إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولما كان الإنسان محتاجا إلى الحركة بجملة بدنه وببعض أعضائه مفتقرا للتردد في حاجاته لم يجعل عظمه عظما واحدا بل عظاما كثيرة بينها مفاصل حتى تتيسر بها الحركة ، وقدر شكل كل واحدة منها على وفق الحركة المطلوبة بها ، ثم وصل مفاصلها وربط بعضها ببعض بأوتار أنبتها من أحد طرفي العظم وألصقه بالعظم الآخر كالرباط له ثم خلق في أحد طرفي العظم زوائد خارجة منه ، وفي الآخر حفرا غائصة فيه موافقة لشكل الزوائد لتدخل فيها وتنطبق عليها ، فصار العبد إن أراد تحريك جزء من بدنه لم يمتنع عليه ، ولولا المفاصل لتعذر عليه ذلك .


(ولما كان الإنسان محتاجا إلى الحركة بجملة بدنه وببعض أجزائه مفتقرا للتردد في حاجاته لم يجعل عظمه عظما واحدا بل عظاما كثيرة بينها مفاصل حتى تنتشر بها الحركة، وقدر شكل كل واحد منها على وفق الحركة المطلوبة بها، ثم وصل مفاصلها وربط بعضها بالبعض بأوتار أنبتها من أحد طرفي العظم وألصقه بالعظم الآخر كالرباط له) اعلم أن الوتر مؤلف في الأكثر من العصب النافذ في العضلة البارز منها في الجهة الأخرى من الرباط، والرباط عضو عصباني المرأى والملمس من جهة البياض واللدونة، وفائدته أن يأتي من العظم إلى جهة العضل فيتشظى هو والأعصاب فيتصل وترا، والعصب والرباط إذا تشظيا شظايا دقاقا وحشي الخلل الواقع بينهما لحما وغشي غشاء يسمى جملة ذلك عضلة، فما امتد منه إلى العضلة لم يسم رباطا، وما لم يمتد إليها ولكن وصل بين طرفي المفصل أو بين أعضاء أخرى وأحكم شد شيء إلى شيء، فإنه مع ما يسمى رباطا قد يخص باسم العقب، وليس لشيء من الروابط حص، وذلك لئلا يتأذى بكثرة ما يلزمه من الحركة .

(ثم خلق في أحد طرفي العظم زوائد خارجة منه، وفي الآخر حفرا غائصة فيه موافقة لشكل الزوائد ليدخل فيها وينطبق عليها، فصار العبد إن أراد تحريك جزء من بدنه لم يمتنع عليه، ولولا المفصل لتعذر عليه ذلك) اعلم أن المفصل مجاورة طبيعية بين عظمين والالتحام هو اتحاد طبيعي بينهما، وهو إما أن يكون من غير شيء يصل بينهما، وإما أن يكون بشيء وذلك الشيء إما عصب وإما غضروف وإما لحم، والمفصل إما موثق وهو الذي لا يتحرك حركة بينه كمفصل الرسغ وإما سلس وهو ما يتحرك حركة بينه كمفصل المرفق، وكل ثلاثة أقسام أحدها من الموثق ما يكون تركيبه بدرز يجمع العظمين وهو أن يكون لكل منهما زوائد وحفر كالمنشار فيدخل كل زائدة من كل حفرة من الآخر كالمنشارين إذا جمعا، الثاني ما يكون تركيبه بلزاق يضمهما وهو أن يتصلا على خط مستقيم كزندي الساعد وقصبي الساق، الثالث ما يكون تركيبه بركز أحدهما في الآخر وهو أن يدق أحدهما ويرتكز رأسه الدقيق في عظم آخر كالإنسان في أوريتها. الرابع: وهو أول السلس أن تكون الحفرة كذلك من العظم المحفور غائرة الرأس من الآخر طويلة العنق رقيقة كمفصل الفخذ، ويسمى المفرق. والخامس: أن لا تكون الحفرة كذلك يسمى المطرف، وأن يكون لكل رأس يدخل في فقرة من الآخر كالمرفق ومفاصل خرز الصلب ويسمى المداخل .

التالي السابق


الخدمات العلمية