إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تجافوا عن ذنب السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر .

وقال ابن مسعود قال صلى الله عليه وسلم: الرزق إلى مطعم الطعام أسرع من السكين إلى ذروة البعير ، وإن الله تعالى ليباهي بمطعم الطعام الملائكة عليهم السلام .


(وعن ابن عباس) - رضي الله عنه - (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تجافوا) ، وفي رواية: تجاوزوا (عن ذنب السخي) ، أي: الكريم، وفي رواية: تجاوزوا للسخي عن ذنبه (فإن الله آخذ بيده) ، أي: معين له، ومخلص له (كلما عثر) ، أي: سقط في مهلكة، والمعاثر هي المهالك التي يعثر فيها; وذلك لأنه لما سخى بالأشياء اعتمادا على ربه، وتوكلا عليه شمله بعين عنايته، فكلما عثر في مهلكة أنقذه منها .

قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط، والخرائطي في مكارم الأخلاق، وقال الخرائطي: أقيلوا السخي زلته، وفيه ليث بن أبي سليم، مختلف فيه، وزاد الطبراني فيه، وأبو نعيم من حديث ابن مسعود نحوه بإسناد ضعيف، ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق [ ص: 174 ] الدارقطني. ا ه .

قلت: أما حديث ابن عباس فأخرجه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الشعب، والخطيب في التاريخ بلفظ المصنف، وهو عند الخرائطي بلفظ: أقيلوا السخي زلته; فإن الله أخذ بيده كلما عثر.

وروى الخطيب أيضا من حديثه بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي، وزلة العالم، وسطوة السلطان العادل، فإن الله أخذ بيدهم كلما عثر عاثر منهم، وقد روي نحوه من حديث أبي هريرة، ولفظه: تجافوا عن زلة السخي، فإنه إذا عثر أخذ الرحمن بيده.

رواه ابن عساكر.

وأما حديث ابن مسعود، فلفظه: تجاوزوا عن ذنب السخي، فإن الله أخذ بيده كلما عثر.

وهكذا رواه الدارقطني في الأفراد، والطبراني في الكبير، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي، وضعفه، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، ولفظ الطبراني في الأوسط: فإن الله يأخذ بيده عند عثراته.

قال الدارقطني في الأفراد: حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا إبراهيم بن حماد الأزدي، عن عبد الرحيم بن حماد البصري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، فساقه .

تفرد به عبد الرحيم، وقد قال العقيلي: إنه حدث عن الأعمش بما ليس من حديثه. ا ه .

وأخرجه ابن الجوزي من هذا الطريق، وحكم عليه بالوضع لذلك، وتعقبه الحافظ السيوطي بأن عبد الرحيم لم ينفرد به، فقد رواه الطبراني في الكبير، عن أحمد بن عبيد الله بن جرير بن جبلة ، عن أبيه، عن بشر بن عبيد الله الدارمي، عن محمد بن حميد العتكي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، وقد رواه أبو نعيم، والبيهقي من هذا الطريق، وقال البيهقي عقبه: هذا إسناد مجهول ضعيف .

(وقال ابن مسعود) - رضي الله عنه -: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرزق إلى مطعم الطعام أسرع من السكين إلى ذروة البعير، وإن الله تعالى ليباهي بمطعم الطعام الملائكة) .

قال العراقي: لم أجده من حديث ابن مسعود، ورواه ابن ماجه من حديث أنس، ومن حديث ابن عباس بلفظ: الخير أسرع إلى البيت الذي يغشى.

وفي حديث ابن عباس: يؤكل فيه من الشفرة إلى سنام البعير.

ولأبي الشيخ في كتاب الثواب من حديث جابر: الرزق إلى أهل البيت الذي فيه السخاء. الحديث، فكلها ضعيفة. ا ه .

قلت: لفظ أبي الشيخ: الرزق إلى أهل البيت الذي فيه السخاء أسرع من الشفرة إلى سنام البعير.

وقد روي نحوه من حديث أبي سعيد الخدري، ولفظه: الرزق إلى بيت فيه السخاء.

والباقي سواء .

رواه ابن عساكر في التاريخ .

أما حديث ابن عباس عند ابن ماجه، فلفظه: الخير أسرع إلى البيت الذي يؤكل فيه من الشفرة إلى سنام البعير، وأما حديث أنس عنده، فلفظه: الخير أسرع إلى البيت الذي يغشى من الشفرة إلى سنام البعير.

وقد وقع له ثلاثيا، وهكذا رواه ابن زنجويه، والبيهقي، ورواه البيهقي أيضا عن شيخ يقال له أبو سعيد، عن أبيه، وقد ورد من حديث الحسن مرسلا، ولفظه: الخير أسرع إلى البيت الذي يطعم فيه الطعام من الشفرة إلى سنام البعير.

رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان .

التالي السابق


الخدمات العلمية