إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الفائدة الخامسة :

في نيل الثواب وإنالته .

أما النيل فبحضور الجنائز وعيادة المريض وحضور العيدين وأما حضور الجمعة فلا بد منه .

وحضور الجماعة في سائر الصلوات أيضا لا رخصة في تركه إلا لخوف ضرر ظاهر يقاوم ما يفوت من فضيلة الجماعة ويزيد عليه وذلك لا يتفق إلا نادرا .

وكذلك في حضور الإملاكات والدعوات ثواب من حيث إنه إدخال سرور على قلب مسلم .

وأما إنالته فهو أن يفتح الباب لتعوده الناس أو ليعزوه في المصائب أو يهنوه على النعم فإنهم ينالون بذلك ثوابا وكذلك إذا كان من العلماء وأذن لهم في الزيارة نالوا ثواب الزيارة وكان هو بالتمكين سببا فيه فينبغي أن يزن ثواب هذه المخالطات بآفاتها التي ذكرناها وعند ذلك قد ترجح العزلة وقد ترجح المخالطة .

فقد حكي عن جماعة من السلف مثل مالك وغيره ترك إجابة الدعوات وعيادة المرضى وحضور الجنائز بل كانوا أحلاس بيوتهم لا يخرجون إلا إلى الجمعة أو زيارة القبور وبعضهم فارق الأمصار وانحاز إلى قلل الجبال تفرغا للعبادة وفرارا من الشواغل .


(الفائدة الخامسة: في نيل الثواب)

من الله تعالى (وإنالته) للغير ذلك بأن يكون سببا لحصول ذلك له (أما النيل فبحضور الجنائز) فيمشى معها ويصلى عليها (وعيادة المرضى وحضور العيدين) لصلاتهما (أما حضور الجمعة فلا بد منه) فقد ورد في تركه وعيد في أخبار صحيحة (وحضور الجماعات في سائر الصلوات أيضا لا رخصة في تركه إلا خوف ضرر ظاهر) كعدو يترقبه في طريقه سواء أكان إنسانا أو حيوانا أو غريما يلازمه بحيث (يقاوم ما يفوت من فضيلة الجماعة ويزيد عليه وذلك لا يتفق إلا نادرا) والنادر لا حكم له (وكذلك في حضور الإملاكات بفتح الباب ليعوده الناس) إن كان مريضا (أو يعزوه في المصائب) إن وقعت له مصيبة من حادثة موت أو غيره (أو يهنوه على النعم) من شفاء مريض أو ورود خبر عن قادم أو غير ذلك (فإنهم ينالون بذلك ثوابا) من الله -عز وجل- .

(وكذلك إذا كان الرجل من العلماء) العاملين المشهورين بالسمت الحسن والصلاح (وأذن لهم في الزيارة) له ما يطلب صريح أو بالقرينة المشاهدة (وكان هو بالتمكين سببا فيه فينبغي أن يزن ثواب هذه المخالطات بآفاتها التي ذكرناها) آنفا وليقابلها مع بعضها (وعند ذلك قد تترجح الزلة وقد تترجح المخالطة فقد حكي عن جماعة من السلف) الصالحين (مثل مالك) بن أنس (رضي الله عنه) عالم المدينة (وغيره) من أكابر الأئمة (ترك إجابة الدعوات وترك عيادة المرضى و) ترك حضور (الجنائز بل كانوا حلاس بيوتهم) جمع حلس بكسر فسكون وهو الحصير الذي يلي الأرض؛ أي: كانوا ملازمين بيوتهم لا ينتقلون كما أن الأحلاس لا تنتقل، وفي هذا إشارة إلى كمال التواضع (ولا يخرجون إلا إلى الجمعة) فقط (أو زيارة القبور) إن آنسوا من قلبهم قساوة (وبعضهم) ترك الجمعة والجماعات وبعضهم (فارق الأمصار وانحاز) إلى القرى فاتخذها دارا وبعضهم انحاز (إلى قمم الجبال) وشعابها [ ص: 370 ] ومغاراتها كل ذلك (تفرغا للعبادة وفرار الشواغل) الدنيوية .

التالي السابق


الخدمات العلمية