إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وعن الأصمعي قال : دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك بن مروان وهو جالس على سريره وحواليه الأشراف من كل بطن وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته ، فلما بصر به قام إليه وأجلسه معه على السرير وقعد بين يديه وقال له : يا أبا محمد ما حاجتك ، فقال : يا أمير المؤمنين اتق الله في حرم الله وحرم رسوله ، فتعاهده بالعمارة واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار ، فإنك بهم جلست هذا المجلس ، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين ، وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسئول عنهم ، واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم ولا تغلق بابك دونهم .

فقال له أجل : أفعل ثم نهض وقام .

فقبض عليه عبد الملك فقال : يا أبا محمد إنما سألتنا حاجة لغيرك وقد قضيناها فما حاجتك أنت ، فقال : ما لي إلى مخلوق حاجة .

ثم خرج ، فقال عبد الملك : هذا وأبيك الشرف .


(وعن الأصمعي) هو أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الأصمعي الباهلي البصري صاحب النحو واللغة والأخبار والغريب والملح والنوادر، كان أحمد وابن معين يثنيان على الأصمعي في السنة، وقال الشافعي: ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي.

قال ابن معين: هو ثقة، وقال أبو داود: صدوق، توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين بالبصرة .

روى له مسلم في مقدمة كتابه وأبو داود في تفسير أسنان الإبل من السنن والترمذي في حديث أم زرع (قال: دخل عطاء بن أبي رباح) واسمه أسلم القرشي الفهري أبو محمد المكي مولى آل أبي خيثم عامل عمر بن الخطاب على مكة.

قال ابن المديني: أبوه مولى حبيبة بنت ميسرة بن أبي خيثم، وانتهت إليه الفتوى في زمانه بمكة، وكان أعور أشل أفطس أعرج أسود ثم عمي بعد، توفي سنة 114 .

روى له الجماعة (على عبد الملك بن مروان) بن الحكم الأموي، (وهو جالس على سريره وحواليه الأشراف من كل بطن وذلك بمكة في وقت حجه في) أيام (خلافته، فلما بصر به قام إليه) فسلم عليه، (وأجلسه معه على السرير وقعد بين يديه وقال: يا أبا محمد ما حاجتك، فقال: يا أمير المؤمنين اتق الله فى حرم الله وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم ولا تغلق بابك دونهم، فقال له: أفعل ثم نهض وقام، فقبض عليه عبد الملك فقال: يا أبا محمد إنما سألتنا حاجة لغيرك وقد قضيناها فما حاجتك، فقال: ما لي إلى مخلوق حاجة ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك الشرف) هكذا أخرجه المزني في تهذيب الكمال في ترجمة عطاء إلا أنه قال في الأخير: هذا وأبيك السؤدد بدل الشرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية