إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقال كرز بن وبرة وهو من الأبدال ، قلت للخضر عليه السلام : علمني شيئا أعمله في كل ليلة ، فقال : إذا صليت المغرب فقم إلى وقت صلاة العشاء مصليا من غير أن تكلم أحدا وأقبل على صلاتك التي أنت فيها ، وسلم من كل ركعتين ، واقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ، وقل هو الله أحد ثلاثا فإن ، فرغت من صلاتك انصرف إلى منزلك ، ولا تكلم أحدا ، وصل ركعتين ، واقرأ فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد سبع مرات في كل ركعة ، ثم اسجد بعد تسليمك ، واستغفر الله تعالى سبع مرات ، وقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، سبع مرات ، ثم ارفع رأسك من السجود واستو جالسا ، وارفع يديك وقل : يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام ، يا إله الأولين والآخرين ، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، يا رب يا رب ، يا رب يا الله يا الله يا الله ، ثم قم وأنت رافع يديك وادع ، بهذا الدعاء ، ثم نم حيث شئت مستقبل القبلة على يمينك ، وصل على النبي صلى الله عليه وسلم وأدم الصلاة عليه حتى يذهب بك النوم . فقلت له : أحب أن تعلمني ممن سمعت هذا . فقال : إني حضرت محمدا صلى الله عليه وسلم حيث علم هذا الدعاء وأوحي إليه به ، فكنت عنده ، وكان ذلك بمحضر مني فتعلمته ممن علمه إياه ويقال : إن هذا الدعاء وهذه الصلاة من داوم عليهما بحسن يقين وصدق نية رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه قبل أن يخرج من الدنيا ، وقد فعل ذلك بعض الناس فرأى أنه أدخل الجنة ، ورأى فيها الأنبياء ، ورأى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه وعلمه وعلى الجملة ما : ورد في فضل إحياء ما بين العشاءين كثير حتى قيل لعبيد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة غير المكتوبة ؟ قال : ما بين المغرب والعشاء
(وقال) صاحب "القوت": روينا عن عبد الرحمن بن منصور، عن سعد بن سعيد، عن (كرز بن وبرة) الحارثي، نزيل جرجان (وهو من الأبدال، قلت للخضر عليه السلام: علمني شيئا أعمله في ليلتي، فقال: إذا صليت المغرب فقم إلى) وقت (صلاة العشاء مصليا) أي: مديما للصلاة في هذا الوقت (من غير أن تكلم أحدا) أي: مطلقا، أو الكلام الدنيوي (وأقبل على صلاتك التي أنت فيها، وسلم في كل ركعتين، واقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، فإذا فرغت من صلاتك انصرف إلى منزلك، ولا تكلم أحدا، وصل ركعتين، واقرأ فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد سبع مرات في كل ركعة، ثم اسجد بعد تسليمك، واستغفر الله تعالى سبع مرات، وقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبع مرات، ثم ارفع رأسك من السجود واستو جالسا، وارفع يديك وقل: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا إله الأولين والآخرين، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا رب يا رب، يا ألله يا ألله يا ألله، ثم قم وأنت رافع يديك، فادع بهذا الدعاء، ثم نم حيث شئت مستقبل القبلة على يمينك، وصل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأدم الصلاة عليه حتى يذهب بك النوم. فقلت له: أحب أن تعلمني ممن سمعت هذا. فقال: إني حضرت محمدا صلى الله عليه وسلم [ ص: 181 ] حيث علم هذا الدعاء وأوحي إليه، فكنت عنده، وكان ذلك بمحضر مني فتعلمته ممن علمه إياه) . هكذا أورده صاحب القوت بتمامه، وتقدم أن سعد بن سعيد الجرجاني قال فيه البخاري: إنه لا يصح حديثه، ولم يثبت عند المحدثين في لقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء نفيا ولا إثباتا، ولذا قال العراقي في تخريجه: هذا الحديث باطل لا أصل له، ثم قال صاحب "القوت ": (ويقال: إن هذا الدعاء وهذه الصلاة من داوم عليها بحسن يقين وصدق منه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه قبل أن يخرج من الدنيا، وقد فعل ذلك بعض الناس فرأى أنه أدخل الجنة، ورأى فيها الأنبياء، ورأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكلمه وعلمه) ، ولهذا فضائل كثيرة اختصرناها للإيجاز، وكل هذا سياق صاحب "القوت " .

(وعلى الجملة: فما ورد في فضل ما بين العشاءين كثير حتى قيل لعبيد) بالتصغير (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن حبان: له صحبة، وقال البلاذري كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- مولى يقال له: عبيد، روى عنه حديثين، وذكره ابن السكن في الصحابة، وقال لم يثبت حديثه (هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بصلاة غير المكتوبة؟ قال: ما بين العشاء والمغرب) ، قال العراقي: رواه أحمد، وفيه رجل لم يسم. اهـ .

قلت: قال أحمد: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن رجل، عن عبيد مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل: أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالصلاة بعد المكتوبة أو سوى المكتوبة؟ قال: نعم، بين المغرب والعشاء..

ومن طريق شعبة عن سليمان: قرأ علينا رجل في مجلس أبي عثمان النهدي، فحدثنا عن عبيد مولى النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه ابن منده من هذا الوجه إلى سليمان، فقال: عن شيخ عن عبيد، وأخرج أيضا هو وابن السكن من طريق يزيد بن هارون، عن سليمان التميمي، سمعت رجلا يحدث في مجلس أبي عثمان، عن عبيد، لم يذكر بينهما أحدا. قال ابن عبد البر: لم يسمع سليمان عن عبيد، بينهما رجل، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية