إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
بيان الطريق في معالجة الكبر واكتساب التواضع له .

اعلم أن الكبر من المهلكات ، ولا يخلو أحد من الخلق عن شيء منه وإزالته فرض عين ولا يزول بمجرد التمني بل بالمعالجة واستعمال الأدوية القامعة له .

وفي معالجته مقامان :

أحدهما : استئصال أصله من سنخه وقلع شجرته من مغرسها في القلب .

الثاني : دفع العارض منه بالأسباب الخاصة التي بها يتكبر الإنسان على غيره .

المقام الأول : في استئصال أصله ، وعلاجه علمي وعملي ، ولا يتم الشفاء إلا بمجموعهما .

أما العلمي فهو أن يعرف نفسه ويعرف ربه تعالى ، ويكفيه ذلك في إزالة الكبر ؛ فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة علم أنه أذل من كل ذليل ، وأقل من كل قليل وأنه ، لا يليق به إلا التواضع والذلة والمهانة وإذا عرف ربه علم أنه لا تليق العظمة والكبرياء إلا بالله أما معرفته ربه وعظمته ومجده فالقول فيه يطول ، وهو منتهى علم المكاشفة ، وأما معرفته نفسه فهو أيضا يطول ولكنا ، نذكر من ذلك ما ينفع في إثارة التواضع والمذلة ، ويكفيه أن يعرف معنى آية واحدة في كتاب الله ؛ فإن في القرآن علم الأولين والآخرين لمن فتحت بصيرته وقد قال تعالى : قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره فقد أشارت الآية إلى أول خلق الإنسان ، وإلى آخر أمره ، وإلى وسطه ، فلينظر الإنسان ذلك ليفهم معنى هذه الآية . أما أول الإنسان : فهو أنه لم يكن شيئا مذكورا وقد كان في حيز العدم دهورا بل لم يكن لعدمه أول ، وأي شيء أخس وأقل من المحو والعدم ؟! وقد كان كذلك في القدم ، ثم خلقه الله من أرذل الأشياء ثم من أقذرها ؛ إذ قد خلقه من تراب ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، ثم جعله عظما ، ثم كسا العظم لحما فقد كان هذا بداية وجوده ؛ حيث كان شيئا مذكورا فما صار شيئا مذكورا إلا وهو على أخس الأوصاف والنعوت ؛ إذ لم يخلق في ابتدائه كاملا ، بل خلقه جمادا ميتا ، لا يسمع ، ولا يبصر ، ولا يحس ، ولا يتحرك ، ولا ينطق ، ولا يبطش ، ولا يدرك ، ولا يعلم ، فبدأ بموته قبل حياته وبضعفه قبل قوته ، وبجهله قبل علمه ، وبعماه قبل بصره وبصممه ، قبل سمعه ، وببكمه قبل نطقه ، وبضلالته قبل هداه ، وبفقره قبل غناه ، وبعجزه قبل قدرته .

فهذا ، معنى قوله من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ومعنى قوله هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه كذلك خلقه أولا ، ثم امتن عليه فقال : ثم السبيل يسره وهذا إشارة إلى ما تيسر له في مدة حياته إلى الموت ، وكذلك قال : من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ومعناه أنه أحياه بعد أن كان جمادا ميتا ترابا أولا ، ونطفة ثانيا ، وأسمعه بعد ما كان أصم ، وبصره بعد ما كان فاقدا للبصر ، وقواه بعد الضعف ، وعلمه بعد الجهل ، وخلق له الأعضاء بما فيها من العجائب والآيات بعد الفقد لها ، وأغناه بعد الفقر ، وأشبعه بعد الجوع ، وكساه بعد العري ، وهداه بعد الضلال .

فانظر كيف دبره وصوره ، وإلى السبيل كيف يسره وإلى طغيان الإنسان ما أكفره ! وإلى جهل الإنسان كيف أظهره ، فقال أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون فانظر إلى نعمة الله ، كيف نقله من تلك الذلة والقلة والخسة والقذارة إلى هذه الرفعة والكرامة فصار موجودا بعد العدم ، وحيا بعد الموت ، وناطقا بعد البكم ، وبصيرا بعد العمى ، وقويا بعد الضعف ، وعالما بعد الجهل ، ومهديا بعد الضلال ، وقادرا بعد العجز ، وغنيا بعد الفقر فكان ، في ذاته لا شيء وأي شيء أخس من لا شيء ؟! وأي قلة أقل من العدم المحض ؟! ثم صار بالله شيئا .

وإنما خلقه من التراب الذليل الذي يوطأ بالأقدام ، والنطفة القذرة ، بعد العدم المحض أيضا ؛ ليعرفه خسة ذاته فيعرف به نفسه ، وإنما أكمل النعمة عليه ؛ ليعرف بها ربه ، ويعلم بها عظمته وجلاله ، وأنه لا يليق الكبرياء إلا به جل وعلا .

ولذلك امتن عليه فقال ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين وعرف خسته أولا فقال : ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة ثم ذكر منته عليه فقال : فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ليدوم وجوده بالتناسل كما حصل وجوده أولا بالاختراع .

فمن كان هذا بدؤه وهذه أحواله فمن أين له البطر والكبرياء والفخر والخيلاء وهو على التحقيق أخس الأخساء ، وأضعف الضعفاء ولكن هذه عادة الخسيس ، إذا رفع من خسته شمخ بأنفه ، وتعظم ؛ وذلك لدلالة خسة أوله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

نعم ، لو أكمله ، وفوض إليه أمره ، وأدام له الوجود باختياره لجاز أن يطغى وينسى المبدأ والمنتهى ، ولكنه سلط عليه في دوام وجوده الأمراض الهائلة والأسقام العظيمة ، والآفات المختلفة والطباع ، المتضادة من المرة والبلغم والريح والدم ، يهدم البعض من أجزائه البعض ، شاء أم أبى رضي أم سخط ، فيجوع كرها ، ويعطش كرها ، ويمرض كرها ، ويموت كرها لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا خيرا ولا شرا .


[ ص: 389 ] (بيان الطريق في معالجة الكبر واكتساب التواضع له)

(اعلم) وفقك الله تعالى (أن الكبر من المهلكات، ولا يخلو أحد من الخلق عن شيء منه) إلا من عصمه الله تعالى (وإزالته فرض عين) أي: بمنزلته (ولا يزول بمجرد التمني) والتشهي (بل بالمعالجة) والرياضة وتهذيب النفس (واستعمال الأدوية القامعة له، وفي معالجته مقامان:

أحدهما: استئصال أصله من سنخه) بكسر السين المهملة وسكون النون والخاء المعجمة، وسنخ كل شيء أصله، والجمع أسناخ (وقلع شجرته من مغرسها في القلب .

الثاني: دفع العارض منه بالأسباب الخاصة التي بها يتكبر الإنسان على غيره .

المقام الأول: في استئصال أصله، وعلاجه علمي وعملي، ولا يتم الشفاء إلا بمجموعهما. أما العلمي فهو أن يعرف نفسه ويعرف ربه، ويكفيه ذلك في إزالة الكبر ؛ فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة علم أنه أذل من كل ذليل، وأقل من كل قليل، فإنه لا يليق به إلا التواضع والمذلة والمهانة) فتلك أخص أوصافه .

(وإذا عرف ربه) حق المعرفة (علم أنه لا تليق العظمة والكبرياء) والجلال والمهابة (إلا بالله) عز وجل .

(أما معرفة ربه وعظمته ومجده فالقول فيه يطول، وهو منتهى علم المكاشفة، وأما معرفته نفسه فهو أيضا يطول، لكن نذكر من ذلك علم ما ينفع في إثارة) التواضع (والمذلة، ويكفيه أن يعرف معنى آية واحدة في كتاب الله تعالى؛ فإن في القرآن علم الأولين والآخرين لمن فتحت بصيرته) فقد روى الديلمي من حديث أنس: "من أراد علم الأولين والآخرين فليتبوأ القرآن".

(وقد قال الله -عز وجل-: قتل الإنسان ما أكفره ) دعاء عليه بأشنع الدعوات، وتعجب من إفراطه في الكفران، وهو مع قصره يدل على سخط عظيم، وذم بليغ ( من أي شيء خلقه ) بيان لما أنعم عليه، خصوصا من بعد عمومه، والاستفهام للتحقير؛ ولذلك أجاب عنه بقوله: ( من نطفة خلقه فقدره ) أي: هيأه لما يصلح له من الأعضاء والأشكال، أو: فقدره أطوارا إلى أن تم خلقه ( ثم السبيل يسره ) أي: ثم سهل مخرجه من بطن أمه، بأن فتح فوهة الرحم، وألهمه أن ينتكس، أو ذلل له سبيل الخير والشر، وتعريفه باللام دون الإضافة للإشعار بأنه سبيل عام، وفيه إيماء بأن الدنيا طريق، والمقصود غيرها؛ ولذلك عقبه بقوله: ( ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره ) وعد الإماتة والإقبار في النعم؛ لأن الإماتة وصلة في الجملة إلى الحياة الأبدية، واللذات الخالصة، والأمر بالقبر تكرمة وصيانة عن السباع، وفي إذا شاء إشعار بأن وقت النشور غير متعين في نفسه إنما هو موكول إلى مشيئته .

(فقد أشارت الآية إلى أول خلق الإنسان، وإلى آخره، وإلى أوسطه، فلينظر الإنسان ذلك) ببصيرته (ليفهم معنى هذه الآية .

أما أول الإنسان: فهو أنه لم يكن شيئا مذكورا) كما قال تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا (وقد كان في كتم العدم) وفي نسخة: في حيز العدم (دهورا) أي: أزمنة متطاولة (بل لم يكن لعدمه أول، وأي شيء أخس وأقل من المحو والعدم؟! وقد كان كذلك في القدم، ثم خلقه الله من أرذل الأشياء) وفي نسخة: من أذل الأشياء (ثم من أقذرها؛ إذ خلقه من تراب) وهو أذل الأشياء؛ لكونه يداس بالأرجل (ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم جعله عظما، ثم كسا العظام لحما) كما قال تعالى: فكسونا العظام لحما .

(فقد كان هذا بداية وجوده؛ حيث صار شيئا مذكورا) بعد أن لم يكن (فما صار شيئا مذكورا إلا وهو على أخس الأوصاف والنعوت؛ إذ لم يخلق في ابتدائه كاملا، بل خلقه جمادا ميتا، لا يسمع، ولا يبصر، ولا يحس، ولا يتحرك، ولا ينطق، ولا يبطش، ولا يدرك، ولا يعلم، فبدأ بموته) الذي هو العدم (قبل حياته) وهي الوجود (وبضعفه قبل قوته، وبجهله قبل علمه، [ ص: 390 ] وبعماه قبل بصره، وبصمته قبل سمعه، وببكمه قبل نطقه، وبضلالته قبل هداه، وبفقره قبل غناه، وبعجزه قبل قدرته، وهذا) هو (معنى قوله) تعالى: ( من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ) .

كذلك (معنى قوله) تعالى: ( هل أتى على الإنسان ) وهو استفهام تقرير وتقريب؛ ولذلك فسر بقد ( حين من الدهر ) أي: طائفة محددة من الزمان الممتد الغير المحدود ( لم يكن شيئا مذكورا ) بل كان شيئا منسيا غير مذكور بالإنسانية، كالعنصر والنطفة، والجملة حال من الإنسان، أو وصف لـ"حين" بحذف الراجع، والمراد بالإنسان الجنس؛ لقوله: ( إنا خلقنا الإنسان ) أو: آدم، بين أولا خلقه، ثم ذكر خلق بنيه، فقال: ( من نطفة أمشاج نبتليه كذلك خلقه أولا، ثم امتن عليه فقال: ثم السبيل يسره ) أي: سبيل الخير والشر .

(وهذا إشارة إلى ما تيسر له في مدة حياته إلى الموت، وكذلك قال في الآية الأخرى: من نطفة أمشاج ) أي: أخلاط، جمع مشيج، من مشجت الشيء إذا خلطته، وصف النطفة بهذا؛ لأن المراد بها مجموع مني الرجل والمرأة، وكل منهما مختلفة الأجزاء في الرقة والقوام والخواص؛ ولذلك يصير كل جزء منهما مادة عضو .

وقيل: مفرد كأعشار وأكباش، وقيل: ألوان؛ فإن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اختلطا اخضرا، أو: أطوار؛ فإن النطفة تصير علقة، ثم مضغة، إلى تمام الخلقة .

( نبتليه ) في موضع الحال، أي: مبتلين له، بمعنى مريدين اختباره، أو ناقلين له من حال إلى حال، فاستعار له الابتلاء .

( فجعلناه سميعا بصيرا ) ليتمكن من مشاهدة الدلائل، واستماع الآيات، فهو كالمسبب من الابتلاء؛ ولذلك عطف بالفاء على الفعل المقيد به، ورتب عليه قوله: ( إنا هديناه السبيل ) أي: بنصب الدلائل، وإنزال الآيات .

( إما شاكرا وإما كفورا ومعناه أنه أحياه بعد أن كان جمادا ميتا ترابا أولا، ونطفة ثانيا، وأسمعه بعدما كان أصم، وبصره بعدما كان فاقدا للبصر، وقواه بعد الضعف، وعلمه بعد الجهل، وخلق له الأعضاء بما فيها من العجائب والآيات) الدالة على عظيم قدرته (بعد الفقد لها، وأغناه بعد الفقر، وأشبعه بعد الجوع، وكساه بعد العري، وهداه بعد الضلال) .

ثم قال تعالى: إما شاكرا وإما كفورا وهما حالان من ضمير هديناه وإما للتفصيل، أو للتقسيم، أي: هديناه في حالتته جميعا، أو مقسوما إليهما، بعضهم شاكر بالاهتداء والأخذ به، وبعضهم كفور بالإعراض عنه .

(فانظر كيف دبره وصوره، وإلى السبيل) المفضي للخير والشر (كيف يسره) أي: سهله وذلله (وإلى طغيان الإنسان) على ربه وخلقه (ما أكفره! وإلى جهل الإنسان) بمعرفته نفسه (كيف أظهره، فقال) تعالى: ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ) أي: فإذا هو بعدما كان ماء مهينا من طينة قادر على الخصام، معرب عما في نفسه!

وقال تعالى: ( ومن آياته ) الدالة على باهر قدرته ( أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) فوق الأرض، وفي الآية الأولى تقبيح بليغ لإنكار الإنسان؛ حيث عجب منه، وجعله إفراطا في الخصومة بينا، ومنافاة الجحود لقدرته على ما هو أهون مما عليه في بداية خلقه، ومقابلة نعمته التي لا مزيد عليها، وهي خلقه من أخس شيء وأمهنه شريفا مكرما بالعقوق والتكذيب، وقد أشار إليه المصنف بقوله:

(فانظر إلى نعمة الله عليه، كيف نقله من تلك الذلة والقلة والخسة والقذارة إلى هذه الرفعة والكرامة) والشرف (فصار موجودا بعد العدم، وحيا بعد الموت، وناطقا بعد البكم، وبصيرا بعد العمى، وقويا بعد الضعف، وعالما بعد الجهل، ومهديا بعد الضلال، وقادرا بعد العجز، وغنيا بعد الفقر، وكان في ذاته لا شيء) يذكر ويشار إليه (وأي شيء أخس من لا شيء؟!) ولذلك سميت الجيفة القذرة لا شيء؛ لما فيها من نهاية وصف الخسة .

(وأي قلة أقل من العدم المحض؟! ثم صار بالله شيئا) يذكر، ويشار به وإليه (وإنما خلقه من التراب الذليل الذي يوطأ بالأقدام، والنطفة القذرة، بعد العدم المحض أيضا؛ ليعرفه خسة ذاته) ودناءتها (فيعرف به نفسه، وإنما أكمل النعمة عليه؛ ليعرف بها ربه، ويعلم بها عظمته وجلاله، وأنه لا يليق [ ص: 391 ] الكبرياء إلا به جل وعلا؛ ولذلك امتن عليه فقال) عز وجل: ( ألم نجعل له عينين ) يبصر بهما ( ولسانا ) يترجم به عما في ضميره ( وشفتين ) يستر بهما فاه، ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب وغيرها ( وهديناه النجدين ) طريقي الخير والشر (وعرف خسته أولا فقال:) أيحسب الإنسان أن يترك سدى ( ألم يك نطفة من مني يمنى ) أي: يراق، يقال: أمنى منيه إذا أراقه، ومنى يمني كرمى يرمي لغة فيه .

( ثم كان علقة ) أي: دما (ثم ذكر منته عليه فقال: فخلق فسوى ) أي: قدره فعدله ( فجعل منه الزوجين ) الصنفين ( الذكر والأنثى ليدوم وجوده بالتناسل) والتوالد ولا ينقطع (كما جعل وجوده ابتداء بالاختراع) البديع من غير سبق مثال .

(فمن كان هذا بدؤه وهذه أحواله) وأطواره (فمن أين له البطر) والأشر (والكبرياء والفخر والخيلاء) والتجبر (وهو على التحقيق أخس الأخساء، وأضعف الضعفاء) وأذل الأشياء (ولكن هذه عادة الخسيس، إذا رفع من خسته شمخ بأنفه، وتعظم؛ وذلك لدلالة خسة أوله، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

نعم، لو أكمله، وفوض إليه أمره، وأدام له الوجود باختياره) وفي قبضة قدرته (لجاز) له (أن يطغى) ويبطر (وينسى المبتدا والمنتهى، ولكنه سلط عليه في دوام وجوده الأمراض الهائلة) أي: المخيفة (والأسقام العظيمة، والآفات المختلفة، والطبائع المتضادة من المرة والبلغم والريح والدم، يهدم البعض من أجزائه البعض، شاء أو أبى) أي: امتنع (رضي أم سخط، فيجوع كرها، ويعطش كرها، ويمرض كرها، ويموت كرها) كل ذلك إجبارا عليه (لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا خيرا ولا شرا) .

التالي السابق


الخدمات العلمية