إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومنها أن لا يؤذي أحدا من المسلمين بفعل ولا قول ، قال صلى الله عليه وسلم : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .

"
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل يأمر فيه بالفضائل : فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدقت بها على نفسك .

وقال أيضا : " أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده .

" وقال صلى الله عليه وسلم : أتدرون من المسلم ؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم قال : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، قالوا : فمن المؤمن ؟ قال : من أمنه المؤمنين على أنفسهم وأموالهم ، قالوا : فمن المهاجر ؟ قال : من هجر السوء واجتنبه .

وقال ، رجل : يا رسول الله ، ما الإسلام ؟ قال : أن يسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك وقال مجاهد يسلط على أهل النار الجرب فيحتكون حتى يبدو عظم أحدهم من جلده فينادي : يا فلان ، هل يؤذيك هذا ؟ فيقول : نعم فيقول ، هذا بما كنت تؤذي المؤمنين .

وقال صلى الله عليه وسلم : لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين .

وقال أبو هريرة رضي الله عنه يا رسول الله علمني شيئا أنتفع به قال : اعزل الأذى عن طريق المسلمين .

وقال صلى الله عليه وسلم : من زحزح عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له به حسنة ، ومن كتب الله له حسنة أوجب له بها الجنة .

وقال صلى الله عليه وسلم : لا يحل لمسلم أن يشير إلى أخيه بنظرة تؤذيه وقال : لا يحل لمسلم أن يروع مسلما .

وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله يكره أذى المؤمنين .

وقال : الربيع ابن خيثم الناس رجلان : مؤمن فلا تؤذه ، وجاهل فلا تجاهله .


(ومنها أن لا يؤذي أحدا بفعل ولا قول، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده") وإنما خصهما بالذكر لأن الأذى بهما أكثر وأغلب، وقدم اللسان لأن أكثر الأذى به ولكونه يعبر به عما في الضمير، وعبر به دون القول ليشمل من أخرج لسانه استهزاء باليد دون بقية الجوارح لتدخل اليد المعنوية كالاستيلاء على حق الغير ظلما، وأما إقامة الحد والتعزيز فبالنظر إلى المقصود الشرعي إصلاح ولوما لا لإيذاء، وقوله: من سلم المسلمون؛ أي: وغيرهم من أهل الذمة فالتقييد غالبي كالتقييد بجمع المذكر، وفي الحديث من أنواع البديع جناس الاشتقاق، وهو من جوامع الكلم. قال العراقي: متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو. اهـ .

قلت: ورواه مسلم أيضا من حديث جابر أبي موسى ورواه الحاكم من حديث أنس وفضالة بن عبيد، ورواه أحمد من حديث معاذ وعمرو بن [ ص: 254 ] عبسة، ورواه الطبراني من حديث بلال بن الحارث وابن عمر وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع -رضي الله عنهم- ورواه أحمد والترمذي والنسائي والحاكم من حديث أبي هريرة بزيادة: "والمؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم". زاد الحاكم: "والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب".

(وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث طويل يأمر فيه بالفضائل: فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها) أي: تلك الخصلة (صدقة تتصدق بها على نفسك) .

قال العراقي: متفق عليه من حديث أبي ذر. اهـ .

قلت: وأخرج أبو نعيم من طريق أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر قال: دخلت المسجد وإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس وحده فجلست إليه.. الحديث، وفيه قال: قلت: فأي المؤمنين أسلم؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده". ثم ساق الحديث بطوله .

(وقال) صلى الله عليه وسلم (أيضا: "أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده") .

قال العراقي: متفق عليه من حديث أبي موسى. اهـ .

قلت: وروى الطبراني في الكبير من حديث ابن عمرو: أفضل المؤمنين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه ويده. الحديث .

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: أتدرون من المسلم؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، قالوا: فمن المؤمن؟ قال: من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، قالوا: فمن المهاجر؟ قال: من هجر الشر واجتنبه، فقال رجل: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: أن يسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك) .

قال العراقي: رواه الطبراني والحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد "ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب" ورواه ابن ماجه مقتصرا على المؤمن والمهاجر، وللحاكم من حديث أنس وقال: على شرط مسلم "والمهاجر من هجر السوء" ولأحمد من حديث عمرو بن عبسة بإسناد صحيح، قال رجل: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: أن يسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك. اهـ .

قلت: حديث فضالة بن عبيد رواه الحاكم من حديث أنس أيضا وحديث عمرو بن عبسة رواه أحمد من حديث معاذ أيضا ورواه الطبراني أيضا من حديث بلال بن الحارث وابن عمر وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع مختصرا، ورواه أحمد أيضا والترمذي والنسائي والحاكم أيضا من حديث أبي هريرة "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" زاد الحاكم وحده "والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب" وفي حديث أبي ذر الطويل في الحلية قال: قلت: يا رسول الله فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر السيئات.

وروى الطبراني من حديث ابن عمرو "وأفضل المهاجرين من هجر ما نهى الله عنه، وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله -عز وجل-".

(وقال مجاهد) بن جبر المكي التابعي (يسلط على أهل النار الجرب) محركة وهو داء معروف (فيحتكون حتى يبدو عظم أحدهم من جلده فينادى: يا فلان، هل يؤذيك هذا؟ فيقول: نعم، فيقال) له: (هذا بما كنت تؤذي المؤمنين) في الدنيا فجوزي به جزاء وفاقا .

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة) أي: يتنعم بملاذها أو يمشي ويتبختر (في شجرة) أي: من أجل شجرة (قطعها من ظهر الطريق) احتسابا لله تعالى، ولفظ الظهر مقحم (كانت تؤذي الناس) فشكر الله له ذلك فأدخله الجنة. وفيه فضل إزالة الأذى عن الطريق كشجر وغصن يؤذي وحجر يتعثر به أو قذر أو جيفة، وذلك من شعب الإيمان، قال العراقي: رواه مسلم عن أبي هريرة. اهـ. قلت: وهكذا هو في الجامعين الكبير والصغير للجلال، قال المناوي في شرحه: وقد أخرجه البخاري أيضا في المظالم من حديث أبي هريرة، والله أعلم .

وروى ابن ماجه من حديثه بلفظ: كان على الطريق غصن شجر يؤذي الناس فأماطها رجل فأدخل الجنة.

(وقال أبو هريرة) هكذا في سائر نسخ الكتاب، ووجدت بخط الحافظ العراقي ما نصه: ولعله أبو برزة، وهكذا رأيت في نسخة من نسخ الكتاب مصلحا بخط بعض من يوثق به، وكذا في نسخ الجامع الصغير: كتب بعض المقيدين أبو برزة بإزاء أبي هريرة (يا رسول الله علمني شيئا أنتفع به، فقال -عليه الصلاة والسلام-: اعزل الأذى [ ص: 255 ] عن طريق المسلمين) أي: أزل عن طريقهم ما يؤذيهم من حجر أو غصن أو شوك أو جيفة أو قذر وإن كان يسيرا حقيرا، ويظهر أن المراد بالطريق المسلوك لا المهجور وإن مر فيه على ندور، وخرج بطريق المسلمين طريق أهل الحرب وغيرهم فلا يندب عزل الأذى عنها. قال العراقي: رواه مسلم من حديث أبي برزة، قال: قلت: يا نبي الله، فذكره قلت: هكذا في نسخ لمسلم وفي بعضها أبو هريرة، وقد رواه أبو داود كذلك وبخط الحافظ ابن حجر رواه الطبراني في الكبير من حديث معقل بن يسار.

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: من زحزح عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب له بها حسنة، ومن كتب له حسنة أوجب الله له بها الجنة) .

قال العراقي: رواه أحمد من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف. اهـ .

قلت: كذلك رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عساكر (وقال -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل لمسلم أن يشير إلى أخيه بنظرة تؤذيه) وفي نسخة: بنظرة يؤذيه، قال العراقي: رواه ابن المبارك في الزهد من رواية حمزة بن عبيدة مرسلا بسند ضعيف، وفي البر والصلة له من زيادات الحسين المروزي حمزة بن عبد الله بن أبي سمي، وهو الصواب .

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما) أي: يفزعه كإشارته بسيف أو حديدة أو أفعى وإن كان هازلا لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه، قال العراقي: رواه أحمد والطبراني من حديث رجال من الصحابة بإسناد حسن، قلت: ورواه أيضا أبو داود والبغوي والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يسيرون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ورواه الطبراني في الكبير من حديث النعمان بن بشير والدارقطني في الأفراد من حديث بن عمرو وابن المبارك في الزهد من حديث أبي هريرة.

(وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يكره أذى المؤمن) .

قال العراقي: رواه ابن المبارك في الزهد من رواية عكرمة بن خالد مرسلا بإسناد جيد. اهـ .

قلت: وقال الحافظ ابن حجر: ذكره الترمذي تعليقا (وقال: الربيع بن خثيم) الكوفي العابد تقدمت ترجمته في كتاب تلاوة القرآن (الناس رجلان: مؤمن فلا تؤذه، وجاهل فلا تجاهله) أي: لا تخاطبه بما يجهله على جهله عليك .

التالي السابق


الخدمات العلمية