إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم : من اقتصد أغناه الله ، ومن بذر أفقره الله ، ومن ذكر الله عز وجل أحبه الله .

وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أردت أمرا فعليك بالتؤدة حتى يجعل الله لك فرجا ، ومخرجا والتؤدة في الإنفاق من أهم الأمور .


(وقال صلى الله عليه وسلم: من اقتصد) في أموره كلها (أغناه الله تعالى، ومن بذر) ، أي: أسرف، وتجاوز عن الحدود (أفقره الله، ومن ذكر الله - عز وجل - أحبه الله) .

قال العراقي: رواه البزار من حديث طلحة بن عبيد الله دون قوله: ومن ذكر الله أحبه الله، وشيخه فيه عمران بن هارون البصري، قال الذهبي: شيخ لا يعرف حاله أتى بخبر منكر، أي: هذا الحديث، ولأحمد، وأبي يعلى من حديث لأبي سعيد: ومن أكثر ذكر الله أحبه الله، وسيأتي في ذم الكبر. انتهى .

قلت: لفظ البزار في مسنده، عن طلحة، قال: كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو صائم، فأجهده الصوم، فحلبنا له ناقة في قعب، وصببنا عليه عسلا نكرمه به عند فطره، فلما غابت الشمس ناولناه، فلما ذاقه، قال بيده; كأنه يقول: ما هذا؟ قلنا: لبنا وعسلا، أردنا أن نكرمك به، أحسبه قال: أكرمك الله بما أكرمتني، أو دعوة هذا معناها، ثم قال: من اقتصد أغناه الله، ومن بذر أفقره الله، ومن تواضع رفعه الله، ومن تجبر قصمه.

قال الهيثمي: وفيه ممن لم أعرفه اثنان، وأما عمران بن هارون البصري فوجدت بخط الحافظ ابن حجر ما نصه: قال البزار: كان مستورا. ا ه .

ولم يذكره الذهبي في المغني، وقال في ذيله ما نصه: عمران بن هارون المقدسي الصوفي، عن ابن لهيعة، والليث، قال ابن يونس: في حديثه لين، وقال أبو زرعة: صدوق انتهى .

فلا أدري هو الذي عناه الذهبي، أو غيره، والله أعلم .

وأما حديث: من أكثر ذكر الله أحبه الله.

فقد رواه ابن شاهين من حديث عائشة.

(وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أردت أمرا فعليك بالتؤدة حتى يجعل الله لك فرجا، ومخرجا) .

قال العراقي: رواه ابن المبارك في البر والصلة، وقد تقدم. انتهى .

قلت: رواه عن أبي جعفر عبد الله بن المسور الهاشمي المدايني مرسلا، والذي تقدم لفظه: إذا أردت أمرا فتدبر عاقبته، فإن كان خيرا فامضه، وإن كان شرا فانته.

وهكذا رواه في كتاب الزهد .

وأما لفظ المصنف، فأخرجه البخاري في الأدب المفرد، وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، والبغوي، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والبيهقي، وابن عساكر من حديث رجل من بلى، ولفظهم جميعا: حتى يريك الله منه المخرج. (والتؤدة في الإنفاق من أهم الأمور) ، وقد روى أبو داود، والحاكم، والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص: التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة. .

التالي السابق


الخدمات العلمية