إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الركن الثاني : في المعقود عليه ، وهو : المال المقصود نقله من أحد العاقدين إلى الآخر ، ثمنا كان ، أو مثمنا فيعتبر فيه ستة شروط .

الأول : أن لا يكون نجسا في عينه ، فلا يصح بيع كلب ، وخنزير ولا بيع زبل وعذرة
(الركن الثاني: في المعقود عليه، وهو: المال المقصود نقله من) ذمة (أحد العاقدين إلى) ذمة (الآخر، ثمنا كان، أو مثمنا) وهو: ما قام مقام الثمن، وجملة ما قيل في الثمن والمثمن، ثلاثة أقوال، أحدها: أن الثمن ما ألصق به الباء، ويحكى هذا عن القفال. [ ص: 427 ] والثاني: أن الثمن: هو النقد، والمثمن: ما يقابل، على اختلاف الوجهين. والثالث، وهو الأصح: أن الثمن: هو النقد، والمثمن: ما يقابله، فإن لم يكن في العقد نقدا، وكان العوضان نقدين، فالثمن: ما ألصق به الباء، والمثمن: ما يقابله .

ولو باع أحد النقدين بالآخر، فعلى الوجه الثاني، لا ثمن فيه .

ولو باع عرضا بعرض، فعلى الثاني، لا ثمن فيه، وإنما صحت مقايضة (فيعتبر فيه ستة شروط) واقتصر في الوجيز على خمسة (الأول: أن لا يكون نجسا في عينه، فلا يصح بيع كلب، وخنزير) وما تولد منهما، أو من أحدهما، روي أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن ثمن الكلب. وفي حديث جابر، مرفوعا: إن الله عز وجل حرم بيع الخمر، والميتة، والأصنام، والخنزير. ولا فرق بين أن يكون الكلب معلما، أو غير معلم، وبهذا قال أحمد، وعن أبي حنيفة، رحمه الله: تجويز بيع الكلب، إلا أن يكون عقورا، ففيه روايتان، وعن أصحاب مالك اختلاف فيه، منهم من لم يجوزه، ومنهم من جوز الكلب المأذون في إمساكه .

(ولا يصح بيع زبل) بالكسر (وعذرة) بفتح فكسر، وزان كلمة، ولا يخرق تخفيفها الخرء، فإنهما نجسا عين، وقال أبو حنيفة: يجوز بيع السرجين الثخين; لما تسمد به الأرض، فصار مما ينتفع به في حال، ووافق أحمد الشافعي ومالكا في جواز بيع السرجين، والبول .

(تنبيه)

قال أصحابنا: لا يجوز بيع شعر الخنزير، ويجوز الانتفاع به للغرز; لأنه نجس العين، ولا يجوز قنية له; لأنه كالخمر; وهذا لأن جواز بيعه يشعر بإعزازه في غير الآدمي، ونجاسته تشعر بجواز المحل، وإنما جاز الانتفاع به للأساكفة; لأن خرز النعال، والأخفاف لا يتأتى إلا به، فكان فيه ضرورة. وعن أبي يوسف: أنه يكره; لأن الخرز يتأتى بغيره، والأول هو الظاهر; لأن الضرورة تبيح لحمه، فالشعر أولى، ثم لا حاجة إلى شرائه; لأنه يوجد مباح الأصل، وقال الفقيه أبو الليث: إن كانت الأساكفة لا يجدون شعر الخنزير إلا بالشراء، ينبغي أن يجوز لهم الشراء; لأن ذلك حالة الضرورة، فأما البيع فيكره; لأنه لا حاجة إليه للبائع .

التالي السابق


الخدمات العلمية