعد قوله: "شديد الأركان": "سبحان من يذهب بالليل ويأتي بالنهار" إلى آخره، ثم أتى بقوله: "سبحان المسبح في كل مكان" .

وهكذا نقله صاحب العوارف أيضا، وروى ابن شاهين في الترغيب والترهيب، وابن عساكر في التاريخ من حديث أبان عن أنس، رفعه: "من قال كل يوم مرة: سبحان القائم الدائم، سبحان الحي القيوم، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الله العظيم وبحمده، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان العلي الأعلى، سبحانه وتعالى، لم يمت حتى يرى مكانه من الجنة أو يرى له" قال: فليقل مائة مرة بين اليوم والليلة هذا التسبيح، ثم ساقه .

وقال صاحب القوت: وقال هشام بن عروة "كان أبي يواظب على ورده في التسبيح كما يواظب على حزبه من القرآن" وروي عنه أيضا "أنه كان يواظب على حزبه من الدعاء كما يواظب على حزبه من القرآن" قال: ولا يدع العبد أن يسبح أدبار الصلوات الخمس مائة تسبيحة عند كل صلاة مكتوبة، وكذلك عند النوم مائة، وليواظب على أن يقول إذا أصبح وأمسى ما جاء في تفسير قوله عز وجل: له مقاليد السماوات والأرض فإن لذلك ثوابا عظيما .

روينا عن عثمان -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تفسير هذه الآية، فقال له: "سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، هو الله الذي لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، ولاحول ولا قوة إلا بالله -عز وجل- وأستغفر الله الأول والآخر والظاهر والباطن، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، من قالها عشرا حين يصبح وحين يمسي أعطي بها ست خصال:

فأول خصلة: يحرس من إبليس وجنوده .

*والثانية: يعطى قنطارا من الأجر .

*والثالثة: ترفع له درجة في الجنة .

*والرابعة: يزوجه الله -عز وجل- من الحور العين .

*والخامسة: يحضرها اثنا عشر ملكا .

والسادسة: يكون له من الأجر كمن حج واعتمر".


وليواظب على قراءة الآيات الست عند كل صلاة يصليها؛ ففي ذلك ثواب عظيم: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وقوله -عز وجل-: فسبحان الله حين تمسون إلى قوله: تخرجون ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات في كل يوم خمسين مرة، خمسا وعشرين إذا أصبح، وخمسا عشرين إذا أمسى؛ فإنه يكتب من الأبدال؛ لأثر في ذلك، وليقل كل يوم عشر مرات: اللهم أصلح أمة محمد، اللهم ارحم أمة محمد، اللهم فرج عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- يقال: إن من قاله كل يوم كتب له ثواب بدل من الأبدال، وليقل إذا أصبح وإذا أمسى ثلاثا: اللهم أنت خلقتني، وأنت هديتني، وأنت [ ص: 172 ] تطعمني، وأنت تسقيني، وأنت تميتني، وأنت تحييني، أنت ربي لا رب لي سواك ، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، فإن في ذلك شكر نعمة يومه، (فهذا وأمثاله إذا سمعه المريد ووجد له في قلبه وقعا) وتأثيرا (فيلازمه وما وجد قلبه عنده وفتح له) باب (خير) وبركة (فليواظب عليه) فمن حضر له في شيء فليلازمه كما ورد في بعض الأخبار .

التالي السابق


الخدمات العلمية