إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم في الثناء على الإخوة في الدين : " من أراد الله به خيرا رزقه خليلا صالحا إن نسي ذكره ، وإن ذكر أعانه وقال صلى الله عليه وسلم : مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى تغسل إحداهما الأخرى ، وما التقى مؤمنان قط ، إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيرا وقال عليه السلام في الترغيب في الأخوة في الله : من آخى أخا في الله رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله .

وقال أبو إدريس الخولاني لمعاذ إني أحبك في الله ، فقال له : أبشر ، ثم أبشر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ينصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس وهم لا ، يفزعون ، ويخاف الناس وهم لا يخافون وهم ، أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فقيل : من هؤلاء يا رسول الله فقال ؟ : هم المتحابون في الله تعالى .


(وقال صلى الله عليه وسلم في الثناء على الأخوة في الدين : "من أراد الله به خيرا رزقه خليلا صالحا إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه ) هكذا هو في القوت، وفي نسخة العراقي : أخا صالحا، وقال: هو غريب بهذا اللفظ، والمعروف أن ذلك في الأمير، رواه أبو داود من حديث عائشة : "إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه" . الحديث. ضعفه ابن عدي ولأبي عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة من حديث علي من سعادة المرء أن يكون إخوانه صالحين ، انتهى .

قلت: وباقي حديث عائشة : "وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه" . وقد رواه البيهقي أيضا، (وقال صلى الله عليه وسلم: مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى، وما التقى مؤمنان قط، إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيرا ) . هكذا هو في القوت، قال العراقي : رواه أبو عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة، والديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس ، وفيه أحمد بن محمد بن غالب الباهلي كذاب، وهو من قول سلمان الفارسي في الأول من الحربيات، انتهى، قلت: وأخرجه ابن شاهين في الترغيب والترهيب من طريق دينار عن أنس مرفوعا: "مثل المؤمنين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى ، ودينار أبو مكيس ، قال [ ص: 174 ] ابن حبان : يروي عن أنس أشياء موضوعة، انتهى. والباهلي هذا يعرف بغلام خليل ، قال الدارقطني : كان يضع الحديث .

وأما الذي في أول الحربيات، فقال: أبو الحسن علي بن عمر بن محمد السكري الحريري : حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ، ثنا يحيى بن معين ، ثنا وهب بن جرير ، ثنا أبي قال: سمعت الأعمش يحدث عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري عن سلمان قال: مثل المسلم أو المؤمن وأخيه، كمثل الكفين تنقي إحداهما الأخرى ، قلت: وقد رواه بهذا اللفظ أبو نعيم من حديث سلمان مرفوعا: (وقال صلى الله عليه وسلم في الترغيب في الأخوة في الله : من آخى أخا في الله رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله ) .

قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان من حديث أنس : "ما أحدث عبد إخاء في الله عز وجل إلا أحدث الله عز وجل له درجة في الجنة" . وإسناده ضعيف، انتهى، قلت: ورواه أيضا الديلمي في مسند الفردوس، وسيأتي للمصنف قريبا، (وقال أبو إدريس) عائذ الله بن عبد الله بن عمرو (الخولاني) العوذي، قال الزهري : كان قاضي أهل الشام وقاضيهم في خلافة عبد الملك ، قال ابن معين وغيره: مات سنة ثمانين، روى له الجماعة، (لمعاذ) بن جبل رضي الله عنه، اختلف في سماع أبي إدريس من معاذ ، فقال أبو زرعة الدمشقي : لم يصح له سماع من معاذ ، وإذا حدث عنه أسند ذلك إلى يزيد بن عميرة الزبيدي ، وقال الزهري : أدرك أبو إدريس عبادة بن الصامت وأبا الدرداء وشداد بن أوس ، وفاته معاذ بن جبل وقال أبو عمر بن عبد البر : سماع أبي إدريس من معاذ صحيح عندنا من رواية أبي حازم وغيره، ولعل رواية الزهري عنه أنه قال: قاتني معاذ أراد في معنى من المعاني، وأما لقاؤه وسماعه منه فصحيح غير مدفوع، وقد سئل الوليد بن مسلم ، وكان عالما بأيام أهل الشام : هل لقي أبو إدريس معاذا ، فقال: نعم، أدرك معاذا وأبا عبيدة ، وهو ابن عشر سنين، ولد يوم حنين، سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول ذلك، (إني أحبك في الله، فقال له: أبشر، ثم أبشر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ينصب لطائفة) أي: لجماعة من الناس (كراسي) جمع كرسي، (حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر) ، وهي ليلة نصف الشهر (يفزع الناس، ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فقيل: من هؤلاء يا رسول الله؟ قال: هم المتحابون في الله) ، قال العراقي : رواه أحمد والحاكم في حديث طويل: إن أبا إدريس قال: قلت لمعاذ : والله إني لأحبك في الله، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المتحابين بجلال الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله" ، وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين، وهو عند الترمذي من رواية أبي مسلم الخولاني عن معاذ بلفظ: "المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء" ، قال: حديث حسن صحيح، ولأحمد من حديث أبي مالك الأشعري : إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على منازلهم وقربهم من الله عز وجل" . الحديث، وفيه: "تحابوا في الله وتصافحوا به يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" . وفيه شهر بن حوشب مختلف فيه، انتهى .

قلت: وروى الطبراني في الكبير من حديث معاذ : "إن المتحابين في الله في ظل العرش" ، ومن حديث أبي أيوب : المتحابون في الله على كراسي من ياقوت حول العرش" .

وأخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة سعيد الجريري عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، رفعه: "إن في الجنة غرفا ترى ظواهرها من بواطنها، وبواطنها من ظواهرها، أعدها الله للمتحابين فيه، المتزاورين فيه، المتباذلين فيه" .

التالي السابق


الخدمات العلمية