إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
بيان أحوال الصحابة والتابعين والسلف والصالحين في شدة الخوف .

روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لطائر : ليتني مثلك يا طائر ، ولم أخلق بشرا .

وقال أبو ذر رضي الله عنه : وددت لو أني شجرة تعضد وكذلك قال طلحة .

وقال عثمان رضي الله عنه : وددت أني إذا مت لم أبعث .

وقالت عائشة رضي الله عنها وددت أني كنت نسيا منسيا وروي أن عمر رضي الله عنه كان يسقط من الخوف إذا سمع آية من القرآن مغشيا عليه ، فكان يعاد أياما .

وأخذ يوما تبنة من الأرض فقال : يا ليتني كنت هذه التبنة ، يا ليتني لم أك شيئا مذكورا ، يا ليتني كنت نسيا منسيا ، يا ليتني لم تلدني أمي .

وكان في وجه عمر رضي الله عنه خطان أسودان من الدموع وقال رضي الله عنه : من خاف الله لم يشف غيظه ومن اتقى الله لم يصنع ما يريد ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون .


(بيان أحوال الصحابة والتابعين والسلف الصالحين في شدة الخوف. روي أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال) يوما (لطائر: ليتني مثلك يا طائر، ولم أخلق بشرا) ، نقله صاحب القوت، (وقال أبو ذر - رضي الله عنه -: وددت لو أني شجرة تعضد) كذا في القوت، وقال أبو نعيم في الحلية: حدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا أبو يحيى الرازي، حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر قال: والله لو تعلمون ما أعلم ما انبسطتم على نسائكم ولا تقاررتم على فرشكم، والله لوددت أن الله خلقني يوم خلقني شجرة تعضد ويؤكل ثمرها.

(وكذا قال طلحة) بن عبيد الله التيمي - رضي الله عنه - أحد العشرة، ولفظ القوت: وقول طلحة: وددت أني لم أخلق، (وقال عثمان - رضي الله عنه -: وددت أني إذا مت لم أبعث) كذا في القوت، وروي ذلك عن ابن مسعود قال صاحب الحلية بسنده عن مسروق: قال رجل عند عبد الله: ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين، أكون من المقربين أحب إلي، قال: فقال عبد الله: لكن ههنا رجلا ود أنه إذا مات لم يبعث، يعني: نفسه، وفي الزهد لأحمد من طريق عبد الله ابن الردمي قال: بلغني أن عثمان - رضي الله عنه - قال: لو أني بين الجنة والنار ولا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير، وفي الحلية من طريق السري بن يحيى عن الحسن قال: قال ابن مسعود: لو وقفت بين الجنة والنار فقيل: اختر نخيرك من أيهما تكون أحب إليك أم تكون رمادا، لأحببت أن أكون رمادا.

(وقالت عائشة - رضي الله عنها - وددت أني كنت) حيضة (نسيا منسيا) كذا في القوت (وروي أن عمر - رضي الله عنه - كان يسقط من الخوف إذا سمع آية من القرآن مغشيا عليه، فكان يعاد أياما) رواه هاشم عن الحسن بلفظ: إن عمر كان يمر بالآية من ورده بالليل فيبكي حتى يسقط ويعاد، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن عفان عن جعفر بن سليمان عن هاشم عن الحسن قال: كان عمر يمر بالآية في ورده فتخنقه العبرة فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يعاد يحسبونه مريضا، (وأخذ يوما تبنة من الأرض فقال: يا ليتني كنت هذه التبنة، يا ليتني لم أك شيئا مذكورا، يا ليتني كنت نسيا منسيا، لم تلدني أمي) رواه شعبة عن عاصم بن عبد الله بن عامر بن ربيعة بلفظ: أخذ عمر تبنة فقال ليتني كنت هذه، ليتني لم أخلق ليتني لم أك شيئا. وفي لفظ: رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض فقال: يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أك شيئا، ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت نسيا منسيا.

(وكان في وجه عمر - رضي الله عنه - خطان أسودان من) آثار (الدموع) رواه صاحب الحلية من طريق عبد الله بن عيسى قال كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء (وقال عمر - رضي الله عنه -: من خاف الله لم يشف غيظه ومن اتقى الله لم يصنع ما يريد ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون) رواه صاحب الحلية عن محمد بن علي بن حبيش، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا بقية، عن إبراهيم بن أدهم، عن أبي عبد الله قال: قال عمر: من اتقى الله لم يشف غيظا، ومن خاف الله لم يصنع ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون. ومن طريق أحمد بن علي الأبار، حدثنا عبيد بن هشام الجيلي، حدثنا بقية فقال في حديثه عن أبي عبد الله قال: قال عمر: من اتقى الله لم يشف غيظه، ومن خاف الله لم يصنع ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون. ومن طريق أحمد بن علي الأبار، حدثنا عبيد بن هشام الجيلي، حدثنا بقية فقال في حديثه عن أبي عبد الله الخراساني وفيه: من اتقى الله لم يقل كلما علم، قلت: وقد روى سهل بن سعد - رضي الله عنه - مرفوعا: من اتقى الله كل لسانه ولم يشف غيظه، وقد تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية