إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومن أبوابه العظيمة: الطمع في الناس لأنه إذا غلب الطمع على القلب لم يزل الشيطان يحبب إليه التصنع والتزين لمن طمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس حتى المطموع فيه كأنه معبوده ، فلا يزال يتفكر في حيلة التودد والتحبب إليه ، ويدخل كل مدخل للوصول إلى ذلك وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه ، والمداهنة له بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقد روى صفوان بن سليم أن إبليس تمثل لعبد الله بن حنظلة فقال له : يا ابن حنظلة ، احفظ عني شيئا أعلمك به ، فقال : لا حاجة لي به ، قال : انظر فإن كان خيرا أخذت وإن كان شرا رددت ، يا ابن حنظلة ، لا تسأل أحدا غير الله سؤال رغبة ، وانظر كيف تكون إذا غضبت فإني أملكك إذا غضبت .

.


(ومن أبوابه العظيمة الطمع) في الناس (فإذا غلب الشيطان يحسن إليه) أي: يزين في عينه (التصنع والتزين) أي: إظهار الصنع والزينة (لمن طمع فيه) أي: في ماله أو جاهه (بأنواع) من (الرياء والتلبيس حتى يصير المطموع فيه كأنه معبوده ، فلا يزال يتفكر في حيلة التردد والتحبب إليه ، ويدخل كل مدخل للوصول إلى ذلك) صعب ذلك المدخل أو هان (وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه، والمداهنة له بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقد روى صفوان بن سلمة) كذا في النسخ ، والصواب: ابن سليم كما في نسخة صحيحة ، وهو أبو عبد الله المدني الفقيه، وهو من موالي بني زهرة ، قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث عابد. وقال أحمد: هذا رجل يستسقى بحديثه وينزل القطر من السماء بذكره. وقال مالك: كانت ترم رجلاه من قيام الليل وتظهر فيه عروق خضر ، قيل: إنه حلف أن لا يضع جنبه على الأرض ، فمكث على ذلك أربعين عاما ، ومات وإنه لجالس سنة 133هـ ، روى له الجماعة (أن إبليس تمثل لعبد الله بن حنظلة) بن أبي عامر الراهب الأنصاري ، له رواية ، وأبوه حنظلة غسيل الملائكة قتل يوم أحد ، واستشهد عبد الله يوم الحرة في ذي الحجة سنة 173 هـ، وكان أمير الأنصار بها ، روى له أبو داود (فقال له: يا ابن حنظلة ، احفظ عني شيئا أعلمكه ، فقال: لا حاجة لي به ، قال: انظر فإن كان خيرا أخذت وإن كان شرا رددت ، يا ابن حنظلة ، لا تسأل أحدا غير الله سؤال رغبة ، وانظر كيف تكون إذا غضبت) يعني كف نفسك عن إنزال حاجتها لغير الله تعالى ، واحفظها عند الغضب .

التالي السابق


الخدمات العلمية