إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والقسم الثاني هو الذي لا يخلو عن مقارفة الذنوب ثم هم ينقسمون إلى مصرين وإلى تائبين وغرضنا أن نبين العلاج في حل عقدة الإصرار ، ونذكر الدواء فيه . فاعلم أن شفاء التوبة لا يحصل إلا بالدواء ، ولا يقف على الدواء من لا يقف على الداء إذ لا معنى للدواء إلا مناقضة أسباب الداء فكل داء حصل من سبب ، فدواؤه حل ذلك السبب ورفعه وإبطاله ، ولا يبطل الشيء لا بضده ، ولا سبب للإصرار إلا الغفلة والشهوة ، ولا يضاد الغفلة إلا العلم ولا يضاد الشهوة ، إلا الصبر على قطع الأسباب المحركة للشهوة والغفلة رأس الخطايا قال الله تعالى وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون فلا دواء إذن للتوبة إلا معجون يعجن من حلاوة العلم ومرارة الصبر وكما ، يجمع السكنجبين بين حلاوة السكر وحموضة الخل ويقصد بكل منهما غرض آخر في العلاج بمجموعهما ، فيقمع الأسباب المهيجة للصفراء ، فهكذا ينبغي أن تفهم علاج القلب مما به من مرض الإصرار فإن ، لهذا الدواء أصلين أحدهما العلم والآخر الصبر ، ولا بد من بيانهما .

فإن العلوم تتفاوت مراتبها؟

.


(والقسم الثاني هو الذي لا يخلو عن مقارفة الذنوب) وملابستها، (ثم هم ينقسمون إلى مصرين) عليها، (وإلى تائبين) عنها، (وغرضنا الآن أن نبين العلاج في حل عقدة الإصرار، ونذكر الدواء فيه .

فاعلم أن شفاء التوبة لا يحصل إلا بالدواء، ولا يقف على الدواء من لا يقف على أصل الداء) وحقيقته ومن أين مبدؤه، (إذ لا معنى للدواء إلا مناقضة أسباب الداء) ومضارتها، (فكل داء حصل من سبب، فدواؤه حل ذلك السبب) ، وفي نسخة لأجل ذلك السبب، (ورفعه) ، وفي نسخة: ودفعه، (وإبطاله، ولا يبطل الشيء إلا بضده ومناقضه، ولا سبب للإصرار على الشهوة والغفلة، ولا يضاد الغفلة إلا العلم، والشهوة إلا الصبر على قطع الأسباب المحركة للشهوة) ، وهي أسباب كثيره تقدم ذكرها في كتاب كسر الشهوتين .

(والغفلة رأس الخطايا) وأمها فإن منها تنشأ (قال الله تعالى: أولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ) دل ذلك على أن خسرانهم في أرباح معاملات الآخرة إنما سببها الغفلة فقد جعل الله أهل الغفلة في الدنيا هم أهل الخسران في العقبى، (فلا دواء للتوبة إذن إلا معجون) مركب (يعجن) من جزأي (حلاوة العلم ومرارة الصبر، كما يجمع في السكنجبين بين حلاوة السكر) ، أو العسل، (وحموضة الخل) مع تباين مزاجيهما، (ويقصد بكل واحد منهما) أي: من السكر والخل (غرض آخر في العلاج بمجموعهما، فيقمع الأسباب المهيجة للصفراء، فهكذا ينبغي أن يفهم علاج القلب مما به من مرض الإصرار، فإذن لهذا الدواء أصلان) بهما يتم تركيبه: (أحدهما العلم) ، وهو الجزء الأكبر، (والآخر الصبر، ولا بد من بيانهما) يتضح به المقصود .

التالي السابق


الخدمات العلمية