إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
القسم الثالث ، وهو متوسط بين الطرفين : كل حظ في العاجل معين على أعمال الآخرة كقدر القوت من الطعام والقميص الواحد الخشن وكل ما لا بد منه ليتأتى للإنسان البقاء والصحة التي بها يتوصل إلى العلم والعمل ، وهذا ليس من الدنيا كالقسم الأول ; لأنه معين على القسم الأول ، ووسيلة إليه ، فمهما تناوله العبد على قصد الاستعانة به على العلم والعمل لم يكن به متناولا للدنيا ، ولم يصر به من أبناء الدنيا وإن كان باعثه الحظ العاجل دون الاستعانة على التقوى التحق بالقسم الثاني وصار من جملة الدنيا ولا يبقى مع العبد عند الموت إلا ثلاث صفات صفاء القلب أعني طهارته من الأدناس وأنسه بذكر الله تعالى وحبه ، لله عز وجل .

، وصفاء القلب ، وطهارته لا يحصلان إلا بالكف عن شهوات الدنيا والأنس لا يحصل إلا بكثرة ذكر الله تعالى ، والمواظبة عليه ، والحب لا يحصل إلا بالمعرفة ولا تحصل معرفة الله إلا بدوام الفكر وهذه الصفات الثلاث هي المنجيات المسعدات ، بعد الموت .

أما طهارة القلب عن شهوات الدنيا ، فهي من المنجيات ; إذ تكون جنة بين العبد ، وبين عذاب الله ; كما ورد في الأخبار إن أعمال العبد تناضل عنه ، فإذا جاء العذاب من قبل رجليه جاء قيام الليل يدفع عنه ، وإذا جاء من جهة يديه جاءت الصدقة تدفع عنه ... الحديث .

وأما الأنس والحب ، فهما من المسعدات ، وهما موصلان العبد إلى لذة اللقاء ، والمشاهدة ، وهذه السعادة تتعجل عقيب الموت إلى أن يدخل أوان الرؤية في الجنة ، فيصير القبر روضة من رياض الجنة وكيف لا يكون القبر عليه روضة من رياض الجنة ، ولم يكن له إلا محبوب واحد وكانت العوائق تعوقه عن دوام الأنس بدوام ذكره ، ومطالعة جماله ، فارتفعت العوائق وأفلت من السجن ، وخلي بينه وبين محبوبه ، فقدم عليه مسرورا سليما من الموانع آمنا من العوائق وكيف لا يكون محب الدنيا عند الموت معذبا ، ولم يكن له محبوب إلا الدنيا ، وقد غضب منه ، وحيل بينه وبينه ، وسدت عليه طرق الحيلة في الرجوع إليه ; ولذلك قيل :


ما حال من كان له واحد غيب عنه ذلك الواحد

وليس الموت عدما ، إنما هو فراق لمحاب الدنيا ، وقدوم على الله تعالى ، فإذا سالك طريق الآخرة هو المواظب على أسباب هذه الصفات الثلاث ، وهي الذكر ، والفكر ، والعمل الذي يفطمه عن شهوات الدنيا ، ويبغض إليه ملاذها ، ويقطعه عنها ، وكل ذلك لا يمكن إلا بصحة البدن وصحة البدن لا تنال إلا بقوت وملبس ومسكن ويحتاج كل واحد إلى أسباب فالقدر الذي لا بد منه من هذه الثلاثة إذا أخذه العبد من الدنيا للآخرة لم يكن من أبناء الدنيا ، وكانت الدنيا في حقه مزرعة للآخرة ، وإن أخذ ذلك لحظ النفس وعلى قصد التنعم صار من أبناء الدنيا والراغبين ، في حظوظها ، إلا أن الرغبة في حظوظ الدنيا تنقسم إلى ما يعرض صاحبه لعذاب الآخرة ، ويسمى ذلك حراما ، وإلى ما يحول بينه وبين الدرجات العلا ، ويعرضه لطول الحساب ، ويسمى ذلك حلالا ، والبصير يعلم أن طول الموقف في عرصات القيامة لأجل المحاسبة أيضا عذاب : فمن نوقش الحساب ، عذب .

إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حلالها حساب ، وحرامها عذاب .

وقد قال أيضا : حلالها عذاب إلا أنه عذاب أخف من عذاب الحرام .

بل لو لم يكن الحساب لكان ما يفوت من الدرجات العلا في الجنة ، وما يرد على القلب من التحسر على تفويتها لحظوظ حقيرة خسيسة لا بقاء لها هو أيضا عذاب ، وقس به حالك في الدنيا إذا نظرت إلى أقرانك وقد سبقوك بسعادات دنيوية كيف يتقطع قلبك عليها حسرات ؟ مع علمك بأنها سعادات منصرمة لا بقاء لها منغصة ، بكدورات لا صفاء لها ، فما حالك في فوات سعادة لا يحيط الوصف بعظمتها وتنقطع الدهور دون غايتها ، فكل من تنعم في الدنيا ، ولو بسماع صوت من طائر أو بالنظر إلى خضرة أو شربة ماء بارد فإنه ينقص من حظه في الآخرة أضعافه وهو المعني بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : هذا من النعيم الذي تسئل عنه .

أشار به إلى الماء البارد والتعرض لجواب السؤال فيه ذل ، وخوف ، وخطر ، ومشقة وانتظار ، وكل ذلك من نقصان الحظ ; ولذلك قال عمر رضي الله عنه : اعزلوا عني حسابها حين ، كان به عطش ، فعرض عليه ماء بارد بعسل فأداره في كفه ، ثم امتنع عن شربه .


(القسم الثالث، وهو متوسط بين الطرفين: كل حظ في العاجل معين على أعمال الآخرة كقدر القوت من الطعام) الذي به يتغذى، ومن الماء الذي به يروى (والقميص الواحد الخشن) الذي يواري عورته، وخرج من الواحد أن يكون له قميصان، ومن الخشن أن يكون رقيقا (وكل ما لا بد منه ليتأتى للإنسان البقاء والصحة التي بها يتوصل إلى العلم والعمل، وهذا ليس من الدنيا كالقسم الأول; لأنه معين على القسم الأول، ووسيلة إليه، فمهما تناوله العبد) بما لا يمكن التبلغ بأقل منه (على قصد الاستعانة بالعلم والعمل) فمعذور، بل مشكور ومأجور (ولم يكن به متناولا للدنيا، ولم يصر به من أبناء الدنيا) ، ولم يلحقه الذم (وإن كان باعثه الحظ العاجل دون الاستعانة على التقوي التحق بالقسم الثاني) الذي هو مقابل الأول (وصار من جملة الدنيا) ، ولو كان المتناول حقيرا في نفسه .

(ولا يبقى مع العبد عند الموت إلا ثلاث صفات) الأولى: (صفاء القلب أعني طهارته من أدناس الدنيا) وأوساخها (و) الثانية: (أنه يذكر الله تعالى، و) الثالثة: (حبه لله تعالى، وصفاء القلب، وطهارته لا يحصلان إلا بالكف عن شهوات الدنيا) ، وحظوظها (والأنس لا يحصل إلا بكثرة ذكر الله، والمواظبة عليه، والحب لا يحصل إلا بالمعرفة) ; إذ من لم يعرف لم يحب (ولا تحصل معرفة الله إلا بدوام الفكر) في جلال [ ص: 119 ] الله، وعظمته (وهذه الصفات الثلاث هي المنجيات، والمسعدات للعبد بعد الموت .

أما طهارة القلب عن شهوات الدنيا، فهي من المنجيات; إذ تكون جنة بين العبد، وبين عذاب الله; كما ورد في الأخبار أن أعمال العبد تناضل) ، أي: تدافع (عنه، فإذا جاء العذاب من جهة رجليه جاء قيام الليل يدفع عنه، وإذا جاء من جهة يديه جاءت الصدقة تدفع عنه... الحديث) ، أي: إلى آخر الحديث .

قال العراقي: رواه الطبراني من حديث عبد الرحمن بن سمرة بطوله، وفيه خالد بن عبد الرحمن المخزومي، ضعفه البخاري، وأبو حاتم، ولأحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر: إذا دخل الإنسان قبره، فإن كان مؤمنا احتف به عمله: الصلاة، والصيام... الحديث، وإسناده صحيح. انتهى .

قلت: رواه الطبراني بإسنادين; في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطي، قال الذهبي: ضعفوه، وفي الآخر خالد بن عبد الرحمن المخزومي، وهو الذي أشار إليه العراقي، وقد رواه أيضا الحكيم في النوادر، وسنده ضعيف أيضا، ولفظهما: إني رأيت البارحة عجبا! رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب، فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا، فجاءه صيام رمضان فسقاه، ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين، فجاءه ذكر الله فخلصه منهم، ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة، وعن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة، ومن فوقه ظلمة، ومن تحته ظلمة، فجاءته حجته وعمرته فاستخرجاه من الظلمة، ورأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرده عنه، ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين، ولا يكلمونه، فجاءته صلة الرحم، فقالت: إن هذا كان واصلا لرحمه، فكلمهم، وكلموه، وصار معهم، ورأيت رجلا من أمتي يأتي النبيين، وهم حلق حلق كلما مر على حلقة طرد، فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بيده فأجلسه إلى جنبي، ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار بيديه عن وجهه، فجاءته صدقته فصارت ظلا على رأسه، وسترا عن وجهه، ورأيت رجلا من أمتي جاءته زبانية العذاب، فجاءه أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي قد هوى في النار، فجاءته دموعه اللاتي بكى بها في الدنيا من خشية الله، فأخرجته من النار، ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته إلى شماله، فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته، فجعلها في يمينه، ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه، فجاءه أفراطه فثقلوا موازينه، ورأيت رجلا من أمتي على شفير جهنم، فجاءه وجله من الله - عز وجل - فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي يرعد كما ترعد السعفة، فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعدته، ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط مرة، ويحبو مرة، ويتعلق مرة، فجاءته صلاته علي فأخذت بيده فأقامته على الصراط حتى جاوز، ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة، فغلقت الأبواب دونه، فجاءته شهادته أن لا إله إلا الله فأخذت بيده فأدخلته الجنة.

(وأما الأنس والحب، فهما من المسعدات، وهما موصلان للعبد إلى لذة اللقاء، والمشاهدة، وهذه السعادة تتعجل عقيب الموت إلى أن يدخل أوان الرؤية في الجنة، فيصير القبر روضة من رياض الجنة) ، ويتنعم فيها (وكيف لا يكون القبر عليه روضة، ولم يكن له) في الدنيا (إلا محبوب واحد) لم يمل إلى غيره (وكانت العوائق تعوقه) ، أي: تمنعه (عن دوام الأنس بدوام ذكره، ومطالعة جماله، فارتفعت العوائق) بالموت (وأفلت من السجن إلى البستان، وخلي بينه وبين محبوبه، فقدم عليه مسرورا سليما من الموانع آمنا من الفراق) مطمئنا بالوصال، (وكيف لا يكون محب الدنيا عند الموت معذبا، ولم يكن له محبوب إلا الدنيا، وقد غضب منه، وحيل بينه وبينه، وسدت عليه طرق الحيلة في الرجوع إليه; ولذلك قيل:


ما حال من كان له واحد غيب عنه ذلك الواحد

وليس الموت عدما، إنما هو الفراق لمحاب الدنيا، وقدوم على الله تعالى، فإذا سالك طريق الآخرة هو المواظب على) حيازة (أسباب هذه الصفات الثلاث، وهي الذكر، والفكر، والعمل الذي يفطمه عن شهوات الدنيا، ويبغض إليه ملاذها، ويقطعه عنها، وكل ذلك لا يمكن إلا بصحة البدن) ; لأن سقمه مما يشوش عليه، ويعوقه من حيازة تلك الأسباب (وصحة البدن لا تنال إلا بقوت) يقيم عمارة البدن (وملبس) يواري [ ص: 120 ] عورته (ومسكن) يأوي إليه فيطمئن قلبه، ويحتاج كل واحد من هذه الثلاثة (إلى أسباب) كثيرة (فالقدر الذي لا بد منه من هذه الثلاثة إذا أخذه العبد من الدنيا للآخرة) ، أي: للوصول إليها (لم يكن من أبناء الدنيا، وكانت الدنيا في حقه مزرعة) ، أي: بمنزلة بقعة يزرع فيها (ل) أجل (الآخرة، وإن أخذ ذلك لحظ النفس) ، وقضاء الشهوة (وعلى قصد التنعم صار من أبناء الدنيا، و) من (الراغبين في حظوظها، إلا أن الرغبة في حظوظ الدنيا تنقسم إلى ما يعرض صاحبه لعذاب في الآخره، ويسمى ذلك حراما، وإلى ما يحول بينه وبين الدرجات العلى، ويعرضه لطول الحساب، ويسمى ذلك حلالا، والبصير يعلم أن طول الموقف في عرصات القيامة لأجل الحساب أيضا عذاب: فمن نوقش العذاب، فقد عذب) .

رواه الشيخان من حديث عائشة بدون فقد، وروى الطبراني في الكبير من حديث ابن الزبير: من نوقش المحاسبة هلك; (إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حلالها حساب، وحرامها عذاب) .

قال العراقي: رواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي في الشعب من طريقه موقوفا على علي بن أبي طالب بإسناد منقطع بلفظ: وحرامها نار، ولم أجده مرفوعا. انتهى .

قلت: بل أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عباس بلفظ: يا ابن آدم، الدنيا حلالها حساب، وحرامها عقاب.

نبه عليه الحافظ السخاوي في المقاصد (وقد قال أيضا: حلالها عذاب) ، أي: لأن المناقشة في الحساب عذاب (إلا أنه عذاب أخف من عذاب الحرام، بل لو لم يكن الحساب لكان ما يفوت من الدرجات العلى في الجنة، وما يرد في القلب من التحسر على تفويتها بحظوظ حقيرة خسيسة لا بقاء لها هو أيضا عذاب، وقس به حالك في الدنيا إذا نظرت إلى أقرانك وقد سبقوك بسعادات دنيوية كيف يتقطع قلبك عليها حسرة؟ مع علمك بأنها سعادات) زائلة (منصرمة) منقطعة (لا بقاء لها، ومنغصة بكدورات لا صفاء لها، فما حالك في فوات سعادة لا يحيط الوصف بعظمتها) ، ولا يمكن مقدار جلالتها (وتنقطع الدهور) ، وتنصرم الأزمنة دون (غايتها، وإدراك نهايتها، فكل من تنعم في الدنيا، ولو بسماع صوت من طائر) حسن الصوت كالعندليب، والهزار، والببغاء (أو النظر إلى خضرة) بجنب ماء جار، أو تحت شجرة مثلا (أو شربة ماء بارد) ، ونحو ذلك (فإنه ينقص من حظه في الآخرة أضعافه) ، فإن كل ذلك من نعيم الدنيا (وهو المعني) ، أي: المراد (بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر - رضي الله عنه -: هذا من النعيم الذي نسأل عليه.

أشار به إلى الماء البارد) روي ذلك من حديث جابر، قال: وجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر فأطعمناهم رطبا، وسقيناهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا من النعيم الذي تسألون عنه.

رواه أحمد، والنسائي، والبيهقي في الشعب، ورواه عبد بن حميد، وابن مردويه بلفظ: ثم أتيناهم برطب وماء فأكلوا، وشربوا، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه.

وروى مسلم والأربعة من حديث أبي هريرة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، فذكروا قصة إتيانهم إلى منزل أبي الهيثم الأنصاري، وفيه: فجاء بفرق بسر وتمر، وذبح لهم شاة، فأكلوا من الشاة ومن الفرق، وشربوا، فلما شربوا ورووا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة.

ورواه ابن حبان، وابن مردويه من حديث ابن عباس نحو هذه القصة لأبي أيوب الأنصاري، وفيه: والذي نفسي بيده إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة.

وروى أحمد، وابن جرير، وابن عدي ، والبغوي في معجمه، وابن منده في المعرفة، وابن عساكر، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب من حديث أبي عسيب مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا، فمر بي، فدعاني، فخرجت إليه، ثم مر بأبي بكر، فدعاه، فخرج إليه، ثم مر بعمر، فدعاه، فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: أطعمنا، فجاء بفرق فوضعه، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب، وقال: لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، فأخذ عمر الفرق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر، ثم قال: يا رسول الله، إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: نعم، ثلاثا .

[ ص: 121 ] كسرة يسد بها الرجل جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو جحر يدخل فيه من الحر والبرد.


وقد تقدم هذا الحديث في كتاب الأطعمة، وذكرنا شيئا في ذلك هناك .

وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة، وهناد بن السري، عن بكر بن عتيق، قال: سقيت سعد بن جبير شربة من عسل في قدر، فشربها، ثم قال: والله لأسألن عن هذا، فقلت له، قال: شربته وأنا أستلذه (والتعرض لجواب السؤال فيه ذل، وخوف، وخطر، ومشقة، وكل ذلك من نقصان الحظ; ولذلك قال عمر - رضي الله عنه -: اعزلوا عني حسابها، حيث كان به عطش، فعرض عليه ماء بارد) ممزوج (بعسل) في قدح (فأداره في كفه، ثم امتنع عن شربه) ، وناول بعض أصحابه فشربها .

رواه سليمان بن المغيرة عن ثابت، وقد تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية