إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وكانت ثيابه كلها مشمرة فوق الكعبين ، ويكون الإزار فوق ذلك إلى نصف الساق وكان قميصه مشدود الأزرار وربما حل الأزرار في الصلاة وغيرها وكانت له ملحفة مصبوغة بالزعفران ، وربما صلى بالناس فيها وحدها وربما لبس الكساء وحده ما عليه غيره وكان له كساء ملبد يلبسه ويقول : إنما أنا عبد ألبس كما يلبس العبد .


(وكانت ثيابه) -صلى الله عليه وسلم- (كلها مشمرة وفوق الكعبين ، ويكون الإزار فوق ذلك إلى نصف الساق) .

قال العراقي : روى أبو الفضل محمد بن طاهر في كتاب صفوة التصوف من حديث عبد الله بن بسر : "كانت ثياب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إزاره فوق الكعبين ، وقميصه فوق ذلك ، ورداؤه فوق ذلك" ، وإسناده ضعيف ، وللحاكم وصححه من حديث ابن عباس : "كان يلبس قميصا فوق الكعبين"، الحديث ، وهو عند ابن ماجه بلفظ: " قميصا قصير اليدين والطول"، وسندهما ضعيف ، وللترمذي في الشمائل من رواية الأشعث قال: سمعت عمتي تحدث عن عمها ، فذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه: " إزاره إلى نصف ساقه".

ورواه النسائي وسمى الصحابي عبيد بن خالد ، واسم عمة الأشعث رهم بنت الأسود ولا تعرف اهـ .

قلت: عبيد بن خالد السلمي البهيزي ، وقيل: عبيدة ، وقيل: عبدة شهد صفين مع علي قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : "لو رفعت إزارك كان أبقى وأنقى"، قاله شيبان النحوي عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن عمته ، عن عتيك قال خليفة: كنيته أبو عبد الله من ساكني الكوفة ، أدرك زمن الحجاج ، وقال ابن أبي حاتم : اسمه عبيدة .

(وكان) -صلى الله عليه وسلم- (قميصه مشدود الأزرار وربما حل الأزرار في الصلاة وغيرها) .

قال العراقي : رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي في الشمائل من رواية معاوية بن قرة بن إياس قال: " أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار"، وللبيهقي من رواية زيد بن أسلم قال: "رأيت ابن عمر يصلي محلول أزراره فسألته عن ذلك ، فقال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله"، وفي العلل للترمذي أنه سأل البخاري عن هذا الحديث ؟ فقال: أنا أتقي هذا الشيخ ، كان حديثه موضوعا، يعني زهير بن محمد راويه ، عن زيد بن أسلم ، قلت: تابعه عليه الوليد بن مسلم ، عن زيد ، رواه ابن خزيمة في صحيحه ، اهـ .

قلت: وجدت بخط الشمس الداودي كذا في الأصل ، والوليد لم يلحق زيد بن أسلم ، وإنما رواه عن زهير بن محمد أيضا ، كذا في أصل ابن خزيمة في كتاب الصلاة اهـ .

وبخط الشمس الشامي تحته ، وكذا أخرجه ابن حبان ، والحاكم من الوجه الذي أخرجه عنه ابن خزيمة ، وكذا البيهقي ، والحاكم ، وكذا في مسند البزار ، وغيره اهـ .

قال العراقي : وللطبراني من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف : "دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي محتبيا محلل الأزرار، (وكانت له) -صلى الله عليه وسلم- (ملحفة) بكسر الميم الملاءة تلتحف بها المرأة ، (مصبوغة بالزعفران ، وربما صلى بالناس فيها وحدها) .

قال العراقي : روى أبو داود ، والترمذي من حديث قيلة بنت مخرمة قالت: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه أسمال ملاءتين كانتا بزعفران ، قال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث [ ص: 128 ] عبد الله بن حسان ، قلت: ورواته موثقون ، ولأبي داود من حديث قيس بن سعد : "فاغتسل ، ثم ناوله أبو سعد ملحفة مصبوغة بزعفران ، أو ورس ، فاشتمل بها" الحديث ، ورجاله ثقات اهـ .

قلت: وروى الخطيب في تاريخه في ترجمة نوح القوسي من حديث أنس : "كان له ملحفة مصبوغة بالورس والزعفران يدور بها على نسائه، فإذا كانت ليلة هذه رشتها بالماء، وإذا كانت ليلة هذه رشتها بالماء"، وسنده ضعيف ، والورس: نبت أصفر يزرع باليمن ، يصبغ به ، أو المراد صنف من الكركم ، أو يشبهه، وفيه : حل لبس المزعفر والمورس ، وفيه اختلاف عند العلماء .

(وربما لبس) - صلى الله عليه وسلم- (الكساء وحده ما عليه غيره) قال العراقي : رواه ابن ماجه ، وابن خزيمة من حديث ثابت بن الصامت ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بني عبد الأشهل ، وعليه كساء متلفف به ، الحديث ، وفي رواية البزار في كساء .

(وكان له) -صلى الله عليه وسلم- (كساء ملبد يلبسه) قال العراقي : روى الشيخان من رواية أبي بردة قال: " أخرجت إلينا عائشة كساء ملبدا وإزارا غليظا ، فقالت: في هذين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقد تقدم .

(ويقول: إنما أنا عبد ألبس كما يلبس العبيد) رواه البخاري من حديث عمر : "إنما أنا عبد" ولعبد الرزاق في المصنف من رواية أيوب السختياني مرفوعا معضلا "إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد"، وتقدم من حديث أنس ، وابن عمر ، وعائشة متصلا ، قاله العراقي، قلت: وروى تمام ، وابن عساكر من حديث ابن عمر : "من لبس الصوف ، وانتعل بمخصوف" الحديث، وفيه: "أنا عبد بن عبد آكل أكلة العبد ، وأجلس جلسة العبد" الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية