إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومنها أن يوقر المشايخ ويرحم الصبيان قال جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولم يرحم صغيرنا .

وقال صلى الله عليه وسلم من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم .


(ومنها أن يوقر المشايخ) ذوي الأسنان؛ أي: يعظمهم (ويرحم الصبيان) أي: الأطفال الصغار (قال جابر) بن عبد الله -رضي الله عنه- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا) أي: من أهل سنتنا (من لم يوقر) أي: يعظم (كبيرنا) بما يستحقه من التبجيل والتعظيم (ولم يرحم صغيرنا) الواو بمعنى أو، فالتحذير من كل منهما فيتعين أن يعامل كلا منهما بما يليق به فيعطي الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه ويعطي الكبير حقه من الشرف والتوقير. قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف وهو عند أبي داود والبخاري في الأدب المفرد من حديث عبد الله بن عمر بسند [ ص: 259 ] حسن. اهـ .

قلت: ويروى بتقديم الجملة الأخيرة على الأولى، وهكذا رواه الترمذي والخرائطي من حديث أنس ورواه أبو نعيم وأبو موسى المديني في الذيل من حديث الأحظ ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث علي وأبي هريرة وابن مسعود.

وروي "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولا يشرف كبيرنا" وهكذا رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، والحاكم من حديث ابن عمرو، ويروى "ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا" وهكذا رواه الطبراني في الكبير والحكيم من حديث أبي أسامة والطبراني أيضا من حديث واثلة، ويروى بزيادة: "ويعرف لعالمنا حقه". وهكذا رواه أحمد والطبراني في الكبير والعسكري في الأمثال وابن جرير والحاكم وأيضا من حديث عبادة بن الصامت، ويروى: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا وليس منا من غشنا" الحديث، وهكذا رواه الطبراني في الكبير من طريق حسين بن عبد الله بن شميرة عن أبيه عن جده، ويروى بلفظ المصنف بزيادة: "ويجل عالمنا" وهكذا رواه الكشفوي في الأمثال من حديث عبادة ويروى: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر" وهكذا رواه أحمد والترمذي، وقال: غريب من حديث ابن عباس.

(والتلطف بالصبيان من عادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) فروى البزار من حديث أنس "كان من أفكه الناس مع صبي"، وقد تقدم في النكاح وفي الصحيحين من حديث أنس "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟" وغير ذلك .

(وقال) -صلى الله عليه وسلم- (من إجلال الله) أي: تعظيمه (إكرام ذي الشيبة المسلم) أي: تعظيم الشيخ الكبير صاحب الشيبة البيضاء الذي عمره في الإسلام وتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه، قال العراقي: رواه أبو داود من حديث أبي موسى الأشعري بإسناد حسن. ا هـ. قلت: وتمامه: وحامل القرآن غير المغالي والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط وقد سكت عليه أبو داوود، أي: فهو حسن عنده. وهكذا قاله ابن القطان، والحافظ ابن حجر وأورده ابن الجوزي في الموضوعات بهذا اللفظ من حديث أنس، ونقل عن ابن حبان أنه لا أصل له، ولم يصب ابن الجوزي ولا ابن حبان، بل له أصل من حديث أبي موسى، وأما حديث أنس الذي قال ابن حبان: لا أصل له فلفظه: "إن من إجلال الله توقير الشيخ من أمتي" ورواه الخطيب في الجامع وفيه عبد الرحمن بن حبيب عن بقية، قال: يحيى ليس بشيء، وروى أبو الشيخ في التوبيخ من حديث جابر: ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق بين النفاق: ذو الشيبة في الإسلام، والإمام المقسط، ومعلم الخير. ورواه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة نحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية