صفحة جزء
[ ص: 14 ] وهنا مسائل تكلم الفقهاء فيها، فمن صلى ولم يتكلم بالشهادتين، أو أتى بغير ذلك من خصائص الإسلام ولم يتكلم بهما؟ والصحيح أنه يصير مسلما بكل ما هو من خصائص الإسلام.

فإن قال هؤلاء: يعني بكونه أول الواجبات: أنه أول ما يؤديه العبد من الواجبات؟

قيل: قد يؤدي قبل ذلك واجبات: من قضاء الديون، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، والعدل وغير ذلك.

فإن قيل: لكن هذا أول واجب يتعلق به الثواب في الآخرة، بخلاف ما أدي بدونه، فإنه لا ثواب فيه في الآخرة؟.

قيل: مع قولنا بأنه لا وجوب ولا ثواب في الآخرة إلا بالشرع، فلا يثاب لا على هذا وعلى هذا قبل مجيء الشرع، ولا يجب لا هذا ولا هذا إلا بالشرع، وإذا خاطب الشارع الناس، فإنما يأمر العبد ابتداء بما لم يؤده من الواجبات دون ما أداه. فلم يخاطب المشركين ابتداء بالمعرفة إذ كانوا مقرين بالصانع، وإنما أمرهم بالشهادتين، ولو لم يكونوا مقرين بالصانع، فإنه لم يأمرهم بإقرار مجرد عن الشهادتين، بل أمرهم بالشهادتين ابتداء. والشهادتان تتضمن المعرفة، [ ص: 15 ] فلو أقروا بالصانع وعرفوه من غير إقرار بالشهادتين لم يقبل ذلك منهم، ولم يخرجوا بذلك من الكفر، ولم يرتب خطابهم بذلك شيئا بعد شيء، بل خاطبهم بالجميع ابتداء.

التالي السابق


الخدمات العلمية