إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
صفة الرؤية ، والنظر إلى وجه الله تبارك تعالى .

قال الله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وهذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى ، وهي اللذة الكبرى ، التي ينسى فيها نعيم أهل الجنة وقد ذكرنا حقيقتها في كتاب المحبة ، وقد شهد لها الكتاب والسنة ، على خلاف ما يعتقده أهل البدعة قال جرير بن عبد الله البجلي كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى القمر ليلة البدر فقال : إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ فسبح : بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، وهو مخرج في الصحيحين وروى مسلم في الصحيح ، عن صهيب قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناديا : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه ، قالوا : ما هذا الموعد ؟ ألم يثقل موازيننا ؟ ويبيض وجوهنا ؟ ويدخلنا الجنة ؟ ويجرنا من النار ؟ قال : فيرفع الحجاب ، وينظرون إلى وجه الله عز وجل : فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إليه وقد روى حديث الرؤية جماعة من الصحابة وهذه هي غاية الحسنى ، ونهاية النعمى ، وكل ما فصلناه من التنعم عند هذه النعمة ينسى وليس لسرور أهل الجنة عند سعادة اللقاء منتهى ، بل لا نسبة لشيء من لذات الجنة إلى لذة اللقاء ، وقد أوجزنا في الكلام هنا ; لما فصلناه في كتاب المحبة والشوق والرضا فلا ينبغي أن تكون همة العبد من الجنة بشيء سوى لقاء المولى وأما سائر نعيم الجنة ، فإنه يشارك فيه البهيمة المسرحة في المرعى .


(صفة الرؤية، والنظر إلى وجه الله تبارك وتعالى)

(قال الله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (وهذه الزيادة) على الحسنى (هي النظر إلى وجه الله تعالى، وهي اللذة الكبرى، التي ينسى فيها نعيم أهل الجنة) ، وذلك إذا أشرف عليهم الحق، وقال لهم: سلام عليكم يا أهل الجنة، ويرونه عيانا، فهذا أجل ما يرد عليهم من المنح النفيسة في الجنة، إذ يدعون إلى حضرة قربه، ومشهد قدسه، وتنصب لهم منابر بين يديه، ويشاهدونه كما يشاهد أحدنا القمر ليلة البدر، وتتشنف أسماعهم بكلامه سبحانه- لهم، وقراءته عليهم، وتودده إليهم .

وقد روى الشافعي في مسنده حديثا في فضل يوم الجمعة، ذكر فيه: أن جبريل سمى يوم الجمعة يوم المزيد، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا جبريل، وما يوم المزيد؟ قال: إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح، فيه كثب المسك، فإذا كان يوم الجمعة، أنزل الله -تبارك وتعالى- ما شاء من الملائكة، وحوله منابر من نور، عليها مقاعد النبيين، وحفت تلك المنابر بمنابر من ذهب، مكللة بالياقوت، والزبرجد، عليها الشهداء، والصديقون، فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب، فيقول الله: أنا ربكم، قد صدقتم وعدي، فسلوني أعطيكم، فيقولون: ربنا نسألك رضوانك، فيقول: قد رضيت عنكم، ولكم علي ما تمنيتم، ولدي مزيد. فهم يحبون يوم الجمعة; لما يعطيهم فيه ربهم من الخير .

وروى أبو نعيم بسنده: إذا سكن أهل الجنة الجنة، أتاهم ملك، فيقول: إن الله يأمركم أن تزوروه، فيجتمعون، فيأمر الله تعالى داود -عليه السلام- فيرفع صوته بالتسبيح، والتهليل، ثم توضع مائدة الخلد، قالوا: يا رسول الله، وما مائدة الخلد؟ قال: زاوية من زواياها أوسع مما بين المشرق والمغرب، فيطعمون، ثم يسقون، ثم يكسون، فيقول: لم يبق إلا النظر في وجه ربنا -عز وجل-، فيتجلى لهم، فيخرون سجدا، فيقال لهم: لستم في دار عمل، إنما أنتم في دار جزاء .

(وقد ذكرنا حقيقتها في كتاب المحبة، وقد شهد لها الكتاب والسنة، على خلاف ما يعتقده أهل البدعة) من المعتزلة، والجهمية . أما أهل الكتاب: فقوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وقوله تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون أخبر فيه عن الكفار، أنهم محجوبون عن رؤيته، فدل على أن المؤمنين ينظرون إلى الله تعالى، وأنهم غير محجوبون عن رؤيته، وقوله تعالى: تحيتهم يوم يلقونه سلام ومعلوم أن اللقاء ههنا لا يكون إلا عن معاينة، يراهم الله، ويرونه، ويسلم عليهم، ويكلمهم، ويكلمونه، وغير ذلك .

وأما السنة: فقد أشار إليه بقوله: (قال جرير بن عبد الله البجلي) -يوسف هذه الأمة، رضي الله عنه-: (كنا جلوسا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأى القمر ليلة البدر) ، أي: ليلة تمامه، وكماله، وهي ليلة أربع عشرة من الشهر، (فقال: إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون) ، بضم الميم المشددة، ويروى بالتخفيف، (في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) ، هما صلاة الغداة، والعصر، (ثم قرأ: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، [ ص: 554 ] وهو مخرج في الصحيحين) ، وكذلك رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، ولفظ الجميع: سترون، ورواه الطبراني مختصرا، ولفظه: إنكم سترون ربكم يوم القيامة عيانا . قال الطبراني : ولفظة عيانا، زائدة، تفرد بها أبو شهاب الحناط، وهو حافظ متقن، من ثقات المسلمين .

وقال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في كتاب الشريعة، حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا وكيع ابن الجراح، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبى حازم، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة البدر، فقال: إنكم ستعرضون على ربكم -عز وجل- كما ترون هذا القمر، لا تضارون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا .

حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا روح، حدثنا شعبة، قال: سمعت إسماعيل ابن أبي خالد، سمعت قيس بن أبي حازم، سمعت جرير بن عبد الله، يقول: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة البدر فقال: إنكم سترون ربكم -عز وجل- كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، إن استطعتم أن لا تغلبوا على هاتين الصلاتين، قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، ثم تلا هذه الآية، وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها .

حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا عبدة بن عبد الله، حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة بن قدامة، عن بيان، عن قيس ابن أبي حازم، حدثنا جرير بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة البدر قال: ونظر إلى القمر، فقال: إنكم ترون ربكم -عز وجل- يوم القيامة كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته .

(وروى مسلم في الصحيح، عن صهيب) بن سنان -رضي الله عنه- (قال قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة، إن لكم موعدا يريد أن ينجزكموه، قالوا: ما هذا الموعد؟ ألم يثقل موازيننا؟ ويبيض وجوهنا؟ ويدخلنا الجنة؟ ويجرنا من النار؟ قال: فيرفع الحجاب، وينظرون إلى وجه الله -عز وجل- فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إليه ) .

ورواه كذلك الطيالسي، وهناد، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والدارقطني في الرؤية، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وعند بعضهم: فوالله ما أعطاهم شيأ أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقر لأعينهم. ورواه الآجري في الشريعة من طريق الطيالسي، وهناد، وعند هناد بعد قوله: من النظر إليه، وهي الزيادة، وعند الطيالسي، قال: فيتجلى لهم، فينظرون إليه .

(وقد روى حديث الرؤية جماعة من الصحابة) ، -رضوان الله عليهم- ومن بعدهم من الأتباع وأتباعهم، حتى وصل إلينا ذلك، وقبلها العلماء منهم أحسن القبول، كما قبلوا عنهم علم الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، وعلم الحلال والحرام، كذا قبلوا منهم الأخبار: أن المؤمنين يرون الله -عز وجل- لا يشكون في ذلك، ثم قالوا: من رد هذه الأخبار فقد كفر، قال الآجري في الشريعة: حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي، حدثنا محمد بن سليمان لوين، قال: قيل لسفيان بن عيينة : هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية؟ فقال: حق على ما سمعناها ممن نثق به .

وحدثنا جعفر بن محمد الصفدي، حدثنا الفضل بن زياد، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وبلغه عن رجل، أنه قال: إن الله -عز وجل- لا يرى في الآخرة، فغضب غضبا شديدا، ثم قال: من قال: إن الله -عز وجل- لا يرى في الآخرة فقد كفر، عليه لعنة الله، وغضبه، من كان من الناس، أليس الله -عز وجل- قال: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ؟ ورواه أبو داود، عن أحمد بن حنبل نحو ذلك، وقال أبو عبيد القاسم ابن سلام، وذكرت عنده أحاديث الرؤية: هذه عندنا حق، نقلها الناس بعضهم عن بعض .

(وهذه) أي: الرؤية (غاية الحسنى، ونهاية النعماء، وكل ما فصلناه من التنعم) لأهل الجنة في الجنة (عند هذه النعمة ينسى) ، ويترك، (وليس لسرور أهل الجنة عند سعادة اللقاء منتهى، بل لا نسبة لشيء من لذات الجنة إلى لذة اللقاء، وقد [ ص: 555 ] أوجزنا في الكلام ههنا; لما فصلناه في كتاب المحبة والرضا) ، فاكتفينا به، (فلا ينبغي أن تكون همة العبد من الجنة بشيء سوى لقاء المولى) -جل وعز-، (فأما سائر نعم الجنة، فإنه يشارك فيه البهيمة المسرحة في المرعى) .

ولنذكر من روى في إثبات الرؤية، واللقاء، والنظر إليه تعالى في الدار الآخرة للمؤمنين، من الصحابة، ومن بعدهم من أتباعهم، ومن جاء بعدهم من الأئمة، فاعلم أن أحاديث الرؤية رواها جملة من الصحابة -رضي الله عنهم-، جابر بن عبد الله، وصهيب بن سنان، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وأبو رزين العقيلي، وأبو موسى الأشعري، وابن عباس، وأنس بن مالك، وابن عمر، وعدي بن حاتم، وكعب بن عجرة، وأبي بن كعب، بحديث جابر، وصهيب، ذكره المصنف، واقتصر على الحديثين المذكورين; لكونهما في الصحيحين، وحديث أبي هريرة رواه الفريابي، وأبو بكر بن أبي داود، والآجري، وأبو الشيخ، وحديث أبي سعيد، وأبي رزين، رواهما أبو بكر بن أبي داود، والآجري، وحديث أبي موسى الأشعري رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، والدارقطني في الرؤية، وابن مردويه، وله سياق آخر سيأتي للمصنف في آخر الكتاب، وحديث ابن مسعود رواه الآجري، وحديث ابن عباس رواه أبو بكر بن داود، والآجري، وحديث أنس رواه الشافعي في المسند، وأبو الشيخ، وابن منده في الرد على الجهمية، والدارقطني، والآجري، وابن مردويه، والخطيب، وابن النجار، وحديث ابن عمر هو حديث النجوى، قد تقدم للمصنف، وحديث عدي بن حاتم تقدم للمصنف أيضا، وفي آخره: اتقوا النار ولو بشق تمرة. وحديث كعب عجرة رواه ابن جرير، وابن مردويه، واللالكائي في السنة، والبيهقي في كتاب الرؤية، وحديث أبي بن كعب رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، والدارقطني في الرؤية، وابن مردويه، واللالكائي ، والبيهقي .

وأما آثار الصحابة، فروي في ذلك عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال: في الآية: الحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله. رواه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن خزيمة، وابن المنذر، وأبو الشيخ، والدارقطني، وابن منده، وابن مردويه، واللالكائي ، والآجري، والبيهقي، كلهم من طريق عامر بن سعد البجلي، عنه، وعن علي -رضي الله عنه- مثل ذلك. رواه ابن مردويه، من طريق الحارث، عنه، وعن حذيفة -رضي الله عنه- مثل ذلك، رواه ابن أبي شيبة، وهناد، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، والدارقطني، واللالكائي ، والآجري، والبيهقي، من طريق مسلم بن نذير، عنه، وعن ابن عباس -رضي الله عنه- مثل ذلك، رواه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- مثل ذلك، رواه ابن أبي حاتم، واللالكائي .

وأما من بعدهم، فقد روي عن محمد ابن كعب القرظي، أنه قال في قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال: نضرها الله تعالى، وحسنها; للنظر إليه. رواه أبو بكر بن أبي داود، والآجري، من طريق موسى بن عبيدة، عنه. وقال الحسن البصري أي: نظرت إلى ربها -عز وجل- فنضرت لنوره. رواه أبو بكر بن أبي داود، من طريق المبارك، عنه. وقال عكرمة : تنظر إلى ربها -عز وجل- نظرا. رواه الآجري من طريق يزيد النحوي، عنه. وقال قتادة في الآية: الزيادة: النظر إلى وجه الله. رواه أبو الشيخ . ويروى عنه أنه قال: وأما الزيادة: فهي النظر إلى وجه الرحمن، قال: فيتجلى لهم حتى ينظروا إليه. رواه ابن جرير، والدارقطني .

وقال عامر بن سعد البجلي : الزيادة: النظر إلى وجه عز وجل. رواه ابن جرير، والدارقطني . وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : الزيادة: نظرهم إلى ربهم عز وجل. رواه ابن جرير، والدارقطني . وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثني مضر القاري، حدثنا عبد الواحد بن زيد، قال: سمعت الحسن، يقول: لو علم العابدون أنهم لا يرون ربهم -عز وجل- لذابت أنفسهم في الدنيا.

وروى الآجري، من طريق هشام بن حسان، عن الحسن، قال: إن الله -عز وجل- ليتجلى لأهل الجنة، فإذا رأوه أهل الجنة نسوا نعيم الجنة .

وروى أبو بكر بن أبي داود، من طريق عبد الله بن الحارث، عن كعب الأحبار، قال: ما نظر الله -عز وجل- إلى الجنة قط إلا قال: طيبي لأهلك، فزادت ضعفا على ما كانت، حتى يأتيها أهلها، وما من يوم كان لهم عيدا في الدنيا إلا يخرجون في مقداره في رياض الجنة، فيبرز لهم الرب -عز وجل- فينظرون إليه، وتسفي عليهم الريح بالمسك والطيب، ولا يسألون ربهم شيئا إلا أعطاهم... الحديث .

وقال أبو بكر بن أبي داود، حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب، قال: قال مالك بن أنس -رحمه الله-: الناس ينظرون إلى الله -عز وجل- يوم القيامة بأعينهم. وقال الآجري : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد [ ص: 556 ] الواسطي، حدثنا عبد الوهاب الوراق، قال: قلت للأسود بن سالم : هذه الآثار التي تروى في معاني النظر إلى الله عز وجل، ونحوها من الأخبار؟ فقال: نحلف عليها بالطلاق، والمشي، قال عبد الوهاب : معناه: نصدق بها .

وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا حنبل بن إسحق بن حنبل، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، يقول: قالت الجهمية : إن الله -عز وجل- لا يرى في الآخرة. وقال الله -عز وجل-: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ولا يكون هذا إلا أن الله -عز وجل- يرى. وقال -عز وجل-: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فهذا النظر إلى الله -عز وجل-، والأحاديث رويت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنكم سترون ربكم. بروايات صحيحة، وأسانيد غير مدفوعة، والقرآن شاهد أن الله -عز وجل- يرى في الآخرة. قال الآجري: فمن رغب عما كان عليه هؤلاء الأئمة، وخالف الكتاب والسنة، ورضي بقول جهم، وبشر المريسي، وأشباههم، فهو كافر بأمور كثيرة مما يجب عليه الإيمان به، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية