إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وروي أن سعدا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله تعالى أن يجعله مجاب الدعوة ، فقال له أطب :طعمتك تستجب دعوتك .

ولما ذكر صلى الله عليه وسلم الحريص على الدنيا قال : رب أشعث أغبر مشرد في الأسفار مطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام يرفع يديه فيقول : يا رب يا رب ، فأنى يستجاب لذلك .

وفي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن لله ملكا على بيت المقدس ينادي كل ليلة : من أكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل فقيل الصرف النافلة والعدل الفريضة .


(وروي أن سعدا) هو ابن أبي وقاص القرشي الزهري أحد العشرة رضي الله عنه (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله تعالى أن يجعله مجاب الدعوة، فقال له:) صلى الله عليه وسلم (طيب طعمتك) ، بضم الطاء هو ما يطعمه الإنسان، أي: اجعله طيبا، أي: حلالا، (تستجب دعوتك) ، هكذا هو في القوت، قال العراقي : رواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس ، وفيه من لا أعرفه اهـ .

قلت: ولفظه: تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ، فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال: يا سعد طيب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفسي بيده إن العبد ليقذف بلقمة الحرام من جوفه فلا يتقبل منه عمل أربعين يوما، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا، فالنار أولى به" . وأعله ابن الجوزي ، وقد كان سعد رضي الله عنه مستجاب الدعوة معتزلا عن الفتنة وهو آخر العشرة موتا، (وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحريص على الدنيا) ، فذمه (قال: رب أشعث) ، أي: المتلبد الشعر لقلة تعهده بالدهن (أغبر) ، أي: متغير اللون، ويقال: هو أشعث، أي: من غير استحداد ولا تنظف، (مشرد في الأسفار) [ ص: 8 ] أي: مطرود من موضع إلى موضع لا يستقر في دعة (مطعمه حرام) ، أي: مأكله (وملبسه حرام وغذي) جسده (بالحرام يرفع يديه) ويدعو (فيقول: يا رب يا رب، فأنى يستجاب لذلك) أي: كيف يستجاب لمثله، هكذا هو في سياق القوت، قال العراقي : رواه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر" ، قلت: وأوله: إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ، وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ، وذكر: "الرجل يخرج من بيته أشعث أغبر يقول: لبيك اللهم لبيك، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" ، رواه الفقيه سليم في جزئه فقال: أخبرناه أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد الهيثم، أخبرنا أبو القاسم الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدميري ، عن عبد الرزاق ، عن سفيان ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عدي بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة (وفي حديث ابن عباس ) رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لله تعالى ملكا على بيت المقدس ينادي في كل ليلة: من أكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل فقيل) ، في تفسيره: (الصرف النافلة والعدل الفريضة) ، هكذا هو في القوت، قال العراقي : لم أقف له على أصل، وفي مسند الفردوس للديلمي من حديث ابن مسعود : "من أكل لقمة من حرام لم يقبل منه صلاة أربعين ليلة" . الحديث، وهو منكر اهـ، قلت: وتمامه: "ولم تستجب له دعوة أربعين ليلة، وكل لحم ينبته الحرام فالنار أولى به ، وإن اللقمة الواحدة من الحرام لتنبت اللحم .

التالي السابق


الخدمات العلمية