إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وانظر الآن في تفصيل أهوالهم ، وتفكر أيضا في أودية جهنم ، وشعابها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم .

: إن في جهنم سبعين ألف واد ، في كل واد سبعين ألف شعب ، في كل شعب سبعون ألف ثعبان وسبعون ، ألف عقرب ، لا ينتهي الكافر والمنافق حتى يوقع ذلك كله .

وقال علي كرم الله وجهه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا : بالله من جب الحزن ، أو وادي الحزن قيل : يا رسول الله ، وما وادي أو جب الحزن قال : واد في جهنم ، تتعوذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة ، أعده الله تعالى للقراء المرائين فهذه سعة جهنم ، وانشعاب أوديتها ، وهي بحسب عدد أودية الدنيا وشهوتها ، وعدد أبوابها بعدد الأعضاء السبعة التي بها يعصي العبد ، بعضها فوق بعض الأعلى ، جهنم ، ثم سقر ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية فانظر الآن في عمق الهاوية ، فإنه لا حد لعمقها ، كما لا حد لعمق شهوات الدنيا فكما ، لا ينتهي أرب من الدنيا إلا إلى أرب أعظم منه ، فلا تنتهي هاوية من جهنم إلا إلى هاوية أعمق منها قال أبو هريرة كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا وجبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين عاما ، الآن انتهى إلى قعرها .


(وانظر الآن تفصيل أهوالهم، وتفكر أيضا في أودية جهنم، وشعابها، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن في جهنم سبعين ألف واد، في كل واد سبعون ألف شعب، في كل شعب سبعون ألف ثعبان، وسبعون ألف عقرب، لا ينتهي الكافر والمنافق حتى يواقع ذلك كله) .

قال العراقي : لم أجده هكذا بجملته وسيأتي بعده ما ورد في الحيات والعقارب اهـ .

قلت: بل أخرجه ابن قانع في معجمه، وغيره من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن حجاج بن عبد الشمالي، وكان قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم- وشهد معه حجة الوداع، أن سفيان بن مجيب الشمالي حدثه، وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن في جهنم سبعة آلاف واد... الحديث. ووقع عند ابن قانع، بخيت، مصغر بخت، بدل مجيب، وفيه اختلاف ذكره الحافظ في الإصابة، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: لا يصح .

(وقال علي كرم الله وجهه: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعوذ بالله من جب الحزن، أو ) قال: (وادي الحزن) ، شك من الراوي، ( قيل: يا رسول الله، وما وادي الحزن، أو جب الحزن؟ قال: واد في جهنم، تتعوذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة، أعده الله تعالى للقراء المرائين ) .

قال العراقي : رواه ابن عدي، بلفظ: وادي الحزن، وقال: باطل، وأبو نعيم الأصبهاني بسند ضعيف، ورواه الترمذي، وقال: غريب، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة، بلفظ: جب الحزن، وضعفه ابن عدي، وتقدم في ذم الجاه والرياء، اهـ .

قلت: لفظ الترمذي، وابن ماجه : تتعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة، يدخله القراء المراؤن بأعمالهم، وإن أبغض القراء إلى الله الذين يزورون الأمراء، وكذلك رواه البخاري في التاريخ، ورواه الطبراني من حديث ابن عباس [ ص: 512 ] بلفظ: إن في جهنم لواديا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم أربعمائة مرة، أعد ذلك الوادي للمرائين من أمة محمد، لحامل كتاب الله، وللمصدق في غير ذات الله، وللجاج إلى بيت الله، وللخارج في سبيل الله، ولفظ أبي نعيم من حديث أبي هريرة : إن في جهنم لواديا يقال له: لملم، إن أودية جهنم لتستعيذ بالله من حره.

ولفظ ابن عدي من حديث أبي هريرة : إن في جهنم واديا تستعيذ جهنم منه في كل يوم سبعين ألف مرة، أعده الله للقراء المرائين بأعمالهم، وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان .

وروى البيهقي، عن بكر بن محمد العابد، قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إن في جهنم لجبا تستعيذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء الزائرين للسلطان .

(فهذه سعة جهنم، وانشعاب أوديتها، وهي بحسب عدد أودية الدنيا، وشهواتها، وعدد أبوابها بعدد الأعضاء السبعة التي بها يعصي العبد، بعضها فوق بعض) ، وهي الدركات (الأعلى، جهنم، ثم سقر، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم الجحيم، ثم الهاوية) ، قال صاحب القاموس في كتاب البصائر: أصل السقر بالسين والصاد تغير اللون، يقال: سقرته الشمس وصقرته إذا لوحته، وجعل سقر علما لجهنم، ولما كان السقر يقتضي التلويح في الأصل، نبه بقوله: وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر إن ذلك مخالف لما نعرفه من أحوال السقر في الشاهد، واللظى: النار، وقيل: لهب النار الخالص عن الدخان، ولظى معرفة: اسم جهنم، ولظيت النار بالكسر لظى، والتظت: التهبت، والحطمة: النار التي من شأنها أنها تحطم كل ما يطرح فيها، والسعير: فعيل بمعنى مفعول، وقد سعر النار، وأسعرها، وسعرها: ألهبها، والجحيم من الجحمة، وهي شدة تأجج النار، وكل نار بعضها فوق بعض جحيم، وجحمة، وجحمها: أوقدها، والجاحم: الجمر الشديد الاشتعال، والمكان الشديد الحر، والهاوية: من هوى، إذا سقط على رأسه; سميت نار الآخرة لأنهم يتساقطون فيها منكوسين، (فانظر الآن في عمق الهاوية، فإنه لا حد لعمقها، كما لا حد لعمق شهوات الدنيا، كما لا ينتهي أرب من الدنيا إلا إلى أرب أعظم منه، فلا تنتهي هاوية من جهنم إلا إلى هاوية أعمق منها) .

وذكر صاحب القاموس في البصائر: أن في بعض الآثار: أن دركات النار سبعة: هاوية للفراعنة، ولظى لعبدة الأوثان، وسقر للمجوس، والجحيم لليهود، والحطمة للنصارى، والسعير للصابئين، وجهنم لعصاة المؤمنين، قال: وورد الجحيم في القرآن على وجهين: أحدهما: بمعنى النار التي أوقدها نمرود اللعين للخليل عليه السلام، قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم الثاني: بمعنى النار التي أعدها الله للمجرمين والكفار .

(قال أبو هريرة ) -رضي الله عنه- (كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمعنا وجبة) ، أي: سقطة، ومادة وجب تدل على سقوط الشيء، ووقوعه، ( فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين عاما، الآن حين انتهى إلى قعرها ) . قال العراقي : رواه مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية