إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الدرجة الثالثة : وهي العليا أن يزهد طوعا ويزهد في زهده فلا يرى زهده إذ لا يرى أنه ترك شيئا إذ عرف أن الدنيا لا شيء .

فيكون كمن ترك خزفة وأخذ جوهرة فلا يرى ذلك معاوضة ولا يرى نفسه تاركا شيئا .


الدرجة (الثالثة: وهي العليا) منها (أن يزهد طوعا) أي: اختيارا (ويزهد في زهده فلا يرى زهده إذ لا يرى أنه ترك شيئا إذ عرف أن الدنيا لا شيء) في الحقيقة كما ورد في الخبر: إن الله تعالى يقول للدنيا يوم القيامة: اسكتي يا لا شيء، (فيكون كمن ترك خزفة وأخذ جوهرة فلا يرى ذلك معاوضة ولا يرى نفسه تاركا شيئا) .

كما قال بعض الزاهدين لبعض العارفين: لم يبق علي من الدنيا إلا مص النوى، فهذا يرى هذا بعيدا عن الرغبة، فقال: يا هذا نظرك إلى مص النوى لزهدك هو بقية من الدنيا، أراد منه نسيان ذلك بالزهد في زهده على ترك النظر إلى وصفه لما يستغرق في الجريان عليه فلا يبقى همه بغير مجريه، ويكون بحكم المجرى فيه، فهذا مقام فوق الزهد متصل بغيره من القرب المصطلح .

التالي السابق


الخدمات العلمية