إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الآفة الثامنة عشرة المدح .

وهو منهي عنه في بعض المواضع ، أما الذم فهو الغيبة والوقيعة فقد ، ذكرنا حكمها، والمدح . يدخله ست آفات ، أربع في المادح ، واثنتان في الممدوح .

فأما المادح فالأولى أنه قد يفرط فينتهي به إلى الكذب ، قال خالد بن معدان من مدح إماما أو أحدا بما ليس فيه على رءوس الأشهاد ، بعثه الله يوم القيامة يتعثر بلسانه .

والثانية أنه قد يدخله الرياء ؛ فإنه بالمدح مظهر للحب ، وقد لا يكون مضمرا له ، ولا معتقدا لجميع ما يقوله ، فيصير به مرائيا منافقا .

الثالثة أنه قد يقول ما لا يتحققه ، ولا سبيل له إلى الإطلاع عليه وروي . أن رجلا مدح رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له عليه السلام : ويحك ، قطعت عنق صاحبك ، لو سمعها ما أفلح . ثم قال : إن كان أحدكم لا بد مادحا أخاه فليقل : أحسب فلانا ولا أزكي على الله أحدا ، حسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك وهذه الآفة تتطرق إلى المدح بالأوصاف المطلقة التي تعرف بالأدلة كقولة : إنه متق ، وورع ، وزاهد ، وخير وما يجري مجراه فأما إذا قال : رأيته يصلي بالليل ، ويتصدق ، ويحج فهذه أمور مستيقنة ، ومن ذلك قوله : إنه عدل رضا ، ؛ فإن ذلك خفي ؛ فلا ينبغي أن يجزم القول فيه إلا بعد خبرة باطنة ، سمع عمر رضي الله عنه رجلا يثني على رجل ، فقال : أسافرت معه ؟ قال : لا ، قال : أخالطته في المبايعة والمعاملة ؟ قال : لا . قال فأنت جاره صباحه ومساءه، قال: لا، فقال : والله الذي لا إله إلا هو لا أراك تعرفه .

الرابعة : أنه قد يفرح الممدوح وهو ظالم أو فاسق ، وذلك غير جائز ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يغضب إذا مدح الفاسق .


( الآفة الثامنة عشرة المدح )

وهو الثناء باللسان على الصفات الجميلة، خلقية كانت، أو اختيارية، فهو أعم من الحمد، ونقيضه الذم، (وهو منهي عنه في بعض المواضع، أما الذم فهو الغيبة والوقيعة، وقد ذكرنا حكمهما.والمدح يدخله ست آفات، أربع في المادح، واثنتان في الممدوح، فأما المادح فهو أنه قد يفرط فينتهي به إلى الكذب، قال خالد بن معدان) الكلاعي الحمصي، أبو عبد الله، ثقة، عابد، مات سنة ثلاث ومئة، روى له الجماعة، (من مدح إماما) أي: سلطانا، (أو أحدا بما ليس فيه على رؤوس الأشهاد، بعثه الله يوم القيامة يتعثر بلسانه) ، رواه ابن أبي الدنيا عن القاسم بن هاشم ، حدثني يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثني محمد بن أبي جميلة ، حدثنا خالد بن معدان .. فذكره. (الثانية أنه قد يدخله الرياء؛ فإنه بالمدح مظهر للحب، وقد لا يكون مضمرا له، ولا معتقدا لجميع ما يقوله، فيصير به مرائيا منافقا. الثالثة أنه قد يقول ما لا يتحققه، ولا سبيل إلى الاطلاع عليه. روي أن رجلا مدح رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: ويحك، قطعت عنق صاحبك، لو سمعها ما أفلح. ثم قال: إن كان أحدكم لا بد مادحا أخاه فليقل: أحسب فلانا ولا أزكي على الله أحدا، حسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك ) رواه ابن أبي الدنيا عن علي بن الجعد ، أنبأنا شعبة عن خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن [ ص: 571 ] أبيه أن رجلا مدح رجلا عند النبي صلى الله عليه سلم، فذكره، ورواه أحمد والشيخان وأبو داود ، وابن ماجه من هذا الطريق بلفظ: "ويلك، قطعت عنق صاحبك، من كان منكم مادحا أخاه لا محالة، فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا" . حسيبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه، وعند الطبراني في الكبير بلفظ: "ويحك، قطعت عنق أخيك، والله لو سمعها ما أفلح أبدا، إذا أثنى أحدكم على أخيه، فليقل: إن فلانا، ولا أزكي على الله أحدا.." . (وهذه الآفة تتطرق إلى المدح بالأوصاف المطلقة التي تعرف بالأدلة، كقوله: إنه متق، وورع، وزاهد، وخير) ، ودين، وما يجرى مجراه، (أما إذا قال: رأيته يصلي بالليل، ويتصدق، ويحج) ، وما يجرى مجراه، (فهذه أمور مستيقنة، ومن ذلك قوله: إنه عدل، ورضا؛ فإن ذلك خفي؛ فلا ينبغي أن يجزم القول) به، (إلا بعد خبرة باطنه، سمع عمر رضي الله عنه رجلا يثني على رجل، فقال: أسافرت معه؟ قال: لا، قال: أخالطته؟) أي: في المجاورة والمعاملة، (قال: لا. قال: والله الذي لا إله إلا هو لا تعرفه) رواه ابن أبي الدنيا عن يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن أبي غنية ، حدثني أبي قال: سمع عمر رجلا.. فذكره، وقد تقدم نحو هذا في كتاب آداب الصحبة والأخوة، (الرابعة: أنه قد يفرح الممدوح) بذلك المدح، (وهو ظالم أو فاسق، وذلك غير جائز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يغضب إذا مدح الفاسق ) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت، والبيهقي في الشعب من حديث أنس ، وفيه أبو خلف ، خادم أنس ، ضعيف، ورواه أبو يعلى وابن عدي بلفظ: "إذا مدح الفاسق غضب الرب، واهتز العرش" . قال الذهبي في الميزان: منكر، وقد تقدم في كتاب آداب الكسب .

التالي السابق


الخدمات العلمية