صفحة جزء
والخونجي المصنف في أسرار المنطق الذي سمى كتابه «كشف الأسرار» يقول لما حضره الموت: أموت ولم أعرف شيئا إلا أن الممكن يفتقر إلى الممتنع، ثم قال: الافتقار وصف سلبي، أموت ولم أعرف شيئا ـ حكاه عنه التلمساني، وذكر أنه سمعه منه وقت الموت.

ولهذا تجد أبا حامد ـ مع فرط ذكائه وتألهه، ومعرفته بالكلام والفلسفة، وسلوكه طريق الزهد والرياضة والتصوف ـ ينتهي في هذه المسائل إلى الوقف، ويحيل في آخر أمره على طريقة أهل الكشف، وإن كان بعد ذلك رجع إلى طريقة أهل الحديث، ومات وهو يشتغل في صحيح البخاري. [ ص: 163 ]

والحذاق يعلمون أن تلك الطريقة التي يحيل عليها لا توصل إلى المطلوب، ولهذا لما بنى على قول النفاة من سلك هذه الطريق، كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض وصاحب خلع النعلين والتلمساني وأمثالهم ـ وصلوا إلى ما يعلم فساده بالعقل والدين، مع دعواهم أنهم أئمة المحققين.

ولهذا تجد أبا حامد في مناظرته للفلاسفة إنما يبطل طرقهم ولا يثبت طريقة معينة، بل هو كما قال: نناظرهم ـ يعني مع كلام الأشعري ـ تارة بكلام المعتزلة، وتارة بكلام الكرامية، وتارة بطريق الواقفة، وهذه الطريق هي الغالب عليه في منتهى كلامه.

التالي السابق


الخدمات العلمية