إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثاني أن يتوب عن بعض الكبائر دون بعض ، وهذا أيضا ممكن لاعتقاده أن بعض الكبائر أشد وأغلظ عند الله كالذي يتوب عن القتل والنهب والظلم ومظالم العباد ; لعلمه أن ديوان العباد لا يترك ، وما بينه وبين الله يتسارع العفو إليه فهذا أيضا ممكن كما في تفاوت الكبائر والصغائر ; لأن الكبائر أيضا متفاوتة في أنفسها ، وفي اعتقاد مرتكبها ; ولذلك قد يتوب عن بعض الكبائر التي لا تتعلق بالعباد ، كما يتوب عن شرب الخمر دون الزنا مثلا ; إذ يتضح له أن الخمر مفتاح الشرور وأنه إذا زال عقله ارتكب جميع المعاصي وهو لا يدري فبحسب ترجح شرب الخمر عنده ينبعث منه خوف يوجب ذلك تركا في المستقبل وندما على الماضي .


(الثاني أن يتوب عن بعض الكبائر دون بعض، وهذا أيضا ممكن لاعتقاده أن بعض الكبائر أشد وأغلظ عند الله) ، وهذا (كالذي يتوب عن القتل والنهب والظلم ومظالم العباد; لعلمه أن ديوان العباد لا يترك، وما بينه وبين الله) من الذنوب (يتسارع العفو إليه) كما ورد في الخبر السابق ذكره، (فهذا أيضا ممكن كما في تفاوت الكبائر والصغائر; لأن الكبائر أيضا متفاوتة في أنفسها، وفي اعتقاد مرتكبها; ولذلك قد يتوب عن بعض الكبائر التي لا تتعلق بالعباد، كما يتوب عن شرب الخمر دون الزنا مثلا; إذ يتضح له أن الخمر مفتاح الشرور) كلها، (وأنه إذا) شربها (زال عقله) ، وإذا زال عقله (ارتكب جميع المعاصي) كالزنا والقتل والسلب والنهب والاستطالة في العرض، (وهو لا يدري) أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه سئل عن الخمر فقال: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هي أكبر الكبائر وأم الفواحش، من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته، وأخرج عبد بن حميد ورسته في كتاب الإيمان عن شعبة مولى عباس، عن ابن عباس رفعه: "إذا شرب الخمر سكر وزنى وترك الصلاة"، وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله التمار، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، وقال: تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره أن يشرب الخمر، أو يقتل نفسا، أو يزني، أو يأكل لحم خنزير، أو يقتله فأبى، فاختار شرب الخمر، فإنه لما شربها لم يمتنع عن شيء أراده منه. الحديث .

(فبحسب ترجح شرب الخمر عنده ينبعث منه خوف يوجب ذلك تركا في المستقبل وندما على الماضي) .

التالي السابق


الخدمات العلمية