إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وكان بعض الصالحين يكثر النكاح حتى لا يكاد يخلو من اثنتين وثلاث فأنكر عليه بعض الصوفية فقال : هل يعرف أحد منكم أنه جلس بين يدي الله تعالى جلسة أو وقف بين يديه موقفا في معاملة فخطر على قلبه خاطر شهوة ؟ فقالوا : يصيبنا من ذلك كثير فقال : لو رضيت في عمري كله بمثل حالكم في وقت واحد لما تزوجت لكني ما خطر على قلبي خاطر يشغلني عن حالي إلا نفذته فأستريح وأرجع إلى شغلي ، ومنذ أربعين سنة ما خطر على قلبي معصية .


( وكان بعض الصالحين يكثر النكاح حتى لا يخلو) ولفظ " القوت ": حدثنا بعض علماء خراسان عن شيخ له من الصالحين كان يصحب عبدان صاحب ابن المبارك ووصف من صلاحه وعمله قال: وكان يكثر التزويج حتى لم يكن يخلو ( من اثنتين أو ثلاث فأنكر عليه بعض الصوفية) ، ولفظ " القوت " فعوتب في ذلك، ( فقال: هل يعرف أحد منكم أنه جلس بين يدي الله جلسة أو وقف) بين يديه ( في معاملة فخطر على قلبه خاطر شهوة؟ فقالوا: يصيبنا من ذلك كثير) ولفظ " القوت ": قد يصيبنا هذا كثيرا. ( فقال: لو رضيت في عمري كله بمثل حالكم في وقت واحد لما تزوجت) ثم قال: ( لكني ما خطر على قلبي خاطر) قط (يشغلني إلا نفذته لأستريح) منه (وأرجع إلى شغلي، ومنذ أربعين سنة ما خطر على قلبي) خاطر ( معصية) أورده صاحب "القوت " بتمامه، وهو الذي أوصى به مشايخنا السادة النقشبندية. قالوا: إذا وقع للسالك في أثناء الذكر أو المراقبة تفرقة من خاطر خطر بقلبه بسبب وقوع بصره على فرس أعجبته أو جارية أو تحركت نفسه للتزويج أو شراء ثوب أو غير ذلك، فليدفع هذا الخاطر بالذكر مهما أمكنه، وإلا فلينفذه سريعا إن قدر عليه ثم يرجع إلى شغله [ ص: 304 ] وبهذا يسلم القلب عن توارد الخواطر المذمومة عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية