إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما العامي المعتقد للبدعة فينبغي أن يدعى إلى الحق بالتلطف لا بالتعصب وبالكلام اللطيف المقنع للنفس المؤثر في القلب ، القريب من سياق أدلة القرآن والحديث الممزوج بفن من الوعظ والتحذير فإن ذلك أنفع من الجدال الموضوع على شرط المتكلمين إذ العامي إذا سمع ذلك اعتقد أنه نوع صنعة من الجدل تعلمها المتكلم ليستدرج الناس إلى اعتقاده فإن عجز عن الجواب قدر أن المجادلين من أهل مذهبه أيضا يقدرون على دفعه .

فالجدل مع هذا ومع الأول حرام وكذلك مع من وقع في شك إذ يجب إزالته باللطف والوعظ والأدلة القريبة المقبولة البعيدة عن تعمق الكلام .

واستقصاء الجدل إنما ينفع في موضع واحد ، وهو أن يفرض عامي اعتقد البدعة بنوع جدل سمعه فيقابل ذلك الجدل بمثله فيعود إلى اعتقاد الحق وذلك فيمن ظهر له من الأنس بالمجادلة ما يمنعه عن القناعة بالمواعظ والتحذيرات العامية فقد انتهى هذا إلى حالة لا يشفيه منها إلا دواء الجدل ، فجاز أن يلقى إليه .


(وأما العامي المعتقد البدعة فينبغي أن يدعى إلى) المعتقد (الحق باللطف) واللين في المحاورة (لا بالتعصب) وسوء القول (وبالكلام اللطيف) السهل اللين (المقنع للنفس المؤثر) بوقعه (في القلب، القريب من سياق أدلة القرآن والحديث) ، فما بعد بيانهما بيان (الممزوج بالوعظ والتحذير) ولا يماري إلا مراء ظاهرا (فإن ذلك أنفع من الجدل الموضوع) ، وفي نسخة: "المصوغ"، (على شرط المتكلمين) ؛ فإنه يخبط الذهن ويشوشه؛ (إذ العامي إذا سمع ذلك الاعتقاد اعتقد أنه نوع صنعة تعلمها المتكلم يستدرج الناس بها إلى اعتقاده) أي: يستميلهم إليه على طريق الاستدراج؛ (فإن عجز عن الجواب قدر أن المجادلين من مذهبه) ومن طريقته (أيضا يقدرون على دفعه) ورد ما أورده .

(والجدل مع هذا) أي: العامي (ومع الأول) أي: معتقد البدعة (حرام) أما مع العامي فلزلزلة اعتقاده، وأما مع المبتدع فلتعصبه (وكذا مع من وقع له شك) وفي نسخة "في شك"؛ (إذ يجب إزالته باللطف والوعظ) لا بالعنف والقهر (والأدلة القرآنية المقبولة البعيدة عن تعمق الكلام) بكلام جلي يفهمه ولا يكلف نفسه تدقيق الفكر وتحقيق النظر (والاستقصاء بالجدل) في تفسير وسؤال وتوجيه وإشكال، ثم الاشتغال بحله (إنما ينفع في موضع واحد، وهو أن يفرض عامي اعتقد البدعة بنوع جدل سمعه) وطرق إلى أسماعه (فيقابل ذلك الجدل بمثله) ؛ ليزيله؛ (فيعود إلى اعتقاد الحق) بسهولة (وذلك فيمن ظهر له من الأنس بالمجادلة ما يمنعه عن القناعة بالمواعظ والتحذيرات العامية) بعدم ميل قلبه إليها، وإنما يستأنس بالمجادلة (فقد انتهى هذا إلى حال لا يشفيه) أي: لا يزيل داء اعتقاده (إلا دواء الجدل، فجاز أن يلقى إليه) بالقدر المحدود .

التالي السابق


الخدمات العلمية