إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
بيان عظيم خطر اللسان وفضيلة الصمت .

اعلم أن خطر اللسان عظيم ، ولا نجاة من خطره إلا بالصمت ، فلذلك مدح الشرع الصمت وحث عليه ، فقال صلى الله عليه وسلم : من صمت نجا وقال صلى الله عليه وسلم : الصمت حكم وقليل فاعله ، أي : حكمة وحزم وروي .

عبد الله بن سفيان عن أبيه قال : قلت : " يا رسول الله ، أخبرني عن الإسلام بأمر لا أسأل عنه أحدا بعدك . قال : قل آمنت بالله ، ثم استقم . قال : قلت : فما أتقي فأوما ؟ بيده إلى لسانه " وقال عقبة بن عامر قلت : يا رسول الله ، ما النجاة ؟ قال : أمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك وقال سهل بن سعد الساعدي .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يتكفل لي بما بين لحييه ورجليه ، أتكفل له بالجنة وقال صلى الله عليه وسلم : من وقي شر قبقبه وذبذبه ولقلقه ، فقد وقي الشر كله القبقب هو البطن والذبذب الفرج ، واللقلق اللسان فهذه الشهوات الثلاث بها يهلك أكثر الخلق ، ولذلك اشتغلنا بذكر آفات اللسان لما فرغنا من ذكر آفة الشهوتين البطن والفرج ، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ، فقال : تقوى الله ، وحسن الخلق . وسئل عن أكثر ما يدخل النار ، فقال : الأجوفان ; الفم والفرج فيحتمل أن يكون المراد بالفم آفات اللسان ; لأنه محله ، ويحتمل أن يكون المراد به البطن ; لأنه منفذه ، فقد قال معاذ بن جبل قلت : يا رسول الله ، أنؤاخذ بما نقول ؟ فقال : ثكلتك أمك يا ابن جبل ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟ عبد الله الثقفي قلت : يا رسول الله ، حدثني بأمر أعتصم به ، فقال: قل ربي [الله]، ثم استقم. قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسانه وقال: هذا وروي أن معاذا قال يا رسول الله أي الأعمال أفضل فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لسانه ثم وضع عليه أصبعه .

وقال أنس بن مالك قال صلى الله عليه وسلم: لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جاره بوائقه .

وقال صلى الله عليه وسلم: من سره أن يسلم فليلزم الصمت .

وعن سعيد بن جبير مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تذكر اللسان، أي: تقول اتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا .

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهو يمد لسانه بيده، فقال له: ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟ قال: هذا أوردني الموارد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدته .


(بيان عظيم خطر اللسان وفضيلة الصمت )

الصمت هو السكوت، والضم لغة فيه، كالصمات، بالضم أيضا، وقد صمت صموتا، قال الطيبي : الصمت أبلغ من السكوت; لأنه يستعمل فيما لا قوة له للمنطق، وفيما له قوة النطق، (اعلم) وفقك الله تعالى (أن خطر اللسان عظيم، ولا نجاة من خطره إلا بالصمت، فلذلك مدح الشرع الصمت وحث عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: من صمت نجا ) أي: من سكت عن النطق بالشر نجا من العقاب والعتاب يوم القيامة، قال العراقي : رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بسند فيه ضعف، وقال: غريب، وهو عند الطبراني بسند جيد. اهـ .

قلت: ورواه كذلك ابن المبارك وأحمد والدارمي وابن أبي الدنيا في الصمت، والعسكري في الأمثال، والبيهقي وآخرون، ومداره على ابن لهيعة رواه عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الجيلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقال النووي في الأذكار بعدما عزاه للترمذي : إسناده ضعيف، وإنما ذكرته لكونه مشهورا. وقال المنذري : رواه الطبراني ثقات .

(وقال صلى الله عليه وسلم: الصمت حكم) بضم فسكون، (وقليل فاعله، أي:) هو (حكمة وحزم) ، وفي رواية: حكمة، والحكم أعم من الحكمة، فكل حكمة حكم، ولا عكس؛ فإن الحكيم له أن يقضي على كل شيء بشيء، فيقول: هو كذا وليس بكذا، ومنه حديث: "إن من الشعر لحكما" . أي: قضية صادقة، كذا قرره الراغب ، والمعنى أن الصمت شيء نافع يمنع من الجهل، وقل من يستعمله ويمنع نفسه من التسارع إلى النطق بما يشينه؛ لغلبة النفس الأمارة، وعدم التهذيب لها كالرياضة. قال العراقي : رواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف، بلفظ: حكمة. ورواه البيهقي في الشعب من حديث أنس بلفظ: حكم، بدل "حكمة"، وقال: غلط فيه عثمان بن سعيد ، والصحيح رواية ثابت ، قال: والصحيح عن أنس أن لقمان قاله، ورواه كذلك هو وابن حبان في كتاب روضة العقلاء بسند صحيح إلى أنس . اهـ .

قلت: أما قصة لقمان -وفيها هذا الخبر- فسيأتي قريبا في آخر الآفة الأولى، ونتكلم عليها هناك، وقد رواه أيضا العسكري في الأمثال من حديث أبي [ ص: 450 ] الدرداء بزيادة: "من كثر كلامه فيما لا يعنيه كثرت خطاياه" . (وروي عن عبد الله بن سفيان) الثقفي الطائفي، وثقه النسائي وروى له، (عن أبيه) سفيان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث الثقفي الطائفي ، صحابي، وكان عامل عمر على الطائف ، روى له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ، (قال: قلت: "يا رسول الله، أخبرني عن الإسلام بأمر لا أسأل عنه أحدا بعدك. قال: قل آمنت بالله، ثم استقم. قال: قلت: فما أتقي؟ فأومأ بيده إلى لسانه" ) قال العراقي : رواه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه ، وهو عند مسلم دون آخر الحديث الذي فيه ذكر اللسان. اهـ .

قلت: وكذلك رواه أحمد ، وقال النووي : لم يرو مسلم لسفيان غير هذا الحديث. اهـ. وهو أول حديث أخرجه الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب الصمت، فقال: حدثني أبي وعبد الله بن عمر الجشمي قالا: حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن سفيان ، عن أبيه قال: قلت: "يا رسول الله أخبرني.. فساقه بتمامه كما في سياق المصنف .

(وقال عقبة بن عامر) الجهني رضي الله عنه، اختلف في كنيته على سبعة أقوال، أشهرها أنه أبو حماد ، ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين، وبها توفي، وكان فقيها فاضلا، روى له الجماعة، ( قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك ) قال العراقي : رواه الترمذي ، وقال: حسن. اهـ .

قلت: أخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب الصمت، وهو ثاني حديث فيه، قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي ، عن عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال: قال عقبة بن عامر : قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ فساقه سواء، كما هنا .

وقد تقدم للمصنف هذا الحديث في كتاب العزلة، ووقع في النسخ هناك عن عبد الله بن عامر ، وذكرنا أن ذلك غلط من النساخ، والصواب: عن عقبة بن عامر ، كما هنا .

(وقال سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الخزرجي: (الساعدي) أبو العباس، وقيل: أبو يحيى آخر، وعمر دهرا رضي الله عنه، (قال صلى الله عليه وسلم: من يتكفل لي ما بين لحييه) ، وفي رواية: ما بين فقميه، (ورجليه، أتكفل له بالجنة) . وفي بعض النسخ: "من يتوكل، وأتوكل، في الموضعين، قال العراقي : رواه البخاري ، قلت: لفظ البخاري : "من يضمن لي... أضمن" في الموضعين، بدل: يتوكل، وأتوكل، وكذلك رواه البيهقي ، وأما سياق المصنف فقد رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح غريب، وابن حبان والحاكم ، وقال ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت: حدثنا عبد الله أبو خيثمة ، حدثنا عاصم بن عمر بن علي ، حدثني أبي عن أبي حازم المدني ، عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يتوكل لي بما بين لحييه ورجليه أتوكل له بالجنة" . ورواه العسكري في الأمثال من حديث جابر : "من ضمن لي ما بين لحييه ورجليه، ضمنت له على الله الجنة" .

(وقال صلى الله عليه وسلم: من وقي شر قبقبه وذبذبه ولقلقه، فقد وقي الشر كله ) ، قال العراقي : رواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس ، إلا أنه قدم اللقلق على القبقب، ثم ذكر الذبذب، (القبقب هو البطن) من القبقبة، وهو صوت يسمع من البطن، فكأنها حكاية ذلك الصوت، ويجوز أن يكون كناية عن أكل الحرام وشبهه، (والذبذب الفرج، واللقلق اللسان) ، ولفظ البيهقي : أما لقلقه فاللسان، وقبقبه فالفم، وذبذبه فالفرج، وقال: كذا وجدته موصولا بالحديث، وفي إسناده ضعف، وفي سادس المجالسة للدينوري من حديث أبي الأشهب عن أبي رجاء العطاردي قال: كان يقال: "إذا وقي الرجل شر لقلقه وقبقبه وذبذبه، فقد وقي" ، وله شاهد جيد من حديث أبي هريرة ، رواه الترمذي ، وحسنه ابن حبان والحاكم : "من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة" . وقد رواه ابن أبي الدنيا في الصمت أيضا، وسنده حسن، (فهذه الشهوات الثلاث بها يهلك أكثر الخلق، ولذلك اشتغلنا بذكر آفات اللسان) ، الآن (لما فرغنا من ذكر آفة الشهوتين) شهوة (البطن و) شهوة (الفرج، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل) الناس (الجنة، فقال: تقوى الله، وحسن الخلق. وسئل عن أكثر ما يدخل) الناس (النار، فقال: الأجوفان; الفم والفرج) قال العراقي : رواه الترمذي ، وصححه، وابن ماجه من حديث أبي هريرة . اهـ. قلت، وأخرجه كذلك ابن أبي الدنيا [ ص: 451 ] في الصمت، فقال: حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ، أخبرنا عبد الله بن إدريس ، أخبرني أبي وعمي، عن جدي، عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فساقه، كما للمصنف، (ويحتمل أن يكون المراد بالفم آفة اللسان; لأنه محله، ويحتمل أن يكون المراد به البطن; لأنه منفذه، فقد قال معاذ بن جبل ) رضي الله عنه) ( قلت: يا رسول الله، أنؤاخذ بما نقول؟ فقال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ ) قال العراقي : رواه الترمذي وصححه، وابن ماجه والحاكم ، وقال: صحيح على شرط الشيخين. اهـ .

قلت: وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت، فقال: حدثنا عبد الله أبو خيثمة وإسحاق بن إسماعيل ، قالا: حدثنا جرير عن الأعمش ، عن الحكم بن عتيبة وحبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ بن جبل قال: قلت: يا رسول الله، أنؤاخذ بما نقول؟ قال: ثكلتك أمك، يا ابن جبل .. فساقه، قال: وقال حبيب في هذا الحديث: "وهل تقول شيئا إلا وهو لك أو عليك" . (وقال عبد الله الثقفي) هو عبد الله بن سفيان بن عبد الله بن الحارث بن ربيعة الثقفي الطائفي، الذي تقدم ذكره قريبا، ( قلت: يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به. فقال: قل ربي [الله]، ثم استقم. فقال: قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسانه وقال: هذا ) قال العراقي : رواه النسائي .

قال ابن عساكر : وهو خطأ، والصواب: سفيان بن عبد الله الثقفي ، كما رواه الترمذي وصححه وابن ماجه ، وقد تقدم قبل هذا بخمسة أحاديث. اهـ .

قلت: وقد أخرجه ابن الدنيا في كتاب الصمت على الصواب، فقال: حدثنا حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أنبأنا عبد الله ، أخبرنا معمر عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن ماعز ، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به.. فساقه، وفيه: ثم قال هذا، (وقال أنس بن مالك ) رضي الله عنه: (قال) رسول الله (صلى الله عليه وسلم: لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جاره بوائقه ) ، قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا في الصمت، والخرائطي في مكارم الأخلاق بسند فيه ضعف. اهـ .

قلت: ورواه كذلك أحمد والبيهقي ، وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا علي بن مسعدة الباهلي ، حدثنا قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فساقه. وعلي بن مسعدة قال ابن حبان : لا يحتج به .

(وقال صلى الله عليه وسلم: من سره أن يسلم) في الدنيا من أذى الخلق، وفي الآخرة من عقاب الخالق، (فليلزم الصمت) عما لا يعنيه، ليسلم من الزلل، ويقل حسابه .

قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا في الصمت، وأبو الشيخ في فضائل الأعمال، والبيهقي في الشعب من حديث أنس بإسناد فيه ضعف. اهـ .

قلت: قال ابن أبي الدنيا في الصمت: حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن عمر بن حفص ، عن عثمان بن عبد الرحمن ، عن الزهري ، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فساقه، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال ابن سعد : ليس بحجة، وقال البيهقي : فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي ، وهو متروك، وقال الذهبي في الضعفاء: تركوه، وفي الميزان عن الأزدي : عمر بن حفص الوقاصي منكر الحديث. وقال أبو حاتم : مجهول، وله حديث باطل، وساق هذا الخبر .

(وعن سعيد بن جبير ) التابعي رحمه الله تعالى (مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أصبح ابن آدم) أي: دخل في الصباح، (أصبحت الأعضاء) جمع عضو، بالضم، وبالكسر، لغة، كل عضو وافر بلحمه، (كلها) تأكيد، (تكفر للسان) قال الزمخشري : هو من تكفير الذمي، وهو أن يطأطئ رأسه ويحني ظهره كالراكع عند تعظيم صاحبه، (تقول) ، وفي رواية: فتقول، أي: بلسان الحال، (اتق الله فينا) ، أي: خفه في حفظ حقوقنا؛ (فإنك إن استقمت) ، أي: اعتدلت، (استقمنا) ، أي: اعتدلنا، (وإن اعوججت) أي: ملت عن الاعتدال، (اعوججنا) ، أي: ملنا عنه، قال: الطيبي : وهذا لا تناقض بينه وبين خبر: "إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله" ، الحديث؛ لأن اللسان ترجمان القلب وخليفته في ظاهر البدن، فإذا أسند إليه الأمر فهو مجاز في الحكم، قال العراقي : رواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رفعه، ووقع في الإحياء عن سعيد بن جبير مرفوعا، وإنما هو عن سعيد بن جبير عن أبي سعيد رفعه [ ص: 452 ] ورواه الترمذي موقوفا عن حماد بن زيد ، وقال: هو أصح. اهـ .

قلت: ورواه كذلك ابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي ، كلهم من حديث أبي سعيد ، ولفظهم بعد قوله: اتق الله فينا: فإنما نحن بك. وقوله: تكفر اللسان، كذا وقع في أكثر نسخ الجامعين; الكبير والصغير ودرر البحار، والذي في نسخ الترمذي والنهاية: تكفر للسان، ومنهم من وقفه على أبي سعيد ، لا على حماد ، كما في الجامع الكبير للسيوطي ، وقال ابن أبي الدنيا في الصمت: حدثني عمران بن موسى القزاز ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي الصهباء ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي سعيد قال: أراه رفعه، قال: "إذا أصبح ابن آدم.. فساقه، (وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهو يمد لسانه بيده، فقال له: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟ قال: هذا أوردني الموارد ) . أي: موارد الهلاك، ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله تعالى اللسان على حدته ) ، قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا في الصمت، وأبو يعلى في مسنده، والدارقطني في العلل، والبيهقي في الشعب من رواية أسلم مولى عمر ، وقال الدارقطني : إن المرفوع وهم على الدراوردي ، قال: وروي هذا الحديث عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر ، ولا علة له. اهـ .

قلت: قال ابن أبي الدنيا في الصمت: حدثني عبد الرحمن بن زياد بن الحكم الطائي ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن عبد العزيز بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه "أن عمر بن الخطاب اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه، فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟ قال: إن هذا أوردني الموارد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدته" . ووقع في رواية أبي يعلى والبيهقي : "إلا وهو يشكو ذرب اللسان" . وكذلك رواه النسائي وابن السني والضياء ، وقال أبو نعيم في الحلية: حدثنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني مصعب الزبيري ، حدثني مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه، "أن عمر دخل على أبي بكر وهو يجبذ لسانه، فقال عمر : مه، غفر الله لك. فقال أبو بكر : إن هذا أوردني الموارد" .

ورواه ابن أبي الدنيا في الصمت، عن أبي خيثمة ، حدثنا وكيع ، عن سفيان الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال: أخذ أبو بكر الصديق بلسانه في مرضه، وقال: هذا أوردني الموارد ، وحديث قيس بن أبي حازم ، عن أبي بكر ، الذي أشار إليه الدارقطني أنه لا علة له، قد أخرجه أيضا ابن أبي الدنيا في الصمت، فقال: حدثنا الفضيل بن عبد الوهاب وعلي بن الجعد ، وأحمد بن عمران الأخنسي ، قالوا: حدثنا النضر بن إسماعيل ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال: "رأيت أبا بكر رحمه الله آخذا بطرف لسانه وهو يقول: هذا أوردني الموارد" .

قلت: النضر بن إسماعيل البجلي أبو المغيرة ، قال النسائي : ليس بالقوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية