إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فلنذكر الآن علامات محبة العبد لله ؛ فإنها أيضا علامات حب الله للعبد .

القول في علامات محبة العبد لله تعالى .

اعلم أن المحبة يدعيها كل أحد ، وما أسهل الدعوى وما أعز المعنى ! فلا ينبغي أن يغتر الإنسان بتلبيس الشيطان .

وخدع النفس مهما ادعت محبة الله تعالى ما لم يمتحنها بالعلامات ولم يطالبها بالبراهين والأدلة .

والمحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء : وثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح .

وتدل تلك الآثار الفائضة منها على القلب والجوارح على المحبة دلالة الدخان على النار ودلالة الثمار على الأشجار ؛ وهي : كثيرة فمنها حب لقاء الحبيب بطريق الكشف والمشاهدة في دار السلام فلا يتصور أن يحب القلب محبوبا إلا ويحب مشاهدته ولقاءه ، وإذا علم أنه لا وصول إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت ، فينبغي أن يكون محبا للموت غير فار منه فإن المحب لا يثقل عليه السفر عن وطنه إلى مستقر محبوبه ليتنعم بمشاهدته والموت مفتاح اللقاء وباب الدخول إلى المشاهدة .

قال : صلى الله عليه وسلم : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه وقال حذيفة عند الموت : حبيب جاء على فاقة ، لا أفلح من ندم .

وقال بعض السلف : ما من خصلة أحب إلى الله أن تكون في العبد بعد حب لقاء الله من كثرة السجود فقدم حب لقاء الله على السجود .

وقد شرط الله سبحانه لحقيقة الصدق في الحب القتل في سبيل الله ؛ حيث قالوا : إنا نحب الله ، فجعل القتل في سبيل الله وطلب الشهادة علامته ، فقال تعالى : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا وقال عز وجل : يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وفي وصية أبي بكر لعمر رضي الله تعالى عنهما : الحق ثقيل ، وهو مع ثقله مريء ، والباطل خفيف ، وهو مع خفته وبيء ، فإن حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت ، وهو مدركك ، وإن ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليك من الموت ولن تعجزه .

ويروى عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص قال : حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد : ألا ندعو الله ؟ فخلوا في ناحية ، فدعا عبد الله بن جحش ، فقال : يا رب ، إني أقسمت عليك إذا لقيت العدو غدا فلقني رجلا شديدا بأسه شديدا حرده أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني : ويبقر بطني : فإذا لقيتك غدا ، قلت يا عبد الله ، من جدع أنفك وأذنك ؟ فأقول : فيك يا رب وفي رسولك ، فتقول : صدقت ، قال سعد : فلقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقتان في خيط قال سعيد بن المسيب أرجو أن يبر الله آخر قسمه كما أبر أوله .

وقد كان الثوري وبشر الحافي يقولان : لا يكره الموت إلا مريب : لأن الحبيب على كل حال لا يكره لقاء حبيبه .

وقال البويطي لبعض الزهاد : أتحب الموت ؟ فكأنه توقف ، فقال : لو كنت صادقا لأحببته ، وتلا قوله تعالى : فتمنوا الموت إن كنتم صادقين فقال الرجل : فقد قال النبي : صلى الله عليه وسلم : لا يتمنين أحدكم الموت ، فقال : إنما قاله لضر نزل به ؛ لأن الرضا بقضاء الله تعالى أفضل من طلب الفرار منه .

فإن قلت من : لا يحب الموت ؛ فهل يتصور أن يكون محبا لله ، فأقول : كراهة الموت قد تكون لحب الدنيا والتأسف على فراق الأهل والمال والولد ، وهذا ينافي كمال حب الله تعالى ؛ لأن الحب الكامل هو الذي يستغرق كل القلب ، ولكن لا يبعد أن يكون له مع حب الأهل والولد شائبة من حب الله تعالى ضعيفة ؛ فإن الناس متفاوتون في الحب .


(فلنذكر الآن علامات محبة العبد لله تعالى؛ فإنها أيضا علامات [ ص: 615 ] حب الله) تعالى (للعبد، والله الموفق) .

(القول في علامات محبة العبد لله تعالى)

(اعلم) وفقك الله تعالى (أن المحبة يدعيها كل أحد، وما أسهل الدعوى وما أعز المعنى!)

فكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك

(فلا ينبغي أن يغتر الإنسان بتلبيس الشيطان وخدع النفس) المكارة (مهما ادعت محبة الله تعالى) والشوق إليه والأنس به (ما لم يمتحنها بالمعاملات) الدالة على دعواها (و) ما (لم يطالبها بالبراهين) الكشفية (والأدلة) العقلية (والمحبة شجرة طيبة أصلها ثابت) في أرض القلوب (وفرعها في السماء) أي: في سماء الأرواح (وثمارها تظهر على القلب) فتولد المعرفة (و) على (اللسان) فتورث الذكر (و) على (الجوارح) فتثمر الأعمال (وتدل تلك الآثار الفائضة منها على القلب) واللسان (والجوارح على المحبة دلالة الدخان على النار ودلالة الثمار على الأشجار؛ وهي) أي: تلك العلامات (كثيرة) ولكن ذكر منها نحو عشرة، قال: (فمنها حب لقاء الحبيب بطريق) العيان و (الكشف والمشاهدة في دار السلام) ومحل القرب (فلا يتصور أن يحب القلب محبوبا إلا ويحب مشاهدته ولقاءه، وإذا علم أنه لا وصول) إلى لقائه (إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت، فينبغي أن يكون اللقاء وباب الدخول إلى المشاهدة) ومن هنا قالوا: الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب .

وروى الديلمي من حديث عائشة: الموت غنيمة، وروى الدارقطني من حديث جابر: الموت تحفة (قال -صلى الله عليه وسلم-: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه) ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه .

قال العراقي: متفق عليه من حديث أبي هريرة وعائشة. اهـ .

قلت: رواه الطيالسي وأحمد والدارمي والشيخان والترمذي والنسائي وابن حبان من رواية أنس عن عبادة بن الصامت، ورواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي من حديث عائشة، ورواه الشيخان من حديث أبي موسى، ورواه مسلم والنسائي من حديث أبي هريرة، ورواه النسائي والطبراني من حديث معاوية (وقال حذيفة) بن اليمان رضي الله عنهما (عند الموت: حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم) رواه أبو نعيم في الحلية من طريقين: الأولى: حدثنا عبد الرحمن بن العباس، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، حدثنا محمد بن يزيد الآدمي، حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن كثير عن زياد مولى ابن عياش، قال: حدثني من دخل على حذيفة في مرضه الذي مات فيه، فقال: لولا أن أرى أن هذا اليوم آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة لم أتكلم به، اللهم إنك تعلم أني كنت أحب الفقر على الغنى، وأحب الذلة على العز، وأحب الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، ثم مات رحمه الله .

الثانية: بالسند إلى إبراهيم بن إسحاق، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا السري بن يحيى عن الحسن قال: لما حضر حذيفة الموت قال: حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، الحمد لله الذي سبق بي الفتنة قادتها وعلوجها. (وقال بعض السلف: ما من خصلة أحب إلى الله أن تكون في العبد بعد حب لقاء الله من كثرة السجود) نقله صاحب القوت، وقال: (فقدم حب لقاء الله على السجود) على أن كثرة السجود من أفضل الأعمال، كما وردت به الأخبار (وقد شرط الله سبحانه لحقيقة الصدق في الحب القتل في سبيل الله؛ حيث قالوا: إنا نحب الله، فجعل القتل في سبيل الله وطلب الشهادة علامته، فقال: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا وقال: يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ) ولفظ القوت: وقد شرط سبحانه لحقيقة الصدق القتل في سبيله، وأخبر أنه يحب قتل محبوبه في قوله: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا بعد قوله معيرا لهم: لم تقولون ما لا تفعلون حيث قالوا: إنا نحب الله، فجعل القتل محنة محبته وعلامة أخذه مال محبوبه ونفسه؛ إذ يقول: يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ا هـ .

قلت: أخرج أحمد والدارمي والترمذي وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي من حديث عبد الله بن سلام، قال: قعدنا نفرا من [ ص: 616 ] أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتذاكرنا، فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أقرب إلى الله تعالى لعملناه، فأنزل الله تعالى قوله: سبح لله .. الآيات، وفي حديث ابن عباس: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن الله دلنا على أحب الأعمال فنعمل به .. الحديث .

أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، وقال مجاهد: نزلت في نفر من الأنصار منهم عبد الله بن رواحة، قالوا في مجلس لهم: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه حتى نموت، فأنزل الله فيهم .. أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر، وقد تقدم في كتاب الصبر مفصلا (وفي وصية أبي بكر لعمر رضي الله عنهما: الحق ثقيل، وهو مع ثقله مريء، والباطل خفيف، وهو مع خفته وبيء، فإن حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت، وهو مدركك، وإن ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليك من الموت ولن تعجزه) هكذا هو في القوت، ورواه أبو نعيم في الحلية، فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا قطر بن خليفة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط قال: لما حضر أبا بكر الصديق الموت دعا عمر، فقال: اتق الله يا عمر، واعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل وعملا بالليل لا يقبله بالنهار، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقل عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الباطل غدا أن يكون خفيفا، وإن الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئها، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف أن لا ألحق بهم، وإن الله تعالى لما ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنه، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأرجو أن لا أكون مع هؤلاء؛ ليكون العبد راغبا راهبا، لا يتمنى على الله ولا يقنط من رحمته؛ فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت وهو آتيك، وإن أنت ضيعت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت ولست بمعجزه.

وروى أبو نعيم في ترجمة ابن مسعود، قال: الحق ثقيل مريء والباطل خفيف وبيء، شهيوة تورث حزنا طويلا. (ويروى عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص) تابعي روى عن أبيه (قال: حدثني أبي) سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- (أن عبد الله بن جحش) بن وثاب بن يعمر الأسدي -رضي الله عنه- حليف بني عبد شمس أمه أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو أحد السابقين، هاجر إلى الحبشة وشهد بدرا وصاهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأخته زينب بنت جحش (قال له يوم أحد: ألا تدعو الله؟ فخلوا في ناحية، فدعا عبد الله بن جحش، فقال: يا رب، إني أقسمت عليك إذا لقيت العدو غدا فلقني رجلا شديدا بأسه شديدا حرده) محركة، أي غضبه (أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني) أي: يقلعهما (ويبقر بطني) أي: يشقه (فإذا لقيتك غدا، قلت) أنت: (أيا عبد الله، من جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك يا رب وفي رسولك، فتقول: صدقت، قال سعد: فلقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقتان في خيط) .

قال العراقي: رواه الطبراني، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية وإسناده جيد اهـ .

قلت: لفظ أبي نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا طاهر بن عيسى المصري، حدثنا أصبغ بن الفرج، حدثنا ابن وهب، حدثني أبو صخر، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد .. فذكر الحديث، ورواه البغوي من هذه الطريق، وفيه أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا نأتي فندعو؟ قال: فخلونا في ناحية، فدعا سعد، فقال: اللهم رب إذا لقينا القوم غدا فلقني رجلا شديدا حرده أقاتله فيك، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله وآخذ سلبه، قال: فأمر عبد الله بن جحش، ثم قال عبد الله: اللهم ارزقني رجلا شديدا حرده أقاتله فيك حتى يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك قلت: هذا فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت، قال سعد: فكانت دعوة عبد الله خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقة في خيط (قال سعيد بن المسيب) -رحمه الله تعالى- (أرجو أن يبر الله آخر قسمه كما أبر أوله) رواه أبو نعيم في الحلية، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، قال: حدثنا ابن الصباح، حدثنا سفيان بن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: قال عبد الله بن جحش: اللهم أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلوني، ثم يبقروا بطني ويجدعوا أنفي وأذني جميعا، ثم تسألني: فيم ذلك؟ فأقول: فيك، قال سعيد بن المسيب: فإني أرجو أن يبر الله آخر [ ص: 617 ] قسمه، كما أبر أوله. وأخرجه ابن شاهين من وجه آخر عن سعيد بن المسيب أن رجلا سمع عبد الله بن جحش فذكر نحوه، قال الحافظ: وهذا أخرجه عبد الله بن المبارك في الجهاد مرسلا (وقد كان) سفيان (الثوري وبشر) بن الحارث (الحافي) رحمهما الله تعالى (يقولان: لا يكره الموت إلا مريب) أي: شاك (لأن الحبيب على كل حال لا يكره لقاء حبيبه) نقله صاحب القوت (وقال) أبو يعقوب يوسف بن يحيى المصري (البويطي) بضم الموحدة وفتح الواو، ونسبة إلى بويط؛ قرية بمصر بالصعيد الأدنى، وهو صاحب الشافعي وخليفته على أصحابه بعده، كان زاهدا متعبدا، قال له الشافعي: أما أنت فتموت في الحديد، فمات مقيدا ببغداد سنة 231 في محنة القرآن (لبعض الزهاد: أتحب الموت؟ فكأنه توقف، فقال: لو كنت صادقا لأحببته، وتلا قوله تعالى: فتمنوا الموت إن كنتم صادقين فقال الرجل: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يتمنين أحدكم الموت، فقال: إنما قاله لضر نزل به؛ لأن الرضا بقضاء الله تعالى أفضل من طلب الفرار منه) نقله صاحب القوت، وقال: هذا كما قال البويطي؛ لأن التائب إذا صدقت توبته طلب الموت خشية الحول عن حاله، فإذا كان كذلك كان هو التائب الذي هو حبيب الله إلا أن مقام الرضا أعلى من مقام تمني الموت؛ فلذلك قال: لا يتمنى الموت للضر ينزل به، أي فرضاه بقضائه أفضل من تمني لقائه ليقبض على مقام الرضا اهـ .

والحديث المذكور بهذا اللفظ رواه الباوردي والطبراني والحاكم من حديث الحكم ابن عمر والغفاري، ورواه أحمد من حديث عبس الغفاري، ورواه أيضا هو والطبراني وصاحب الحلية من حديث خباب، ويروى بزيادة: إما محسنا فلعله أن يعيش يزداد خيرا، وهو خير له، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب. رواه النسائي بهذه الزيادة من حديث أبي هريرة، ورواه أحمد والشيخان نحوه، ورواه الشيخان من حديثه بزيادة: ولا يدع به من قبل أن يأتيه؛ إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا. ورواه ابن عساكر من حديثه بزيادة: حتى يثق بعمله، ورواه ابن أبي شيبة من حديث عمرو بن عنبسة بلفظ: إلا أن يثق بعمله، ورواه الخطيب من حديث ابن عباس بزيادة: فإنه لا يدري ما قدم لنفسه، وأما قول البويطي: إنما قاله: لضر نزل به، فقد رواه الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة وابن حبان من حديث أنس لفظه: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيا؛ فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي وأفضل (فإن قلت: فمن لا يحب الموت؛ فهل يتصور أن يكون محبا لله تعالى، فأقول: كراهة الموت قد تكون لحب الدنيا والتأسف على فراق الأهل والمال والولد، وهذا ينافي كمال حب الله تعالى؛ لأن الحب الكامل هو الذي يستغرق كل القلب، ولكن لا يبعد أن يكون له مع حب الأهل والولد شائبة من حب الله ضعيفة؛ فإن الناس متفاوتون في الحب) تفاوتهم في المعرفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية